قتل 56 مدنيا خلال 24 ساعة في المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع المستمرة الأحد لليوم الثاني في الخرطوم فيما قتل ثلاثة عاملين في برنامج الأغذية العالمي في إقليم دارفور بحسب الأممالمتحدة، وسط صراع على السلطة بين الجنرالين اللذين يقودان السودان منذ انقلاب 2021. وعصر الأحد، أعلن الجيش وقوات الدعم السريع في بيانين منفصلين أنه تم الاتفاق على مقترح للأمم المتحدة بفتح "مسارات آمنة للحالات الانسانية" لمدة ثلاث ساعات. وأوضح بيان الجيش أن هذه المسارات ستفتح لثلاث ساعات ابتداء من الرابعة بعد الظهر (14,00 ت غ) الاحد. وعقد كل من مجلس السلم والأمن الافريقي وجامعة الدول العربية عن عقد اجتماعين طارئين الأحد بشأن السودان. وقرر رئيس المفوضية الافريقية موسى فقي محمد التوجه "فورا" إلى السودان، بحسب ما أفاد بيان رسمي، "للتحدث مع الطرفين بشأن وقف إطلاق النار". أما في اجتماع الجامعة العربية، الذي عُقد بطلب من القاهرة والرياض وهما حليفان رئيسيان للجيش السوداني، أكد القائم بأعمال سفارة السودان لدى مصر الصادق عمر عبد الله أن "ما يحدث في السودان شأن داخلي غير ان جهود الدول العربية الشقيقة مطلوبة للمساعدة في تهدئة الأحوال بالبلاد". وتابع "نطلب من هذا الاجتماع التأكيد علي هذا الأمر والتوصية بترك الأمر للسودانيين لإنجاز التسوية فيما بينهم بعيدا عن التدخلات الدولية". وتضاعفت دعوات المجتمع الدولي إلى وقف القتال، وصدرت آخرها عن الصين الأحد. تحول التوتر بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي"، إلى مواجهات عنيفة السبت، بعد تصعيد في الخلافات السياسية في الأسابيع الأخيرة. وتستخدم كل أنواع الأسلحة من بنادق ومدفعية وطائرات مقاتلة، في هذه المعارك التي تشهدها العاصمة وعدد من المدن الأخرى في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة وتعد من بين أفقر دول العالم. ويؤكد أحمد حامد الشاب السوداني البالغ من العمر 34 عاما، من إحدى ضواحي الخرطوم "تواصل اطلاق النار والانفجارات". وقال أحمد سيف الذي يعيش مع زوجته وأولاده الثلاثة في شرق الخرطوم، لوكالة فرانس برس "كانت ليلة صعبة جدا. لم ننَم بسبب دوي الانفجارات وطلقات الرصاص". وهو يعتقد أنّ مبناه أصيب في القصف، لكنّه يقول إنّه "يخشى الخروج لتفقّده" في وقت يُسمع أزيز الرصاص الطائش ويجول رجال مسلحون يرتدون الزي العسكري في شوارع العاصمة الخالية من المدنيين، فيما تتصاعد أعمدة الدخان منذ السبت من وسط المدينة حيث توجد المؤسسات الرئيسية. .الأحد، كان دوي القصف يُسمع في شوارع الخرطوم المهجورة التي انتشرت فيها رائحة البارود القوية. وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، لا يتوقّف الأطباء عن طلب المساعدة والممرّات الآمنة لسيارات الإسعاف ووقف إطلاق النار لعلاج المصابين. وكان الجيش أعلن مساء السبت عبر فيسبوك أنّ "القوات الجوية السودانية ستقوم بعملية مسح كامل لمناطق تواجد ميليشيا الدعم السريع المتمرّدة"، موضحا أنّه يطلب من "المواطنين الالتزام بالبقاء في المنازل وعدم الخروج". وتحدث شهود عيان عن معارك بالأسلحة الثقيلة بين الجيش والقوات شبه العسكرية في الضواحي الشمالية للعاصمة، وكذلك في جنوبالخرطوم. * قصف مدفعي - كذلك، تحدث شهود عيان عن قصف مدفعي في كسلا الواقعة على الساحل الشرقي. وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية، المنظمة المستقلة والمؤيدة للديموقراطية، فإنّ "إجمالي القتلى المدنيين بلغ 56" أكثر من نصفهم في الخرطوم وضواحيها، بينما لقي "عشرات" الجنود وعناصر القوات شبه العسكرية حتفهم. بالإضافة إلى ذلك، أصيب حوالى 600 شخص بجروح. من جهة أخرى قتل السبت ثلاثة عاملين في برنامج الأغذية العالمي في إقليم دارفور بغرب السودان، بحسب ما أعلن الممثل الخاص للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرثيس الذي "أدان بشدة الهجوم على موظفي الأممالمتحدة" ومنشآت المنظمات الانسانية في دارفور. وقال بيان صادر عن مكتب فولكر إن الموظفين الأمميين الثلاثة قتلوا في اشتباكات وقعت في كبكابيه بشمال دارفور "أثناء قيامهم بواجبهم". وأكد البيان أن برنامج الأغذية العالمي قرر تعليق عمله في السودان بسبب الأوضاع الراهنة. حالت الخلافات بين العسكريين دون الحلّ السياسي في البلد الذي مزقته الحرب لعقود ويحاول منذ العام 2019 تنظيم أول انتخابات حرّة بعد 30 عاماً من الديكتاتورية العسكرية الإسلامية. ومن المستحيل في هذه الحالة معرفة مناطق سيطرة كل جهة. ذكرت قوات الدعم السريع التي تضم آلاف المقاتلين السابقين في حرب دارفور الذي تحولوا إلى قوة رديفة للجيش، أنها تسيطر على المقر الرئاسي ومطار الخرطوم وبنى تحتية أساسية أخرى. وفي حين ينفي الجيش سيطرتها على المطار، غير أنه اعترف بأنّ قوات الدعم السريع أحرقت "طائرتين مدنيتين بينها واحدة تابعة للخطوط الجوية السعودية". أما التلفزيون الحكومي الذي يبث أغاني وطنية من دون أي تعليق على الأحداث، كما حدث أثناء الانقلاب، فإنّ كلا الجانبين يؤكد أنّه استولى عليه. وفي المناطق المحيطة به، أفاد سكان عن استمرار القتال. ولأن الحرب بين الجنرالَين إعلامية أيضاً، فقد تحدث حميدتي السبت عبر قنوات عدد من دول الخليج التي يعدّ حليفاً لبعضها، مضاعِفاً التهديدات ضدّ خصمه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي لم يظهر حتى الآن. وواصل حميدتي مطالبته برحيل "البرهان المجرم"، فيما نشر الجيش عبر حسابه على فيسبوك مذكرة للقبض على حميدتي. في هذه الأثناء، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "وقفا فوريا للعنف"، في اتصالات أجراها مع البرهان ودقلو وكذلك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ومن جهته أكد البابا فرنسيس أنّه "يتابع بقلق الأحداث في السودان .. وأدعو للصلاة من أجل التخلي عن الأسلحة وأن يسود الحوار لاستئناف طريق السلام".