أطلق ولي العهد، -حفظه الله-، قبل أسبوع ونيف مبادرة إنشاء أربع مناطق اقتصادية خاصة. وهذه المناطق تحتل مواقع استراتيجية مهمة في الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية شمال مدينة جدة. وتعتبر هذه المبادرة هي المرحلة الأولى من برنامج طويل المدى يستهدف جذب الشركات الدولية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، من أجل تعزيز نمو القطاعات النوعية المستقبلية بالاعتماد على المزايا النسبية التي تتمتع بها مختلف مناطق المملكة. ولذلك فسوف تقدم حوافز مغرية لرؤوس الأموال الأجنبية للتدفق على بلدنا، أهمها الضرائب المنخفضة، وإعفاءات الواردات ومدخلات الإنتاج والآلات والمواد الخام من الرسوم الجمركية، والسماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100 %، والقدرة على استقطاب أفضل الموارد البشرية العالمية. ونحن لسنا الوحيدين في هذا الشأن، ففي العالم توجد نحو 4300 منطقة اقتصادية خاصة، موزعة على 130 بلدا في العالم. ولهذا يمكننا الاستفادة من التجارب الناجحة في مختلف بلدان العالم، واختصار الطريق الذي نحتاجه لتحقيق رؤية 2030. فنحن تمكنا خلال الفترة الماضية، أي خلال الفترة الواقعة من عام 2016 وحتى الآن، أي خلال 7 أعوام من رفع الناتج المحلي الإجمالي من 650 مليار دولار إلى 1.7 تريليون دولار. وهذا يعني إنه تضاعف 2.6 مرة تقريباً. ولذلك فإنه بحلول 2030 ، أي بعد 7 أعوام من المتوقع أن يتضاعف إلى أكثر من 5 مرات و يتجاوزاً الهدف الموضوع وهو 3 مرات. إن المملكة، بالاعتماد على التجربة العالمية سوف تتغير بشكل كبير بعد 7 أعوام من الآن. فالكثير من المبادرات التي طرحها ولي العهد، وهي كثيرة، ومن ضمنها المناطق الاقتصادية الخاصة سوف تؤدي إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى نحو 20 ضعفاً بحلول عام 2030، وذلك ضمن رؤية المملكة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. وعلى هذا الأساس، فسوف نشهد خلال الفترة القادمة ارتفاع نسبة الاقتصاد غير النفطي وزيادة وزن القطاع الخاص إلى نحو 65 % من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا سيؤثر على ميزان المدفوعات والمتحصلات من الصادرات غير النفطية التي سوف ترتفع نسبتها من 15 ٪ إلى 50 ٪ من إجمالي الصادرات. إن بلدنا فيما مضى قد تمكن من إحداث تغيرات في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هذه التغيرات لم تكن أساسية فمثلما كنا معتمدين على النفط استمرينا، وبقينا رهن تقلبات العرض والطلب على النفط في الأسواق العالمية. وهذا حال بيننا وبين تحقيق التنمية والنمو المستدام. أما الآن، فإن التغيرات جذرية، ولذلك، فإنها ولأول مرة سوف تنعكس على ميزان المدفوعات والمتحصلات من العملة الأجنبية التي كان النفط في السابق هو المصدر شبه الوحيد لها.