كان لانخفاض أسعار النفط الخام العالمية في الربع الأول من عام 2023، مدفوعة بشكل أساس بالأحداث الاقتصادية العالمية التي أسهمت في تقلبات سوق النفط، دور مؤثر في تراجع النتائج المالية لعملاقة الطاقة، وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم، شركة أرامكو السعودية، للربع الأول 2023، البالغة 119.54 مليار ريال، منخفضة بنسبة 19.25 % مقارنة بالربع المماثل 2022 والتي بلغت 148.03 مليار ريال. ومع ذلك، إلا أنها ارتفعت بأكثر من 4 مليارات ريال عن الربع السابق البالغة 115.22 مليار ريال بزيادة بنسبة 3.75 %. وعزت أرامكو هذه الزيادة بشكل أساس إلى انخفاض ضرائب الدخل والزكاة وانخفاض التكاليف التشغيلية وارتفاع دخل التمويل والدخل الآخر. وقد قابل ذلك جزئيًا انخفاض أسعار النفط الخام. لكن ترى شركة أرامكو السعودية بأنها تتمتع بمميزات قوية تمكنها من التغلب على تقلبات الأسعار من خلال التكلفة المنخفضة للإنتاج في قطاع التنقيب والإنتاج والتكامل الإستراتيجي مع قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، والاستمرار في تحقيق أرباح وتدفقات نقدية قوية. وترى أرامكو السعودية أن النفط والغاز سيظلان يشكلان جزءا مهما من مزيج الطاقة العالمي خلال المستقبل المنظور، وتعتزم الشركة زيادة الاستثمار لاقتناص فرص النمو الفريدة وتحقيق القيمة للمساهمين على المدى البعيد. وخلال هذا الربع بلغت النفقات الرأسمالية 32,8 مليار ريال (8,7 مليارات دولار). وكجزء من إطارها المالي القوي، تواصل أرامكو السعودية تحسين تكاليف التمويل والمحافظة على تصنيفها الائتماني المرتفع، من خلال إستراتيجية توجيه التدفقات النقدية نحو خفض المديونية في قائمة مركزها المالي، وفي مارس 2023، سددت الشركة دفعة مقدمة جزئية ثالثة من المقابل المادي المؤجل المتعلق بصفقة الاستحواذ على سابك بلغت قيمتها 59,0 مليار ريال (15,7 مليار دولار). وقد أدى هذا السداد الجزئي المقدم إلى انخفاض مبالغ السندات لأمر الأصيلة بما مجموعه 49,1 مليار ريال (13,1 مليار دولار). وقد نتج عن ذلك انخفاض في مجموع القروض والنقد وما يماثله وتحقيق مكاسب قدرها 4.6 مليارات ريال (1.2 مليار دولار) خلال هذا الربع. بالإضافة إلى ذلك، قامت أرامكو السعودية في مايو بسداد دفعة مقدمة نهائية بقيمة 16.7 مليار ريال (4.5 مليارات دولار) من أجل التخفيض الكامل للمبالغ القائمة من السندات لأمر المستحقة الدفع، ونتج عن ذلك تسوية لكامل المقابل المادي المؤجل المتعلق بصفقة الاستحواذ على سابك. وفي 16 أبريل 2023، أعلنت الحكومة عن نقل 4 % من أسهمها المملوكة في أرامكو السعودية إلى سنابل للاستثمار. ولن يؤثر هذا النقل الخاص على إجمالي عدد الأسهم ألسهم المصدرة من الشركة، وليس له أي تأثير على أعمال الشركة، أو إستراتيجيتها، أو سياسة توزيع الأرباح أو إطار الحوكمة فيها. وتظل الحكومة المساهم الأكبر في الشركة. وقال الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة أرامكو السعودية م. أمين بن حسن الناصر تعكس النتائج الموثوقية العالية المستمرة لأرامكو السعودية، والتركيز على التكلفة والقدرة على الاستجابة لظروف السوق. وقال "لقد قمنا بتحقيق تدفقات نقدية قوية مع تعزيز المركز المالي للشركة بشكل أكبر، وتعزيزا لالتزامنا بتعظيم قيمة المساهمين على المدى البعيد، نعلن أيضا