نجحت قمة جدة العربية بامتياز في تعظيم مشروع تصفير الأزمات ولم الشمل العربي التي تبنتها المملكة مبكراً لإنجاح القمة. التي أكد الخبراء العرب على تسميتها بقمة الانفراجات العربية نصاً وروحاً فضلاً عن تعضيد القرار العربي بعيداً عن التدخلات الأجنبية وفق سيادة القرار. وجاءت كلمة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في القمة لتحدد مسارات الحراك المستقبلي للدول العربية خصوصاً عندما قال: "نؤكد لدول الجوار، وللأصدقاء في الغرب والشرق، أننا ماضون للسلام والخير والتعاون والبناء، بما يحقق مصالح شعوبنا، ويصون حقوق أمتنا". وحظيت كلمة ولي العهد باهتمام بالغ وعناية وقراءة فاحصة من القادة والخبراء العرب؛ كونه شخص الحالة العربية بعين فاحصة خصوصاً عندما قال: "لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات، ويكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة، وعانت منها شعوبها وتعثرت بسببها مسيرة التنمية". وهنا عكس سمو ولي العهد بشفافية مطلقة الظروف الصعبة التي مرت الدول العربية نتيجة تدخلات القوى الغربية لإذكاء الحروب بالوكالة والفتن والاحترابات الداخلية برغبة عميقة في ترميم الحالة العربية وطي صفحة الصراعات واستعادة العرب دورهم في الإقليم لبناء علاقات صحية مع دول متاخمة وكذلك مع العالم، خصوصاً أن سمو ولي العهد استشعر بأن هناك وعياً بأهمية التضامن العربي في مواجهة التحديات الدولية، وبضرورة أن تكون المصالح العربية العليا فوق أي اعتبار، خصوصاً أن (إعلان جدة) الذي صدر عن القمة العربية في ختام أعمالها تناول معظم القضايا والأزمات التي يواجهها العالم العربي، بمشاركة كل الدول للمرة الأولى منذ 12 عاماً، بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ولهذا فإن أهمية انعقادها تتجاوز مضمون البيان إلى معنى ما تمثله هذه القمة من رمزية في مجرى ما يشهده العالم من تحولات وتحديات مصيرية. وأكد الخبراء أن نجاح القمة العربية في جدة جاء نتاج جهود كبيرة بذلتها المملكة، والتي ما فتئت تلعب دوراً ريادياً واستثنائياً في تعزيز العمل المشترك وتكامله، ويأتي ذلك من حرص الدولة الكبير على مواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية في مثل هذه الظروف الحساسة التي يمر بها العالم. المنطقة من ميادين الصراعات إلى تعظيم الشراكات وقال الخبراء: قمة جدة هي قمة الانفراجات والحلول النهائية.. لقد حقق السعي السعودي لكتابة بداية جديدة للعمل العربي المشترك نجاحاً باهراً ولكن الأمر يتطلب روحاً جديدة من جميع الدول، عمادها تعزيز سيادة الدول، ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها، والعمل بعد ذلك على تمتين الجبهة الداخلية لكل دولة، فمع دول مضطربة داخلياً سيتعذر خلق جبهة عربية موحدة تتصدى للتحديات العالمية، وتدافع عن مصالحها في عالم متغير ومتسارع التحولات. وأكد خبراء وإعلاميون عرب ل"الرياض" أن المملكة وضعت حجر الأساس للمشروع العربي الطموح، لتصفير الأزمات ومن مصلحة العرب الالتحاق به دون تردد. لقد أدهشت السياسة السعودية التفاعلية العالم التي قادها سمو ولي العهد بإقدامها على تحولات استراتيجية جريئة، تهدف لإنهاء حالة التوتر الإقليمي، وتوفير أرضية مشتركة للحوار، والنقاش الشفاف حول مصادر الخلاف والتوتر، والعمل على حلها عبر قاعدة تحقيق المصالح المشتركة. وضاعفت المملكة من جهودها الرامية إلى تفعيل العمل العربي المشترك إيماناً منها بأهمية هذه القضية في حاضر الأمة ومستقبلها، وتدرك أن تحقيق ذلك لن يتم إلا بالحوار، الذي يعد الخيار الأنجح والأنجع لصياغة علاقة متينة بين الدول العربية والعالم، والهدف بالتأكيد معالجة الأزمات، وتعزيز المصالح المشتركة. فيما قال خبراء مصريون: إن القمة العربية أرست مساراً جديداً في الفلسفة العربية وفتح صفحة جديدة من التقارب والوئام لم تشهدهما الدول العربية منذ سنوات، وأسّست مساراً أكبر تكمّل التطورات الإيجابية والتحولات التي تلاحقت في المنطقة في الفترة الأخيرة، بخطوات عملية عاجلة تبرّد أو تطفئ نقاط التوتر، وتعزز الواقع العربي بعلاقات وثيقة، وبعناصر التحصين أمام التحولات والتطورات الإقليمية والدولية، حيث تعول الشعوب العربية على العاطفة العربية التي أبديت تجاهه في القمة، وستترجم بحراك مكثف ما بعد القمة، سواء عربية أو غير عربية، تفتح الأفق على تفاهمات جديدة عربية إقليمية. وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد إعلان جدة على مركزية القضية الفلسطينية عربياً وعلى المبادرة العربية كسبيل لحلها، وكذلك التأكيد على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية كون هذه القضية تعتبر جوهر الصراع