انحسار ارتياح الأسواق بعد صفقة «كريدي سويس».. والبنوك المركزية الكبرى أيضاً لتعزيز تدفق السيولة استحوذ UBS على "كريدي سويس"، مقابل ثلاثة مليارات فرنك سويسري، في صفقة تاريخية مع قيام المنظمين السويسريين بدور رئيسي في الصفقة، حيث سعت الحكومات إلى القضاء على عدوى تهدد النظام المصرفي العالمي. وسيقدم البنك الوطني السويسري مساعدة مالية على هيئة قروض تصل إلى 108 مليارات دولار لكل من UBS وكريدي سويس، وسيتحمل بنك UBS أول 5 مليارات فرنك سويسري من الخسائر في عملية الاستحواذ على بنك كريدي سويس، أما الحكومة الفيدرالية فستتحمل 9 مليارات فرنك سويسري وأي خسائر أخرى سيتحملها بنك UBS، الذي يعتبر الفائز الوحيد من هذه الصفقة. من جانب آخر أظهرت مضامين الإعلان الصادر عن البنك الأهلي السعودي، حول آخر التطورات المتعلقة باستثماره في مجموعة كريدي سويس، ما يميز النظام البنكي والمصرفي في المملكة من قوة ومتانة تعطيه القدرة على امتصاص أي صدمات وتمكنه من التعامل مع أي مستجدات أو مؤثرات خارجية أو محلية. وأشار البنك الأهلي السعودي، أنه وفقاً للقوائم المالية لعام 2022م والتوقعات المالية لسنة 2023م المعلنة مسبقًا، فإن الاستثمار في مجموعة كريدي سويس يمثل أقل من 0.5 % من إجمالي أصول البنك الأهلي السعودي، و1.7 % من محفظة البنك الاستثمارية كما في ديسمبر 2022. وفيما يتعلق بكفاية رأس المال، فإن التأثير على نسبة كفاية رأس المال للبنك الأهلي السعودي من تراجع القيمة السوقية هو نحو 15 نقطة أساس كما في ديسمبر 2022م. وفيما يخص آخر التطورات المعلنة، يتوقع أن يكون التأثير المحتمل على هذه النسبة هو نحو 35 نقطة أساس. مع العلم أنه لا يوجد أي تأثير على أرباح البنك. وتضمن اعلان البنك: أن أي تغيير في القيمة العادلة للاستثمار في مجموعة كريدي سويس لن يؤثر على توقعات وخطط البنك المالية لسنة 2023، كما أشار البنك الأهلي السعودي إلى أن أصوله تزيد على 945 مليار ريال، ويتمتع برأس مال قوي وسيولة جيدة أعلى من المتطلبات النظامية، وأنه في الوقت الذي تُعد فيه المملكة العربية السعودية من بين أسرع الدول نموًا ضمن مجموعة العشرين، فإنه يواصل تركيزه على استراتيجيته الأساسية. وفي هذا الشأن أكد عدد من الاقتصاديين أن قوة "البنك المركزي السعودي" وتطبيقه لأفضل الممارسات المصرفية العالمية إضافة إلى تعدد فرص النمو المحلية بالمملكة التي تصنف حاليا ضمن طليعة دول مجموعة العشرين الأكثر نموا عوامل تقصي تأثير الأزمات المالية والنقدية التي طالت عددا من البنوك في أميركا وامتدت لبعض الدول الأوروبية عن البنوك السعودية وتجعل عملها المصرفي في مأمن من تلك التقلبات. إلى ذلك أكد الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري: أن وضع البنوك والشركات السعودية مطمئن حيث إن البنوك السعودية لديها ملاءة بنكية قوية وفق أحدث الممارسات العالمية فضلاً عن جودة الممكنات المالية التي أوصلت تصنيفات الائتمان إلى مراكز متقدمة وعالية وقليلة المخاطر وفق ما سبق إعلانه من تلك المنظمات المالية العالمية المتخصصة. يتمتع القطاع المصرفي السعودي بملاءة مالية، وكفاءة تشغيلية، وسيولة جيدة، وقدرة على مواجهة التحديات الراهنة، من أزمات مالية عالمية وغيرها. تشير مؤشرات السلامة المالية في القطاع المصرفي إلى أن القطاع