يعتبر الإعلام مؤثراً سريعاً ومرناً سهل التشكل مع التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم في ظل التقدم التكنولوجي والانفتاح الحاصل في الإعلام الافتراضي الذي يتسم بالسرعة وسهولة الانتشار والوصول للفئات المستهدفة بمرونة وبضغطة زر. كان سابقاً الاستثمار في البشر من خلال تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم ليكونوا قادرين في التأثير على المجتمع بأقلامهم وأصواتهم وأفكارهم الإعلامية التي تعكسها الصحف والمجلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية التي ينتمون لها، واليوم أصبح التقدم الإعلامي مرتبطا وبشكل وثيق بالاستثمار في برامج الذكاء الاصطناعي بنسبة تتفوق عن الاهتمام بتدريب الكوادر البشرية وصيانة مهاراتها لتلبي الطموح الإعلامي والتوجهات الاستراتيجية. في إدارات الإعلام كونها أحد أهم الركائز التي تقيم عليها الجهة.. هناك عناصر مهمة لابد من القيادات منحها الأولوية لضمان تفوقهم في نقل قصص النجاح بصورة متميزة ومبتكرة أولها أن يتم اختيار الشخص الإعلامي الذي لديه المؤهلات العلمية والخبرات العملية التراكمية في المجال ذاته، والذي يمتلك المهارات في إعداد الاستراتيجيات والسياسات الإعلامية والخطط التسويقية والملم بكافة الأدلة والملفات الاستراتيجية والأولويات الوطنية الداعمة والمهارات الإعلامية والاتصالية والاستراتيجية، والذي يتمتع بالمرونة وسرعة التجاوب والتواصل الإيجابي خلال أوقات العمل وخارجها وفي الإجازات الرسمية أحياناً كثيرة. ثانيها: أن يتم دعم المسؤول الإعلامي بفريق عمل مرن ورشيق ولديه المهارات التخصصية المطلوبة مع استخدام التقنيات والبرامج التكنولوجية المساعدة في إخراج محتوى إعلامي طموح ومبتكر 24/7. ثالثها: أن يتم كذلك دعم الإدارات الإعلامية ببرامج الذكاء الاصطناعي مثل الطابعات الثلاثية الأبعاد والتي يمكن استخدامها لتصميم جناح أو دروع أو هدايا تذكارية أو غيرها، أو البرامج التي تساعد في الترجمة وبطريقة احترافية إلى عدة لغات في دقائق، والبرامج التي تساعد في تطوير المركز الإعلامي من خلال كتابة الأخبار وإعداد الرسائل والمواد الإعلامية بصورة احترافية وبسرعة ونقلها إلى الفئة المستهدفة عبر القنوات الاتصالية المحددة. ما يتعب القائد هو الاعتماد عليه في إعداد الأعمال المكتبية والروتينية الصغيرة اليومية مما يجعله ينصرف عن دوره الأساسي والمتمثل بالمستوى الاستراتيجي وذلك بسبب قلة وعي المسؤولين بأهمية الإدارات والتي يجب أن يتم رفدها بالكفاءات والكوادر المتخصصة لتقوم بعملها على أكمل وجه وليقوم المسؤول برسم الاستراتيجيات وإيصالها إلى فريق عمله وتدريبهم ومساعدتهم على تطبيقها وتنفيذها بالشكل الذي يليق بمنظومة العمل. وفي الآونة الأخيرة وبعد الانفتاح التكنولوجي العالمي تعرفنا من خلال منصات العالم الافتراضي على أشخاص مؤثرين أطلقوا على أنفسهم إعلاميين.. ولكي لانظلم الجميع لدينا نسبة جيدة من المؤثرين الذين لديهم محتوى إعلامي هادف وصادق ورصين يخدم التنمية المستدامة والتقدم الفكري.. هؤلاء دورهم الآن محوري في حفظ جيل المستقبل وتوعيتهم بكل ما هو هادف ومفيد، ومن المهم أن تقوم الإدارات الإعلامية بتضمين التعاون مع المؤثرين في خططها الترويجية والتسويقية لتكون جزءاً من أنشطتها الاتصالية في إيصال رسائلها الإعلامية والاستراتيجية في ظل منصات التواصل الاجتماعي وبرامج الذكاء الاصطناعي التي تساعد على الانتشار. كما أنه من الممكن أن تستثمر إدارات الإعلام في الكوادر البشرية الموجودة في بيئة العمل من خلال تدريبهم وتأهيلهم ليكونوا مؤثرين وينقلون المادة التثقيفية والتوعوية للموظفين والمتعاملين وأفراد المجتمع، مما سيسهم في التقليل من المصروفات والميزانيات التي قد تصرف على إعداد وإنتاج المواد الإعلامية والترويج لها بالتعاون مع جهات خارجية. ونختم موضوعنا بسؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين منا بأنه هل من الممكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء البشري في مجال الإعلام؟ أم أن الذكاء الاصطناعي سيساعد الذكاء البشري في الازدهار والتميز من خلال تقديم محتوى إعلامي مستدام يخدم مجتمعاتنا والبشرية جمعاء. * باحثة وخبيرة إعلامية إماراتية