عن نيتنا اعتماد آلية لتوزيع أرباح مرتبطة بالأداء، بالإضافة إلى الأرباح الأساسية التي توزعها الشركة حاليا". وقال الناصر "إستراتيجيتنا للنمو تمضي على المسار الصحيح، وقد أحرزنا تقدما كبيراً في التوسع الإستراتيجي لأعمال أرامكو السعودية بقطاع التكرير والكيميائيات والتسويق خلال الربع الأول، حيث أعلنا عن استحواذ رئيس في الولاياتالمتحدة الأميركية، بالإضافة إلى استثمارات وشراكات مهمة في الصين وكوريا الجنوبية". وتكتسب إستراتيجية أرامكو العالمية في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق زخما كبير، حيث تستفيد فيه من التقنيات المتطورة لزيادة قدرتها على تحويل السوائل إلى كيميائيات، وتلبية الطلب المتوقع على المنتجات البتروكيميائية. كما أن الشركة تمضي قدما في توسيع قدراتها، وتظل توقعاتها على المدى الطويل دون تغيير. وقال الناصر هدفنا هو أن نبقى مورداً رائداً وموثوقا للطاقة والكيميائيات، مع القدرة على تقديم حلول طاقة أكثر استدامة، وأن ندعم الجهود المبذولة لتحقيق تحو للطاقة. ومن خلال العمل على تقليل الانبعاثات الكربونية في أعمالنا، وإضافة خيارات طاقة جديدة منخفضة الكربون إلى محفظتنا، فنحن متفائلون للغاية بشأن الإسهامات التي سنقدمها". ومن أهم العوامل المؤثرة على نتائج أرامكو السعودية المالية، تتأثر نتائج أعمال أرامكو السعودية وتدفقاتها النقدية في المقام الأول بأسعار المواد الهيدروكربونية والمنتجات المكررة والكيميائيات في السوق والكميات المبيعة منها. وأدى انخفاض نمو الطلب العالمي على المنتجات البترولية في الربع الأول من عام 2023، إلى انخفاض أسعار بيع المواد الهيدروكربونية مع استمرار الضغوط على هوامش أرباح الكيميائيات، مقارنة بالفترة نفسها من 2022. سجل حافل للتنقيب والإنتاج وفي قطاع التنقيب والإنتاج واصلت أرامكو السعودية المحافظة على سجلها الحافل في الأعمال بكفاءة وموثوقية، حيث بلغ إجمالي إنتاجها من المواد الهيدروكربونية 12,8 مليون برميل مكافئ نفطي في اليوم خلال الربع الأول لعام 2023. ولا تزال تلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز تمثل أولوية إستراتيجية لأرامكو السعودية، حيث نجحت الشركة في تطوير العديد من مشاريع الغاز خلال هذا الربع. وفي أهم التطورات في قطاع التنقيب والإنتاج، استمرار مشاريع ضغط الغاز في حقلي حرض والحوية في إحراز تقدم فيما يتعلق بأعمال بدء التشغيل، ومن المتوقع بدء الإنتاج الأولي وتحقيق الطاقة التشغيلية الكاملة خلال العام الحالي. كما تم إحراز تقدم على صعيد بدء تشغيل مشروع توسعة معمل الغاز في الحوية، في إطار برنامج زيادة إنتاج الغاز في حرض، ومن المتوقع بدء الإنتاج خلال العام الحالي. التكرير والكيميائيات وفي قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق تواصل أرامكو السعودية تعزيز جهودها لتطوير أعمالها في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق في المناطق الجغرافية الرئيسة التي تشهد نمواً مرتفعاً وتسهيل تزويد المصافي المملوكة بالكامل والتابعة لها بالنفط الخام، وتحقيق قيمة إضافية في مختلف مراحل سلسلة المواد الهيدروكربونية. وفي الربع الأول من العام، واصلت الشركة المحافظة على سجلها الحافل في مجال الموثوقية، حيث بلغت نسبة موثوقية الإمدادات 99,7 %. كما تم استخدام نحو 45 % من