العربي الإسرائيلي ولا يمكن أن يكون سلاماً عادلاً وشاملاً في الشرق الأوسط إلا بحلها وفق المرجعيات الدولية. وحظي الملف السوداني باهتمام كبير حيث أكد إعلان جدة رفض أي تدخل خارجي في الشأن السوداني لتفادي تأجيج الصراع، واعتبار اجتماعات الفرقاء السودانيين في جدة خطوة يمكن البناء عليها لإنهاء الأزمة، والتأكيد على ضرورة التهدئة في السودان وتغليب لغة الحوار. وفيما يخص السودان؛ نأمل أن تكون لغة الحوار هي الأساس، للحفاظ على وحدة السودان، وأمن شعبه ومقدراته، وأوضح ولي العهد أن المملكة العربية السعودية ترحب بتوقيع طرفي النزاع على إعلان جدة، للالتزام بحماية المدنيين وتسهيل العمل الإنساني، ونأمل التركيز خلال المحادثات على وقف فعال لإطلاق النار، وتواصل المملكة بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي، بذل الجهود الإنسانية وتفعيل قنوات الإغاثة للشعب السوداني الشقيق.. قمة جدة تعد عنواناً يعكس أن العرب معًا في مواجهة التحديات وأن تعزيز الأمن العربي يجب أن يكون أولًا ووقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة، أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنما تفاقم معاناة الشعوب وتدمير منجزاتها، تحول دون تحقيق تطلعات مواطني دولنا وإن القضية الفلسطينية كانت ولا زالت هي قضية العرب والمسلمين المحورية، وتأتي على رأس أولويات سياسة المملكة الخارجية، خصوصاً أن المملكة لم تتوان أو تتأخر، في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق لاسترجاع أراضيه، واستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية، بحدود عام 1967م، وعاصمتها القدسالشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وغيرها من المرجعيات الدولية المتفق عليها، بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق. كما أولت القمة الأزمة اليمنية جل اهتمامها وانعكس ذلك في كلمة سمو ولي العهد عندما قال: "إن أشقاءكم في المملكة العربية السعودية، يكرسون جهودهم في دعم القضايا العربية، كما نعمل على مساعدة الأطراف اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية ووضعت كلمة ولي العهد مساراً استراتيجياً للقمة عندما ركز على نقاط جوهرية منها أن الرؤى والخطط القائمة على استثمار الموارد، والفرص، ومعالجة التحديات، قادرة على توطين التنمية، وتفعيل الإمكانات المتوفرة، واستثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تتكامل في تشييدها قدرات دولنا، مما يتطلب منا ترسيخ تضامننا وتعزيز ترابطنا ووحدتنا لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية. طي صفحة الماضي.. ورفض الهيمنة عدم التدخل في شؤون الآخرين؛ والالتزام بقيمنا وثقافتنا القائمة على الحوار والتسامح والانفتاح وعدم التدخل في شؤون الآخرين تحت أي ذريعة، مع التأكيد على احترامنا لقيم وثقافات الآخرين، واحترام سيادة واستقلال الدول وسلامة أراضيها واعتبار التنوع الثقافي إثراء لقيم التفاهم والعيش المشترك، والرفض القاطع لهيمنة ثقافات دون سواها، واستخدامها ذرائع للتدخل في الشؤون الداخلية لدولنا العربية والمحافظة على الهوية العربية والسعي لتعزيز المحافظة على ثقافتنا وهويتنا العربية الأصيلة لدى أبنائنا وبناتنا، وتكريس اعتزازهم بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الراسخة، وبذل كل جهد ممكن في سبيل إبراز موروثنا الحضاري والفكري ونشر ثقافتنا العريقة؛ لتكون جسراً للتواصل مع الثقافات الأخرى. وشمل إعلان جدة على استمرار تمسك الدول العربية بدعم المبادرة العربية لحل الدولتين والأزمات المستجدة في السودان وليبيا، والرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة، وتوحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي. أما في الشأن السوري، فقد شددت مسودة البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري. وكان هناك تأكيد على التضامن الكامل مع السودان في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد، ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات. وضمن تطورات الوضع في ليبيا، أكد البيان الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد. كما رحب إعلان جدة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين. الأمير محمد بن سلمان يبحث مع رئيس مصر سبل تعزيز العمل العربي المشترك ولي العهد يبحث مع الرئيس السوري المسائل المشتركة والجهود المبذولة بشأنها الأمير محمد بن سلمان يستعرض مع رئيس تونس الفرص الواعدة لتطويرها في مختلف المجالات ولي العهد يستعرض ورئيس الصومال علاقات التعاون بين البلدين وبحث المسائل ذات الاهتمام المشترك