الوزارة اليوم هي الأب الروحي لكل الأندية وراية المشهد الرياضي الحالي مهما حاولوا إخفاء ذلك، تسدد الديون، وتستقطب النجوم، وتصدر الرخص الآسيوية، ولم يبق إلا أن تتكفل بمواصلات وتذاكر الجماهير. حين تشاهد هذه الخطوات مقابل كوارث العمل الإداري وعمل إدارات الأندية تصيبك صدمة المشهد المتناقض وتستحضر دهشة المثل «اللي معاه قرش ومحيره، يشتري طير ويطيره». فالاتحاد على سبيل المثال يعلن ولادة الرخصة الآسيوية بعد عملية قيصرية، في الوقت نفسه يصدر الحكم لصالح بريجوفيتش بمبلغ 40 مليون واجبة السداد حتى يتسنى للاتحاد التسجيل ليعود النادي لتحمل تبعات قضية جديدة. في حين يحصل جاره الهابط على هاتريك إيقاف رغم الضخ الملاييني من الوزارة، ولسان حال إداراته يقول «مازال للإنجاز بقية». في الجانب الملياري يفوز الحارس الفرعوني بالقضية الكبرى ويقبض الملايين دون أن يلبس التيشرت، وينتظر الهلال انقضاء الموسم ليعود لساحة التعاقدات التي غاب عنها بسبب تجاهل لاعبه قبل العودة للتوقيع معه رغم انتقاله، ومازال يبحث عن طريقة للتخلص من بيريرا. كل هذه العقوبات والعبث ومازالت الوزارة تضخ المليارات للأندية، وتسعى جاهدة لاستقطاب الأسماء العالمية، لكنها عاجزة على تحسين المشهد الإداري. كوارث الإدارات وسمسرة الوكلاء ورشاوى الرؤساء «كما صرح رئيس الطائي»، وتعاقدات متواضعة بمبالغ فلكية، وفسخ عقود لأسباب غير مشروعة، وانتظار الدعم المالي من الوزارة لسداد ما يمكن سداده وتأجيل ما يمكن تأجيله، ودائرة تدور في هذا الفلك والنتيجة ملايين مهدرة وقضايا مستمرة وأندية تبحث عن الخلاص من عدوها الحقيقي المتمثل في إداراتها. متى يستيقظ الشارع الرياضي على خبر تحويل رئيس نادٍ للتحقيق والقبض على وكيل لاعبين بسبب الرشوة، ومحاسبة مدير احتراف لتلاعبه بالعقود، وإيقاف لاعب بسبب التحايل على العقد، والكثير من الإجراءات التي تمر مرور الكرام أمام أعين اللجان ولا يقع ضحيتها إلا الكيانات الرياضية. الوزارة التي تدعم الأندية مطالبة اليوم بفرض الرقابة على هذه الكيانات، فالدعم ليس كل شيء، شروط رئاسة الأندية الحالية ليست كافية لاختيار الرئيس الأمثل، ونظام التصويت والقدرة على شراء الأصوات والفوز بأي انتخابات ليس الطريقة المثالية للارتقاء بإدارات الأندية، والسير بخطى متسارعة لتطوير المنظومة الرياضية لن يكتمل والأندية تدار بهذا الفكر. الضخ المالي لن يمثل نقلة نوعية في الأندية وهي تدار بعشوائية ومازالت تفتقر للشخصيات الإدارية المناسبة، مازال الدوري رغم وجود الدعم السخي عاجزا عن تقديم نفسه بصورة احترافية خاصة حين نتابع قرارات اللجان المتناقضة والمتحيزة للأندية صاحبة النفوذ والعاجزة عن الارتقاء بالقوانين لتتوافق مع المستوى الفني. ومازالت الجماهير بلا إجابة وهي ترى تفاصيل بعض العقود الكارثية تتكرر في الأندية دون أن تتم محاسبة المتسببين والاكتفاء بتطبيق العقوبات على النادي، وترك فضاء الإعلام مفتوحاً لمنتفعي الإدارات لنشر الشائعات وتمجيد الإدارات وإخفاء حقائق قضاياها وادعاء توفيرها للملايين وسداد الديون رغم أن الواقع غير ذلك. حقيقة يصعب تفسير العجز عن إيقاف هذا العبث والعشوائية وضعف الضوابط في اختيار رؤساء الأندية ومحاسبتهم والعجز عن سن قوانين لاختيار صفوة الأسماء الرياضية. الوزارة اليوم مطالبة بإعادة تنظيم عمل واختيار إدارات الأندية، وفرض الوصاية على عقود اللاعبين وتطبيق قوانين المسؤولية التضامنية التي يجب أن تتحملها الإدارات وإلزام الأندية بتفعيل الاستثمار الاعتماد على مداخيلها في قادم الأيام وتقنين الدعم الشرفي حتى ترتقي الأندية للاحترافية الإدارية والاستثمارية، توقف دعم الوزارة في أي وقت يعني انهيار الكيانات الرياضية، واستمرار هذا العبث يعني ضخ ملياري في «خزنة مخرومة».