معلمٌ بُني من الطين والتبن في محافظة الرس (برج الشنانة) تحدى لأكثر من 264 عاماً مرور السنوات والتغيرات المناخية، ليبقى شامخاً بشكله المخروطي وطوله البالغ 27 متراً. وهو مكون من عشرة أدوار، ويوجد في كل دور فتحة لدخول الهواء وللمراقبة، والمبنى مزيّن بنقوش من الخارج والداخل، ويتكون البرج من قاعدة مستديرة الشكل، قطرها 12 متراً، ومسقوفة من الخشب والإثل وجريد النخيل. هذه مواصفات للبرج وبنائه، ولكن أين مواصفات ولون العرق، وطعم وشكل الأيدي والأكف التي شيدت وتقرحت وتعبت حتى اكتمل البناء، ليكون سداً منيعاً صامداً في مواجهة الغزاة والمعتدين؟ مواصفات بديعة لبرج الشنانة وعدد أدواره، وأشكال وألوان ضربات يد المعماري فريح بن فواز التميمي من محافظة البكيرية، كان لهذا البرج دوراً حاسماً في حسم معركة الشنانة، والتي تعتبر من المعارك المهمة للملك عبدالعزيز –رحمه الله- حيث وقعت في عام 1322ه. في هذا البرج نستحضر عظمة البناء وجمال التشييد، وتشعرنا بجمالية المكان وبراعة الإنسان. لقد شهد برج الشنانة دفاع وملاحم أهل القرية في الحروب والمعارك ضد الغازي والمحتل والتصدي للغزاة والمعتدين. اليوم يستقبل هذا المعلم السياحي التاريخي البارز أعدادًا متزايدة من السياح من الخارج، زواراً عرباً وخليجيين وأوربيين، ومن الداخل من مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، يشدهم إليه جمال عمارته ودوره التاريخي المهم، وقد نُفذ مؤخرًا مشروع تهيئة القرية الشعبية في بلدة الشنانة في المنطقة المحيطة بالبرج، كذلك تم تأسيس سوق شعبي يحاكي الطابع الأثري والتراثي للمكان، وكذلك بوابة تبين هوية الموقع وأهميته، كما تم ترميم المعالم الأثرية المحيطة والقريبة من البرج. ولا شك أن شموخ برج الشنانة عنوان للإنسان السعودي الذي همته كما قال سيدي ولي العهد محمد بن سلمان "همة الإنسان السعودي مقتبسة من همة جبل طويق الشامخ".