الكل يعلم مدى حساسية حراسة المرمى، فهي لا تقبل أنصاف المواهب وأرباع المهارة، حارس المرمى بمثابة حجر الزاوية لمجهود الفريق، بدون حارس مرمى متمكن لن تستطيع أن تنافس ولو امتلكت أمهر اللاعبين. في موسم 1417ه استطاع محمد الدعيع إيصال فريقه الطائي لنهائي كأس ولي العهد رغم أن توليفة لاعبي الطائي لم تكن ضمن أفضل 3 فرق بالبطولة، لكن براعة الدعيع جعلت من فريقه طرفاً بالنهائي أمام الاتحاد، ولولا الحظ العاثر لكان الطائي بطلاً لتلك البطولة، وأثبت الدعيع أن الحارس الفذ يستطيع إيصال فريقه للمنصات. أتى الدعيع للهلال بعد 3 مواسم من ذاك النهائي، وكان حارس الهلال الأساسي حسن العتيبي الذي أصبح الحارس الثاني بعد قدوم عملاق الحراسة الدعيع، واستمر احتياطيا 13 موسماً حتى عاد لحراسة مرمى الهلال وتوج في موسم 2011 كأفضل حارس في دوري المحترفين، وكان من عوامل تتويج الهلال بالدوري في ذلك الموسم. لم يتسلل اليأس للقدير حسن العتيبي لثقته بقدراته وأنه يستطيع إثبات وجوده متى ما منح الفرصة، حتى أطلق عليه النقاد والمتابعين لقب (أيوب الكرة السعودية) مكافأة لصبره وعودته متألقاً. وليس دوماً يكون الصبر منقذاً ومحموداً للحارس في ظل وجود الأميز، فقد كان حارس الهلال الثالث بعد محمد الدعيع وحسن العتيبي الكابتن أحمد ضاري، الذي لا يقل براعة وموهبة عنهما، وقع مع الهلال قادماً من التعاون الذي كان في تلك الفترة يلعب في الدرجة الأولى، وكان قبلها انضم للمنتخب الأول في سابقة لم تحدث لحارس في الدرجة الأولى أن ينضم للمنتخب رغم عدم وجود محترفين أجانب في مركز الحراسة لأندية الممتاز. جلس أحمد ضاري قرابة ثمانية مواسم لم يشارك إلا في عدد قليل من المباريات في ظل تألق الدعيع حتى اعتزل في الهلال وافتقدت الكرة السعودية لموهبة كانت ستكون بارزة لو سنحت لها الفرصة. وحراسة الهلال مليئة بالقصص والروايات، ولا نستطيع أن نغفل عن ذكر الأبرز حالياً في مركز الحراسة عبدالله المعيوف أو (راعي المعروف) كما تحب أن تناديه جماهير الهلال. تتدرج المعيوف في الفئات السنية حتى صعد للفريق الأول ووجد أمامه العملاق الدعيع وحسن العتيبي، وفضل المعيوف الذهاب خارج أسوار الهلال لإيجاد فرصة له لإيمانه بموهبته وكان له ذلك. وقع مع النادي الأهلي ولعب أول مبارة له في دوري المحترفين وهو في عمر 22 سنة، وبعد أن قضى 9 مواسم حافلة مع القلعة الخضراء حقق مع الأهلي 9 بطولات ووصل لنهائي أبطال آسيا موسم 2012، وبعدها قرر العودة لبيته الأول الهلال موسم 2016 -2017، لعب جميع مباريات الدوري وتوج مع الهلال بذلك اللقب. وسُمح للأندية بالتعاقد مع محترفين أجانب موسم 2017-2018، ووقع الهلال مع الحارس العماني علي الحبسي قادماً من الدوري الإنجليزي، وعاد المعيوف احتياطياً، لكنه عاد أساسياً بعد انتهاء عقد الحبسي ليسطر أجمل الروايات مع الهلال وجماهيره، وأصبح المعيوف محفوراً بذاكرة الهلاليين وأحداث نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين أمام الوحدة خير دليل على بسالة عبدالله المعيوف. نعود لحدث يعيد لنا قصص صبر الحراس بعد أن ظننا أنها انتهت، استضاف التعاون الاتحاد في بريدة والاتحاد متعطش للنقاط الثلاث في ظل احتدام المنافسة مع النصر، ليباغت بهدف تعاوني أربك الفريق الاتحادي، وحتى استفاق الاتحاد مع بداية الشوط الثاني تفاجأ الاتحاديون بهدف ثانٍ زاد الطين بلة. عاد الاتحاد وسجل هدف تقليص الفارق، وبدأ يرتب أوراقه للعودة، وأحس الاتحاديون أن الحظ سوف يبتسم لهم عند خروج مايلسون حارس التعاون مصاباً ودخول البديل راغد النجار، لكن حدث العكس كان راغد على قدر الحدث ووقف شامخاً كشجرة صبار أمام عواصف الهجمات الاتحادية. انتهت المباراة بفوز التعاون، وكان الحدث الأبرز والسؤال الأهم من هو راغد النجار؟ ليظهر لنا في لقاء خالط حديثه عبرة فرح ونشوة انتصار، وتحدث أنه منذ الطفولة ينتظر هذه الفرصة، وأنه جاهد لهذه اللحظة ولم يتسلل اليأس لنفسه لثقته بقدراته، ليظهر بعدها في دربي القصيم بين التعاون والرائد ويثبت أن ما حدث في مبارة الاتحاد لم يكن ردة فعل. حافظ على تقدم فريقه رغم تعرضه للإصابة في أحد أصابع يده وأصر على الاستمرار والتضحية وكأنه قادم من أجيال فدائيي الملاعب الترابية، أظن الكرة السعودية عثرت على موهبة سعودية تحتاج الفرصة والثقة. وأتمنى من الكابتن راغد النجار أن يكون حسن العتيبي والمعيوف خير مثالين يحتذى بهما، وأن يجد مكاناً يبرز فيه موهبته إن كان في التعاون أو مع من يمنحه تلك الفرصة، فالكرة السعودية متعطشة للمواهب، وكأس أمم آسيا باتت قريبة. مصعب البصيلي