إنتاج أرامكو السعودية من النفط الخام في عمليات قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق. وفي أهم التطورات في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، تم وضع حجر الأساس في مارس لمجمع ضخم ومتكامل يضم مصفاة ومعمل بتروكيميائيات، ويجري تطوير المجمع من قبل شركة هواجين أرامكو للبتروكيميائيات (هابكو) وهي مشروع مشترك بين أرامكو السعودية 30 % وشركة مجموعة شمال هواجين للصناعات الكيماوية 51 %، ومجموعة بانجين شينتشنغ الصناعية المحدودة 19 %. وسيشمل هذا المجمع على مصفاة بطاقة تكريرية تبلغ 300 ألف برميل في اليوم ووحدات للبتروكيميائيات، وتمتلك أرامكو السعودية الحق لتوريد ما يصل إلى 210 آلاف برميل في اليوم من النفط الخام كلقيم للمجمع. وذلك لتطوير إستراتيجية أرامكو السعودية في تحويل السوائل إلى كيميائيات، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله بالكامل بحلول عام 2026. وأقيمت في مارس أيضا، احتفالية أخرى لوضع حجر أساس آخر لأحد مشاريع أرامكو السعودية لتطوير واحدة من أكبر المصافي المتكاملة في العالم من خلال وحدات التكسير البخارية للبتروكيميائيات المتكاملة وذلك من قبل شركة إس-أويل التابعة لها. ومن المخطط أن تصل طاقته الإنتاجية السنوية إلى 2.3 مليون طن سنوياً، ويتماشى المشروع الذي تبلغ قيمته 26,3 مليار ريال مع إستراتيجية أرامكو السعودية لتحقيق أقصى قيمة من تحويل النفط الخام إلى كيميائيات. وأعلنت أرامكو انها تعتزم اعتماد آلية لتوزيع أرباح مرتبطة بالأداء، وذلك بالإضافة إلى الأرباح الأساسية المستدامة والمتزايدة التي تقوم الشركة بتوزيعها حاليًا والتي تنوي المحافظة عليها. وتستهدف الشركة أن تبلغ تلك الأرباح المرتبطة بالأداء ما نسبته 50 % إلى 70 % من التدفقات النقدية الحرة السنوية لمجموعة أرامكو السعودية، وذلك بعد خصم توزيعات الأرباح الأساسية وأي مبالغ أخرى بما فيها الاستثمارات الخارجية؛ وسيتم تحديد هذه الأرباح مع النتائج السنوية. علمًا بأن قرار توزيع أي أرباح، بما في ذلك الأرباح المرتبطة بالأداء، خاضع لتقدير مجلس الإدارة المطلق بعد الأخذ بعين الاعتبار المركز المالي للشركة وقدرتها على تمويل التزاماتها بما يشمل خطط النمو الرأسمالي، ووفقًا لسياسة الشركة لتوزيع الأرباح. ويُعتزم توزيع الأرباح المرتبطة بالأداء بشكل ربعي. في غضون ذلك، تعمل الاستثمارات الكبرى على تعزيز التوسع الإستراتيجي لقطاع التكرير والكيميائيات والتسويق في الأسواق العالمية الرئيسة ومن المتوقع أن تؤدي اتفاقيات برنامج اكتفاء التي تقدر قيمتها بنحو 27,0 مليار ريال إلى تعزيز كفاءة سلسلة التوريد الاتفاق مع شركة "ليندا إنجينيرنغ" لتطوير تقنية جديدة لتكسير الأمونيا تدعم التقدم في حلول الطاقة منخفضة الكربون وقد حافظت أرامكو السعودية على تركيزها لتحقيق القيمة للمساهمين عبر دورات الأعمال، حيث أعلنت عن توزيع أرباح نقدية بقيمة 73,2 مليار ريال (19.5 مليار دولار) عن الربع الأول. وبالإضافة إلى الأرباح الأساسية المستدامة والمتزايدة التي تقوم الشركة بتوزيعها حالياً والتي تنوي المحافظة عليها. ووافقت الجمعية العامة غير العادية في 8 مايو 2023، على توصية مجلس الإدارة بزيادة رأس مال الشركة من خلال رسملة 15 مليار ريال من الأرباح المبقاة لدعم توزيع أسهم منحة على المساهمين