الجميع شاهد وتفاعل مع يوم التأسيس والأيام التي سبقته والتي تليه خصوصاً الفعاليات التي أشرفت عليها وزارة الثقافة، هذه الوزارة حديثة التكوين مقارنة بالمنجزات التي قامت بها من تأهيل للمواقع، وكذلك تنوع الأنشطة الفنية والترفيهية والثقافية، حقيقة قضيت عطلة نهاية الأسبوع مطولة في معرض تفاعلي للفضاء الفني والثقافي والترفيهي على المستويات كافة. وكان -فقط- ينقصنا في هذه الفعاليات النظر بالاستفادة الكبرى بكل ما هو تاريخي وتراثي القائم بمدننا كنزل تراثية نتعايش بها مع دولتنا الضاربة بعمق التاريخ ونلتمس حياة أجددانا الذين أقاموا هذه المواقع التراثية كم كانت تجربة جيدة لو تم تهيئة العديد من المواقع لتجربة السكن بها لمدة يوم أو أكثر مع أبنائنا وتعلموا من خلالها كيف كان الأجداد يمارسون حياتهم اليومية بحلوها ومرها بعيداً عن كماليات الفترة الحالية، طرحي هنا أن تهيأ مباني الطين أو الحجارة أو خلافها حسب ما تتميز بها مناطق المملكة من تراث وعمران ومبانٍ قبل 300 سنة، وكذلك نعيد عمارة الستينات والسبعينات والثمانينات الميلادية عندما بدأت الطفرة وتم الانتقال إلى أنماط جديدة من المباني في ذلك الوقت بعيداً عن عمران الألفية الجديدة وليس فقط تهيئة مكان ولكن إشراك الإنسان وحياته الماضية وتفاعلاته ضمن هذه التهيئة. ربما يبدو هذا التصور كحلم بعيد المنال لكن بوجود وزارة الثقافة وخططها أعتقد أننا اقتربنا أن نحول هذا الحلم إلى حقيقة، بالاستفادة من أساليب التخطيط العمراني المتجددة عند أخذها بالاعتبار. لذا دائم أقول وأؤكد بأن مناطق التراث العمراني من أهم عناصر الجذب السياحي بالمدن، وهي الوعاء التراثي للعمارة التقليدية والذي يختزن كثيرا من مفردات السياحة الثقافية، والتي تتيح الاطلاع على المنتجات المادية للأجداد وأجدادهم بكل مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. وبحكم تخصصي بالتنمية العمرانية أعلم أن التطوير والحفاظ على المناطق التراثية واجه مجموعة من التحديات يمكن إرجاع أسبابها إلى التطور المتسارع والملحوظ للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، والغياب النسبي للوعي بأهمية التراث العمراني في أوقات سابقة، بالإضافة إلى فقداننا إلى آليات لعملية الحفاظ ومن ثم تطوير هذه المناطق التراثية وتحويلها إلى وجهات سياحية تتناسب مع قيمتها الحضارية، أثناء دراستي في مرحلة الماجستير توصلت إلى نموذج منظومة اعتبارات سياحية لتخطيط مناطق التراث العمراني بالمملكة العربية السعودية وذلك لقياس التجارب المحلية قياساً دقيقاً لتوضيح مدى تحقق المعايير الأساسية والخصائص السياحية، من خلال قياس أداء مجموعة المؤشرات في منظومة متكاملة لتطوير مناطقنا التراثية لنكون في مصاف الدول التي تهتم بالسياحة الثقافية ممثلة بهذه المناطق التراثية. فهل تعلم عزيزي القارئ بأن جميع ما يسمى عندنا مناطق تراثية لم تحقق ما نسبته خمسة عشر بالمئة من هذه الاعتبارات. ولكن الآن مع إعادة قياس هذه المؤشرات مع الخطط والرؤية التي وضعت في وزارة الثقافة سوف نحقق أغلب هذه الاعتبارات السياحية ونحن في انتظار عكسها على أرض الواقع للاستمتاع بالمناطق التاريخية وتحويل الحلم إلى حقيقة.. ودمتم بود.