تفتتح أسواق النفط الخام بالعالم اليوم الاثنين بعد إغلاق أحد أكثر الأسابيع اضطراباً في السنوات الأخيرة، وسط مخاوف كبيرة من انهيار مالي تسرب في عمق مصارف أمريكا وأوروبا، يتزامن مع جدل رفع أسعار الفائدة، وتداعيات ركود، إذ هبط نفط خام برنت نحو 12 بالمئة في الأسبوع الفائت، مسجلا أكبر انخفاض أسبوعي له منذ ديسمبر. فيما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 13 ٪ منذ إغلاق يوم الجمعة، وهو أكبر مستوى لها منذ أبريل الماضي. ولكن ومع تلقي البنوك المتدهورة بعض الدعم، ومخاوف تقلص إمداد روسي كبير بحجم 500 ألف برميل يومياً، وانتعاش الطلب الصيني، وارتفاع الطلب العالمي الكبير على الوقود إجمالاً، تتجه أسوق النفط اليوم في طريقها للتعويض عن خسائر وضعت معياري النفط العالمي، برنت في بورصة لندن أقل من 73 دولاراً للبرميل، والامريكي في بورصة نيويورك أقل من 67 دولاراً للبرميل. أخذ انهيار أسعار النفط قسطًا من الراحة يوم الخميس حيث تدخل البنك الوطني السويسري لإنقاذ بنك كريدي سويس بينما طمأنت السعودية وروسيا باستقرار السوق وتوازنها. مع ذلك، من الصعب التخلص من المعنويات الهبوطية، واستمرت الأسعار في الانخفاض صباح يوم الجمعة. وقد يؤدي انخفاض خام غرب تكساس الوسيط هذا الأسبوع إلى أقل من 70 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ ديسمبر 2021، إلى تحفيز الحكومة الأمريكية على البدء في إعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي، مما يعزز الطلب. ما حفز الأسواق لقاء وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بنظيره الروسي ألكسندر نوفاك، والأخير نائب رئيس الوزراء الروسي، رئيس الجانب الروسي في اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الانتاج في تحالف أوبك+ الذي زار المملكة الأسبوع الماضي. تركزت المحادثات جانباً أوضاع السوق البترولية العالمية، وجهود مجموعة أوبك بلس الرامية إلى تعزيز استقرار السوق وتوازنها، حيث أكّدا التزام بلديهما بالقرار الذي اتخذته أوبك بلس، في أكتوبر الماضي، بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا حتى نهاية عام 2023م، واستمرار التعاون بين البلدين، في إطار مجموعة أوبك بلس، لتعزيز استقرار السوق العالمية وتوازنها. لكن، من وجهة نظر مستثمري النفط، واجه السوق أسوأ أسبوع منذ الوباء وسط أزمة مصرفية، ولم تنحسر الأزمة في الخدمات المصرفية الأمريكية، بل إنها تسحب النفط أكثر فأكثر معها. تراجعت أسعار النفط الخام للمرة الرابعة في خمسة أيام، لتختتم بأسوأ أسبوع لها منذ تفشي وباء فيروس كورونا قبل ثلاث سنوات، الذي دمر الطلب عمليا على النفط، بحسب انفستنق دوت كوم. لكن الركود هذه المرة لم يكن له علاقة بالعرض والطلب، بل كان له علاقة أكبر بأزمة الثقة في البنوك التي توفر السيولة للتداول في النفط الخام وجميع السلع الأخرى. كما أدت الزيادات المستمرة في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى مخاوف من أن ينتهي الأمر بالاقتصاد الأمريكي في ركود عميق. وقال إد مويا، المحلل في منصة اوندا للتداول عبر الإنترنت: "لا تزال أسعار النفط الخام ثقيلة حيث لن تختفي الاضطرابات المصرفية في أي وقت قريبًا وبسبب المخاوف من أن دورة رفع أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي قد بدأت في تدمير الاقتصاد". استقر خام غرب تكساس الوسيط المتداول في نيويورك، على انخفاض 1.61 دولار، أو 2.4 ٪، عند 66.74 دولارًا للبرميل، بعد أدنى مستوى في 15 شهرًا عند 65.27 دولارًا. وعلى مدار الأسبوع، انخفض خام القياس الأمريكي 13 بالمئة. كان هذا هو أسوأ انخفاض أسبوعي لخام غرب تكساس الوسيط منذ الانهيار المتعاقب بنسبة 20 ٪ تقريبًا في الأسبوع خلال الأسبوعين الأولين من أبريل 2020. وقال سونيل كومار ديكسيت، كبير المحللين الاستراتيجيين في اس كيه تشارتنق، إن الإشارات الفنية على المدى القريب تظهر مزيدًا من الضعف، على الرغم من أن التقلبات قد تحد من الاتجاه الهبوطي أيضًا. وقال: "لكن توطيد خام غرب تكساس الوسيط فوق المتوسط المتحرك البسيط لمدة 200 أسبوع البالغ 66.18 دولارًا يمكن أن يحد من الخسائر ويبدأ ارتدادًا قصير المدى نحو منطقة المقاومة، والذي يبدأ عند 71.40 في البداية". بينما أغلق خام برنت المتداول