يسجل مؤشرات أداء جيدة، حيث سجل معدل كفاية رأس المال ما نسبته 19.4 % للربع الثالث من عام 2022م، بينما سجلت نسبة تغطية السيولة ما يقارب 174.2 % للفترة نفسها، مما يُعزز قدرته على مواجهة التحديات والأزمات. وفيما يتعلق بإدارة احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي السعودي، تشير التقارير إلى أن البنك المركزي واصل نهجه المبني على سياسة استثمارية متزنة، واستخدام أحدث التقنيات، وتبني أفضل الممارسات الدولية في مجال إدارة الأصول وقياس الأداء والمخاطر، مما كان له الأثر في تعزيز المركز المالي للبنك. وما شهدته الأصول الاحتياطية لدى البنك المركزي من نمو بنسبة 2.8 % منذ بداية العام وحتى نهاية شهر سبتمبر، لتبلغ نحو 1.756 مليار ريال. وحول ذلك قال عبدالرحمن الجبيري: يقوم به البنك المركزي السعودي بدور مهم في متابعة دقيقة لمجريات الأزمة العالمية ويعمل بالتنسيق مع البنوك على خطط استباقية، مشيرا إلى أن البنك الأهلي أعلن أن أي تغيير في القيمة العادلة للاستثمار في مجموعة كريدي سويس لن يؤثر على توقعات وخطط البنك المالية لسنة 2023، كما أنه أظهر قوته عبر الإعلان أن أصوله تزيد على 945 مليار ريال، وأنه يتمتع برأس مال قوي وسيولة جيدة أعلى من المتطلبات النظامية. وأضاف عبدالرحمن الجبيري، أن القطاع المصرفي متين ولن يتأثر بذلك فضلا عن التطمينات التي أعلنت قبل يومين من قبل المنظمات الائتمانية بتحقيق تصنيف عالٍ ومستقر. بدوره قال أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة الدكتور سالم باعجاجة: إن النظام المصرفي بالمملكة يمتلك القوة التي تبقيه بعيداً عن تأثير الأزمات المالية والنقدية التي طالت عددا من البنوك في أميركا وامتدت لبعض الدول الأوروبية، ولو رجعنا إلى آخر تصريح صادر لمحافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري لوجدنا البنوك في المملكة هي أول من طبق إصلاحات "بازل 3+" عالمياً" كما أن معدل التغطية في القطاع يناهز 180 %، وهذا يؤكد أن القطاع المصرفي، يحظى بقدر كبير من الحصانة من خلال الاحتفاظ برأس مال أكبر كاحتياطي لامتصاص الصدمات دون الحاجة إلى اللجوء لإنقاذ أو دعم. وأكد باعجاجة: أن جميع المؤشرات تظهر ميل القطاع المصرفي بالمملكة لمواصلة النمو بشكل قوي فالفرص كثيرة ووافرة بمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية في ظل التسارع القوي الحاصل في تنفيذ برامج ومبادرات رؤية 2030 من جهة والتوقعات الإيجابية لأسعار النفط من جهة أخرى. انحسار الهدوء الأولي إلى ذلك تراجعت أسهم البنوك أمس الاثنين مع انحسار الهدوء الأولي الذي أعقب صفقة تاريخية مدعومة من السلطات السويسرية لإنقاذ بنك كريدي سويس المتعثر من جانب منافسه مجموعة (يو.بي.إس) وبزوغ مخاوف جديدة من مخاطر الديون مرتفعة العائد التي أصدرتها البنوك الكبرى. وفي حزمة تحت إشراف الجهات التنظيمية السويسرية أُعلنت الأحد الفائت، ستدفع (يو.بي.