وتتجدد مع مرور الوقت معاني الاعتزاز والفخر والانتماء في كل مناسبة وطنية، الاعتزاز بالجذور التاريخية للدولة السعودية وصمودها ووحدتها واستمرارها، والفخر بإنجازات ملوكها، والانتماء لأرض وسماء هذا الوطن وفاءً بحقه ورعاية لمصالحه، حتى لا ننسى التضحيات العزيزة الغالية التي قدمها أجدادنا ليتركوا لنا وطنًا يزيد عزةً بكفاحهم، ويزداد فخرًا بأفعالهم. إن مملكتنا الشامخة وطن لا يعز علينا نحن السعوديين فحسب، بل يعز على كل مسلم على وجه الأرض، فهو قبلة المسلمين التي تهفو إليها قلوبهم، وقد نهض ملوك هذا الوطن منذ تأسيسه بشرف خدمته وخدمة زوّاره، وبناء عزته واستقراره. ونذكر لمحة تاريخية ليوم التأسيس الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139ه/ 1727م، وهذا بناءً على ما استنتجه المؤرخون وفقاً لمعطيات تاريخية حدثت خلال هذه الفترة التي شهدت تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية التي كانت عاصمة الحكم آنذاك، والتي أسسها الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850ه/ 1446م، وهو الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية. وحكم الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية حتى أصبحت مركزاً حضارياً، لتميزها بموقعها الجغرافي في كونها مركزاً لمفترق طرق تجارية بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، مما أسهم في تعزيز حركة التجارة فيها وفيما جاورها. أما بالنسبة لشعار اليوم وما فيه من معان ورموز فقد أطلق على الهوية البصرية ليوم التأسيس شعار «يوم بدينا» وهو يحمل معانيَ جوهريةً تاريخيةً متنوعةً، ومرتبطةً بأمجاد وبطولات وعراقة الدولة السعودية؛ إذْ يظهر في منتصف الشعار أيقونة «رجل يحمل راية» في إشارة إلى بطولات رجال المجتمع السعودي في حماية الراية وما حولها من ثقافات دافعوا عنها بكل غال ونفيس. ويحيط بأيقونة الهوية أربعة رموز: النخلة التي تدل على النماء والحياة والكرم، والصقر الذي يُعد رمزًا للشهامة والنخوة والعزة والحرية، والخيل العربي، وهو العنصر الذي يعرض فروسية وبطولة أمراء وشجعان الدولة، ورابعها السوق في إشارة إلى الحراك الاقتصادي والتنوع والانفتاح على العالم. وكُتبت عبارة (يوم التأسيس - 1727م) بخط مستلهم من مخطوطات عديدة وثَّقَت تاريخ الدولة السعودية الأولى؛ لتكون الرسالة الشاملة للشعار مرتبطةً بالقيم التي تمثل الثقافة السعودية المشتركة، وموصلةً لمعاني الفخر والحماسة والأصالة والترابط، ومرتبطة بالضيافة والكرم والمعرفة والعلوم. إن حب الوطن قضية رابحة ينهض بها المخلصون والأوفياء، نهوضًا يظهر أثره على سلوكهم وأفعالهم، وتبدو إماراته في أقوالهم، والاحتفال بيوم تأسيس هذا الوطن إنما هو لتجديد العهد بحمايته، وإبرام العقد لخدمته، وادخار العزم لرفعته. ولا يفوتني في هذا السياق أن أذكر كلمة مليكنا حفظه الله في هذه المناسبة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود: "جاءت الدولة السعودية لتعيد الاستقرار لهذه المنطقة على نهج الدولة الإسلامية الأولى، وتوحد أغلب أجزائها في دولة واحدة، تقوم على الكتاب والسنة، لا على أساس إقليمي أو قبلي أو فكر بشري منذ أكثر من مئتين وسبعين سنة". وكلمة ولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز: "لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل بالقدم ويتلاقى مع الكثير من الحضارات. الكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جداً، والعكس أننا أمة موغلة في القدم". ومع توالي القرون حتى يوم الناس هذا، لا يخفى مكانة المملكة العربية السعودية الإقليمي والعالمي بين الدول، ودورها الفاعل في القضايا الكبرى، مما يعكس ريادة شعبها وعظمة ملوكها.