المؤهلين بواقع سهم واحد لكل عشرة أسهم مملوكة. وقد أدى ذلك إلى زيادة الأسهم العادية المصدرة من 220 مليار سهم إلى 242 مليار سهم. ولم تغفل شركة أرامكو السعودية مسألة الاستدامة في أعمالها، ويضم إطار عمل الاستدامة في أرامكو السعودية العديد من العناصر الحيوية، ومن أهمها توطين سلسلة التوريد وتعزيزها، والمساهمة في التنمية الاقتصادية للمملكة، واستكشاف حلول منخفضة الكربون، وخلال هذا الربع اتخذت أرامكو السعودية خطوات مهمة نحو هذه الأهداف. حيث قامت الشركة خلال النسخة السابعة لمنتدى ومعرض برنامج تعزيز القيمة المضافة الاجمالية لقطاع التوريد في المملكة (اكتفاء) الذي أقيم في يناير بتوقيع أكثر من 100 اتفاقية ومذكرة تفاهم بنحو 27,0 مليار ريال للمساعدة في إيجاد قطاع صناعي متنوع ومستدام وقادر على المنافسة. وتسعى الشركة من خلال برنامج اكتفاء عالمي لتعزيز مرونة سلسلة التوريد لديها كما تستهدف ضمان توفر المزيد من المنتجات والخدمات التي تعتمد عليها في المملكة. وفي مارس، وقعت أرامكو السعودية اتفاقية إطار عمل مع مركز برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص (شريك) في المملكة، حيث تدعم هذه الاتفاقية جهود أرامكو السعودية لتعزيز الأعمال الجديدة في المملكة والمساهمة في تنميتها الاقتصادية. ويهدف مركز برنامج (شريك) إلى تسريع نمو فرص الأعمال داخل المملكة العربية السعودية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030. وترى أرامكو السعودية أن الأمونيا، باعتبارها وسيطا سهم ناقل للهيدروجين الأزرق، قد توفر إمكانات في التحول إلى مسارات الطاقة منخفضة الأثر، وتستثمر الشركة في الأبحاث بهدف استكشاف تقنيات تكسير الأمونيا الفاعلة. وفي مارس، وقعت أرامكو السعودية وشركة ليندا إنجينيرنغ اتفاقية لبناء معمل تجريبي في شمال ألمانيا لاختبار تقنية جديدة لتكسير الأمونيا طورتها أرامكو السعودية بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وتجمع الاتفاقية بين قدرات البحث والتطوير الصناعية لأرامكو السعودية وشركة ليندا إنجينيرنغ وتعكس طموح أرامكو السعودية في إنشاء سلسلة توريد هيدروجين منخفضة الكربون قابلة للتطبيق تجارياً. ومع طموح أرامكو السعودية للنمو وتماشي والتقدم في إستراتيجيتها لتحويل السوائل إلى كيميائيات. وقعت أرامكو السعودية اتفاقيات نهائية للاستحواذ على حصة بنسبة 10 % في شركة رونغشنغ للبتروكيميائيات المحدودة بنحو 13,5 مليار ريال، ومن المتوقع أن يدعم هذا المشروع إستراتيجية أرامكو السعودية على التوسع بشكل كبير في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق في الصين، وتمتلك أرامكو السعودية حق توريد نحو 480 ألف برميل في اليوم من النفط الخام لشركة جيجيانغ للنفط والبتروكيميائيات المحدودة وفق اتفاقية مبيعات طويلة ً الأجل. وفي مارس، أكملت أرامكو السعودية صفقة الاستحواذ على أعمال المنتجات العالمية لشركة فالفولين بنحو 10,35 مليارات ريال متضمنة التعديلات المعتادة. ومن المنتظر أن تسهم هذه الصفقة في تعزيز خط إنتاج زيوت التشحيم عالية الجودة التي تحمل العلامة التجارية المميزة لأرامكو السعودية وفي تحسين قدراتها العالمية في إنتاج زيوت الأساس وتوسيع أنشطة البحث والتطوير لدى أرامكو السعودية وشراكاتها مع الشركات المصنعة للمعدات الأصلية. م. أمين الناصر