ينتظر القمة العربية - التي تُعقد فعالياتها في المملكة العربية السعودية 19 مايو 2023م الجاري – العديد من القضايا الشائكة التي ألقت بظلالها القاتمة على المشهدين السياسي والاقتصادي، فها نحن نعيش واقعاً مؤلماً في الشقيقة السودان؛ نتيجة الاقتتال بين فرقاء كانوا بالأمس قوة واحدة، واليوم وبعد مبادرات وجهود جبارة من المملكة، استطاعت أن تجمع الفرقاء على طاولة المفاوضات في جدة، آملة أن يضع الطرفان مصلحة بلدهم في مقدمة الأولويات؛ لأن المشهد العبثي ألقى بظلاله الكثيفة على أبناء البلد العربي الشقيق الذين يعانون التشرد وندرة الأغذية والأدوية والاحتياجات الضرورية اليومية، إضافة لقوافل النزوح الجماعي من كل الجنسيات على دول الجوار، خاصة وأن ملف الأمن الغذائي سيكون أولوية – كما أرى – فهناك تركيز من الدول العربية على الإنتاج الذاتي، وأن تفاهمات جادة بين الدول لدعم هذا التوجه، خاصة بين الدول ذات الملاءة المالية من جانب، والأخرى التي تمتلك مساحات زراعية وقدرة على الإنتاج، بما يخلق التكامل الغذائي عبر استثمارات عربية هامة، لذا تكمن أهمية القضية السودانية للعرب جميعاً، فالعالم منذ بداية جائحة كوفيد 19 يعيش أزمة تفاقمت تداعياتها خاصة على مستوى الأمن الغذائي، وهو ما دفع العديد من البلدان للعمل ضمن استراتيجية الأمن الغذائي، وتسعى الدول العربية لتنفيذ هذه الاستراتيجية عبر التعاون العربي-العربي، واستغلال الموارد العربية لمواجهة التداعيات الاقتصادية الكبرى، مع العمل على جذب استثمارات أجنبية قادرة على تحقيق أمن اجتماعي داخلي، من خلال خلق فرص عمل، وتوطين صناعات تقنية، والاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر؛ لمواجهة أزمات الطاقة التي لا تنقطع. وهناك ملف أدارته المملكة بحنكة كبيرة استطاعت أن توحّد الرؤى نحو إعادة الشقيقة سوريا إلى القمة العربية، مع الدعوة للحفاظ على مقدراتها ووحدة أراضيها، وأن تصبح سوريا للسوريين فقط. وستتجه الأنظار إقليميا ودولياً للاتفاق الذي وقع برعاية الصين بين الرياض وطهران، وما يترتب عليه من عوامل استقرار أمني، يتبعها نمو اقتصادي بحضور صيني كبير ومشاركة عربية فاعلة، إضافة لعودة الوفود الدبلوماسية بين الدولتين، حيث أصبح محور الاستقرار الأمني هو المحور الحاكم الذي تركز عليه القمة، في إطار السعي لمرحلة النمو الاقتصادي التي تتأسس على الاستقرار الأمني وحل الخلافات والقضايا في الدول العربية. ومن التحديات، يتمثل في قدرة العرب على التكيف مع المشهد العالمي الجديد، الآخذ بالتشكيل، على ضوء قمة فلاديمير بوتين وتشي جين بينغ، واستمرار الأزمة الأوكرانية، وضعف أوروبا الغربية، والأزمة العميقة في القضية الفلسطينية، وما تشهده من تقلبات خلال الساعة الواحدة في وجود حكومات صهيونية يصفها حلفاؤها بالتطرف المفرط، ونتيجة ذلك على أمن المنطقة واستقرارها، في ظل غياب دولي يغض الطرف على الممارسات الإسرائيلية التي تبتلع الأراضي العربية، وتزيد الخناق على الشعب الفلسطيني المحتل، الشعب الوحيد في العالم الذي تظل أراضيه محتلة مستباحة، إن تلك القضايا تفرض على القمة إنتاج مصطلح الأمن القومي العربي.