في لندن منخفضًا 1.73 دولارًا أو 2.3 ٪ إلى 72.97 دولارًا. انخفض خام القياس العالمي في وقت سابق إلى أدنى مستوى للجلسة عند 71.44 دولارًا وانخفض بأكثر من 13 ٪ خلال الأسبوع. وقال مويا إن تجار الطاقة ليسوا متأكدين مما يمكن أن يكون حافزا لرفع أسعار النفط نظرا لكل الكآبة والتشاؤم الذي يحدث مع توقعات الطلب على النفط الخام على المدى القصير. وأفادت تقارير يوم الجمعة أن مخزونات النفط الروسية بلغت أعلى مستوياتها منذ أبريل وسط العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا في فبراير 2021. وقال مويا "يبدو أن الارتفاع النفطي الذي حصلنا عليه في وقت سابق من الشهر بعد إعادة افتتاح الصين كان سابقًا لأوانه. من الواضح أن تعافي الصين لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم. ستتم مراقبة توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي عن كثب حيث سيشير ذلك إلى ما إذا كنا في خطر أكبر لوقوع خطأ في السياسة. في الوقت الحالي، سيظل النفط ثقيلًا حيث يحاول التجار معرفة نوع الركود الذي سيطلقه صناع السياسة في الولاياتالمتحدة " بدأت الأزمة المصرفية الأمريكية بعد أن تم إنقاذ اثنين من المقرضين متوسطي الحجم - بنك سيليكون فالي، وبنك سيجنيتشر من قبل المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع الأسبوع الماضي حيث قام المودعون بسحب مليارات الدولارات منهم بعد خوفهم من ملاءمتهم. تقدم بنك سيليكون فالي في النهاية بطلب الحماية من الإفلاس خلال ال 24 ساعة بعد اصدار بيانه. وهناك بنك ثالث، فيرست ريبابليك، يواجه مشكلة أيضًا على الرغم من تلقيه ضخًا نقديًا بقيمة 30 مليار دولار من مجموعة من البنوك. في مكان آخر، انتشرت الأزمة المصرفية إلى أوروبا، حيث اضطر بنك كريدي سويس، أحد الأسماء البارزة في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية، إلى طلب المساعدة من البنك المركزي السويسري. وفي امدادات الغاز الطبيعي المسال، تتطلع أستراليا، كبيرة المنتجين بالعالم، بالإيعاز لمصدري الغاز الطبيعي المسال على طول الساحل الشرقي للبلاد على تحويل إمدادات الغاز الفائض نحو المستهلكين المحليين وسط تناقص إنتاج الغاز الطبيعي الذي زاد من خطر حدوث نقص في الغاز بين عامي 2023 و2026. وفي الولاياتالمتحدة، ستبدأ إضافة طاقة تكريرية أمريكية قريبًا، عبر مشروع تكرير واسع النطاق سيتم تشغيله، بسعة 250.000 برميل في اليوم في مصفاة إكسون موبيل في بومونت، تكساس، من المقرر أن يبدأ في الأسابيع القادمة، يعمل على خام برميان وزيادة إمدادات النافثا والبنزين في ساحل الخليج الأمريكي. في وقت قامت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بمراجعة عقدي صرف وقعتهما مع شركة شل يغطيان 3.6 مليون برميل من خام احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي، مما أدى إلى تأخير عودتهم حتى عام 2025، على الرغم من تأكيدات وزارة الطاقة الأمريكية بأنها ستعجل عمليات إعادة الشراء. في صعيد مشترك، قالت إكسون انها غير راضية عن آفاق الغاز الطبيعي المسال الإيطالي. وأفادت التقارير أن شركة النفط الأمريكية الكبرى المدرجة في بورصة نيويورك، تدرس بيع حصتها الأكبر في محطة روفيغو للغاز الطبيعي المسال التي تبلغ طاقتها 9 مليار متر مكعب سنويًا كجزء من حملة أكبر للتصفية لبيع الأصول غير الأساسية. من جهتها تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن أطنانا من اليورانيوم مفقودة في ليبيا، حيث اكتشف مفتشو الوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة أن حوالي 2.5 طن من اليورانيوم قد اختفت من موقع ليبي تسيطر عليه حكومة بنغازي المنافسة، على الرغم من أن قوات شرق ليبيا عثرت على اليورانيوم المفقود في اليوم التالي. في الشرق الأوسط، اتفقت الحكومة الفيدرالية العراقية والسلطات الكردية الإقليمية، التي يحتمل أن تؤدي إلى حل معركة قانونية طويلة الأمد، على تحويل عائدات النفط من كردستان إلى حساب مصرفي تحت إشراف الحكومة الفيدرالية. وفي كندا، ألغت شركة النفط الإسبانية ريبسول خططها لبناء محطة للغاز الطبيعي المسال على الساحل الشرقي لكندا بسبب تكاليف النقل الباهظة لتوصيل الغاز إلى سانت جون، ونقص المشترين الذين سيلتزمون ب 15 إلى 20 عامًا من اتفاقيات شراء الغاز.