من أول يوم من شهر رمضان الفضيل، تتغير الكثير من العادات اليومية، في أيامه القليلة تتجسد كل معاني الحياة الإيمانية التي تحتاج إليها الإنسان من صفاء وجداني، لا غنى عنه في زحام الأيام، فرمضان ليس شهرا عاديا كبقية الشهور الهجرية التي تتوالي على الأحياء وتتوقف عند شواهد القبور، بل هو عالم متكامل من الفسحة والسرور والأهمية في حياة الإنسان. شهر رمضان هو شهر الرحمة والتجديد للإيمان وتحسين الذات للمسلمين في جميع أنحاء العالم. هو شهر يسعى فيه الأفراد إلى أن يكونوا أفضل من قبل جسدا وروحا، حيث يتيح الشهر الفضيل للإنسان فرصة للتأمل الذاتي وتحسين الذات والنمو الشخصي. الصيام في شهر رمضان يتجاوز معناه من حيث القدر والمضمون، يتعلم الإنسان من خلال صومه التحكم بجوارحه ويكبح جماح رغباته ونزواته، ويتحلى بالإرادة القوية، بما لديه من فكر ورؤية إيمانية وأهداف سامية في تغيير العادات التي اعتاد عليها في حياته، وذلك من خلال الدور الذاتي الذي يرافق أداء الفريضة الإيمانية وهو الصوم. الصوم يساعد الإنسان على تنمية النضال النفسي من خلال الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى الغروب، تساعد هذه الممارسة على أن يكون الإنسان أكثر انضباطا في مجالات أخرى من حياته ايضا مثلا العمل والعلاقات والعادات الشخصية كما يعزز الصيام على تنمية التعاطف والرحمة. رمضان هو شهر النمو الروحي من قراءة القرآن الكريم، وأداء الصلوات الخمسة التي تقوي علاقة الإنسان مع الله، هو شهر صلة الرحم، وإعادة الروابط الأسرية، وفرصة للتلاقي في الأصدقاء والمعارف، هو شهر يتيح فيه للإنسان أن يجتمع في المساجد واللقاء بين الأفراد، يساعد هذه الإحساس على الشعور والإدراك بالانتماء الذي يعزز الوحدة والأخوة. رمضان هو شهر التغيير والرحمات وانضباط الروح والجسد وتعزيز للتفكير الإيجابي، وفرصة للعودة إلى الله والتقرب إليه، فللصيام أثر بارز على النفس وتربيتها على سلوك منهج الله، إذ فيه صفاء النفس والخلق الكريم، وبه الطاعة والقرب من الله، فبالصوم يملك الإنسان زمام غضبه، ويكبح جماح شهوته، إنه تدريب على الهيمنة على النفس. رمضان شهر بناء الذات إذا لم تكن بنيت من قبل، و شهر التطوير و التأهيل، ينظر الإنسان إلى نفسه وأخلاقه نظرة انتقاد، فيرى العيوب و يسعى للخلاص منها ويرى المكارم فيحققها تكليفا وتمكينا. الصوم يدرب الإنسان على القضاء على السلبيات السلوكية في حياته، بما يمده من طاقة إيجابية فعّالة في تحويل الأمور السلبية إلى أمور إيجابية. الصوم يُعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته، ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية، وبالطبع فإن الصيام يُدرب الإنسان، وينمي قدرته على التحكم في الذات ثم يُخضع كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة، وكل ذلك يتم بقوة الإيمان. الصوم كمهارة تنموية تساهم في بناء الشخصية القوية، يمنح الإنسان فرصة التغيير التلقائي حيث تعوض عادات الأكل والنوم بظهور عادات إيجابية جديدة، والإنسان يحتاج من 6 إلى 21 مرة ليعتاد على سلوك جديد، والتغيير يحتاج إلى التكرار كأبجدية في التنمية الذاتية. * الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية وآدابها جامعة عالية كولكاتا - الهند