إس) ثلاثة مليارات فرنك سويسري (3.23 مليار دولار) لشراء كريدي سويس، الذي تأسس قبل 167 عاما، وستتحمل خسائر تصل إلى 5.4 مليار دولار. وفي مواجهة أزمة ثقة سريعة الانتشار في النظام المالي، سعت البنوك المركزية الكبرى أيضا لتعزيز تدفق السيولة في النظام المصرفي العالمي بسلسلة من عمليات مبادلات العملة المنسقة لضمان حصول البنوك على الدولارات التي تحتاجها لتسيير عملياتها. ورغم أن تلك التحركات عززت فيما يبدو ثقة المستثمرين في مستهل التعاملات الآسيوية، فقد انحسرت موجة الصعود سريعا مع تحول التركيز إلى الخسائر الكبيرة التي سيتحملها بعض حاملي سندات كريدي سويس بموجب صفقة الاستحواذ. وبمقتضى الصفقة، قررت الجهة التنظيمية للقطاع المالي في سويسرا تقدير قيمة سندات إضافية من الفئة الأولى أصدرها كريدي سويس بقيمة اسمية 17 مليار دولار عند الصفر، وهو ما أثار غضب بعض حاملي السندات الذين ظنوا أنهم سيحصلون على حماية أكبر مما يحصل عليه المساهمون في صفقة الاستحواذ التي أعلنت أمس الأحد. وأضافت المخاوف بشأن ما قد تعنيه هذه الخطوة للسندات الإضافية من الفئة الأولى التي أصدرتها بنوك أخرى إلى القلق المستمر بشأن مجموعة من المخاطر من بينها انتقال الأزمة عبر القطاع المصرفي وهشاشة البنوك المحلية في الولاياتالمتحدة ومخاطر أخلاقية. وهبطت أسهم ستاندرد تشارترد و(إتش.إس.بي.ٍسي) أكثر من ستة بالمئة لكل منها في هونج كونج أمس الاثنين مسجلة أدنى مستوياتها في أكثر من شهرين، بينما يواجه (إتش.إس.بي.سي) احتمال تسجيل أكبر تراجع في يوم واحد خلال ستة أشهر. وتراجع مؤشر (إم.إس.سي.آي) لأسهم القطاع المالي في آسيا عدا اليابان بنسبة 1.3 بالمئة. وقال مايك أوروركي كبير محللي استراتيجيات السوق لدى جونز تريدنج "ينبغي أن يكون واضحا أن هذه الأزمة، بعد مرور أكثر من أسبوع على حالة الذعر المصرفي وتدخلين من جانب السلطات، ليست في طريقها إلى الزوال. بالعكس، لقد اتسع نطاقها عالميا". وأضاف "أنباء استحواذ يو.بي.إس على كريدي سويس من المرجح أن تضع مشاكل كريدي سويس تحت المجهر بنقلها إلى يو.بي.إس". القطاع المصرفي الأميركي لا يزال القطاع المصرفي الأميركي يعاني من بعض المشكلات، إذ استمرت الضغوط على أسهم البنوك بالرغم من تحرك عدة بنوك كبرى لإيداع 30 مليار دولار في بنك فيرست ريبابليك الذي تأثر جراء انهيار بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر. وخفضت وكالة ستاندرد اند بورز جلوبل الأحد التصنيف الائتماني لبنك فيرست ريبابليك وقالت إن ضخ الودائع ربما لا يحل مشكلات السيولة التي يواجهها. وهناك مخاوف أيضا بشأن ما سيحدث في المرحلة التالية في كريدي سويس وما يعنيه ذلك للمستثمرين والعملاء والموظفين. وقال كريدي سويس في مذكرة للموظفين إنه بمجرد إتمام صفقة الاستحواذ ربما يرغب بعض عملاء قسم إدارة الثروات في نقل بعض أصولهم إلى بنك آخر إن كان لديهم مخاوف بشأن تركز أصولهم في بنك واحد. كما أن الصفقة ستجعل (يو.بي.إس) البنك العالمي الوحيد في سويسرا وسيصبح الاقتصاد السويسري أكثر اعتمادًا على بنك واحد. وقال رئيس مجلس إدارة (يو.بي.إس) في مؤتمر صحفي إن البنك سيقلص الأنشطة المصرفية الاستثمارية لكريدي سويس التي تضم آلاف الموظفين حول العالم. وذكر (يو.بي.إس) أنه يتوقع توفيرا بنحو سبعة مليارات دولار في التكاليف السنوية بحلول 2027. وفقدت أسهم بنك كريدي سويس ربع قيمتها الأسبوع الماضي. واضطر البنك إلى الاستفادة من 54 مليار دولار من تمويل البنك المركزي في الوقت الذي يحاول فيه التعافي من الفضائح التي قوضت ثقة المستثمرين والعملاء فيه. استحوذ UBS على «كريدي سويس»، مقابل ثلاثة مليارات فرنك سويسري (رويترز)