تعزز الصينوروسيا حضورهما في دول إفريقية من خلال استثمارات في بنى تحتية غالبا ما ترتّب مزيدا من الديون على دول القارة التي تدفع ثمن وفرة الموارد الطبيعية على أراضيها، في ظل تحذيرات دولية من تراكم الديون على البلدان الأفقر في العالم. ويقول بول نانتيوليا من المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية إن "مشروعا للبنى التحتية من كل ثلاثة في إفريقيا تؤسسه شركة صينية مملوكة للدولة ومشروعا من كل خمسة يموّل من بنك تابع للحكومة الصينية". ويضيف أن "الصين فعليا منخرطة في قطاع يلقى طلبا هائلا في القارة الإفريقية". ويتزامن ذلك مع خفض البلدان الغربية تمويل مشاريع البنى التحتية في القارة، ما خلق فجوة في قطاع استراتيجي بشكل كبير بالنسبة للاتحاد الإفريقي. ويقول نانتيوليا لوكالة فرانس برس "الصينيون رأوا هذه الثغرة وقرروا الاستثمار في البنى التحتية". ويأتي تمويل مشاريع البنى التحتية بمعظمه على شكل قروض. وأعرب قادة دول إفريقية خلال مؤتمر الدول الأقل نموا الذي أقيم في الدوحة برعاية الأممالمتحدة هذا الشهر عن امتعاضهم من طريقة تعامل البلدان المتقدمة مع دولهم وسط تحذيرات أممية من أن الدول الأكثر فقرا تتجه إلى أزمة ديون أو حتى التخلّف عن السداد. وتوضح الباحثة لدى معهد واشنطن آنا بورشفسكايا كيف يُنصب "فخ الديون" هذا، قائلة "تقدّم الصين قروضا من أجل مشاريع بنى تحتية باهظة التكلفة، لكن هذه المشاريع تفشل عادة. وعندما لا تتمكن الدول من تسديد القروض، تسيطر الصين على الأصول الاستراتيجية في البلاد". وترفض الصين اتّهامها بممارسة "دبلوماسية فخ الديون"، منددة بانتقاد غير منصف من خصومها الجيوسياسيين في الغرب الذين يثقلون كاهل البلدان الفقيرة بديون ضخمة. وقال وزير الخارجية الصيني تشين غانغ في وقت سابق هذا الشهر "تقام الشراكات عن طريق الصداقة وحسن النية". وتشمل المشاريع التي تقودها الصين في إفريقيا سكة الحديد القياسية "ستاندرد غوج" (Standard Gauge Railway) الرابطة بين مدينة مومباسا الكينية والوادي المتصدّع الكبير التي كلّفت خمسة مليارات دولار ومولّت بكين 90 في المئة من عمليات إنشائها. ويعد المشروع الأكبر المرتبط بالبنى التحتية في كينيا منذ الاستقلال وافتُتح سنة 2017، علما بأن الصين ثاني أكبر مقرض لكينيا بعد البنك الدولي. في ديسمبر 2022، وقّعت تنزانيا عقدا بقيمة 2,2 مليار دولار مع شركة صينية لبناء الجزء الأخير من خط لسكك الحديد يهدف لربط الميناء الرئيس بالدول المجاورة. وسعت البلدان المتطورة على الدوام لتأمين المواد الخام من تلك النامية، وهو أمر يرى مدير برنامج إفريقيا والبلدان الأقل نموا لدى مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بول أكيوومي أنه "إيجابي للغاية نوعا ما من أجل الدفع قدما بالاقتصاد". وبالفعل، فإن بعض الأصول الممولة صينيا مربحة وقابلة للاستدامة، لا سيما الموانئ التي شُيّدت في دول مثل ناميبيا ونيجيريا. لكن الفائدة كانت مضاعفة بالنسبة إلى الصينيين الذين "يقدّمون التمويل ويقومون بعملية البناء كما أنهم يحصلون على عقود الصيانة" التي تمتد أحيانا إلى 99 عاما، بحسب نانتيوليا. ويضيف أن المشاريع الممولة صينيا في مجال البنى التحتية "مصممة لاستيعاب العمالة الصينية"، ما يعني أنها لا تساهم كثيرا في خفض مستويات البطالة في إفريقيا. استثمارات فاغنر وتتوسّع روسيا، مزوّد إفريقيا الرئيسي بالأسلحة، أيضا في القارة عبر مشاريع تعدين تتولاها فاغنر، المجموعة العسكرية الخاصة التي باتت طرفا في نزاعات تشهدها دول عديدة بينها أوكرانيا. في يناير، اتهمت الولاياتالمتحدة فاغنر ب"ارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ونهب الموارد الطبيعية" في البلدان الإفريقية. كما أعلن الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة ضد المجموعة الروسية لارتكابها "انتهاكات لحقوق الإنسان" في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والسودان وأوكرانيا. وتقوم فاغنر بأنشطة التعدين في هذه البلدان "كشكل من أشكال الدفع" مقابل خدماتها، بحسب نانتيوليا. ويوضح نانتيوليا أن "فاغنر تنشط في بيئات استبدادية وتفتقر إلى الديموقراطية وحيث يعد الفساد أسلوب حياة.. لأنها تدرك أن بإمكانها القيام بالكثير من دون محاسبة". ويضيف "لا يمكن أن نجد فاغنر تنشط في بيئات ديموقراطية". ولا تقتصر الديون المترتبة على دول إفريقية على الصينيين والروس. ويقول الغاني تيتيه هورميكو من "شبكة التجارة الإفريقية" أن "حوالى 50 في المئة من ديوننا (في غانا) مستحقة لأسواق سندات غربية ووكالات متعددة الأطراف".