تحل على مملكتنا، مملكة العز والشموخ والطموح المناسبة الثانية للاحتفال ب "يوم التأسيس"، وذلك بعد أن صدرت الموافقة الملكية الكريمة في العام الماضي بأن يكون يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام يوما لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى، ويحتفى فيه رسميا وشعبيا بتأسيس هذه البلاد العريقة بتاريخها على يد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - في عام (1727م)، والممتد بعمق تراثها الحضاري إلى فترة ملحمة توحيدها الملهمة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - في عام (1932م). جذور تأسيس هذه البلاد المباركة ومراحل نشأتها ومعالم ملحمة تكوينها وتدرج شواهد بقائها ملموسة وموثقة تاريخيا على مدى ثلاثة قرون ماضية، فاستحضار قيمة التأسيس لهذه البلاد العظيمة بمقدساتها وقيادتها وشعبها وإفراز يوم لتقدير ما قام به الأوائل من جهود ساهمت في تشكل وبقاء ونهضة هذا الكيان الفريد على مر مختلف القرون الماضية، قل أن يوجد على صفحات تاريخ نشأة الدول مثيل لمراحل تكوينها وقيم ثباتها وعدالة ظهورها وضخامة تشكلها واستمرار بقائها في ظل ما حفلت به مراحلها الثلاث من تضحيات وكفاح ومعارك طاحنة في حقبة زمنية كانت مليئة بالفرقة والشتات والتنازع والتناحر؛ فإفراد يوم للاحتفاء بتأسيس هذه البلاد العامرة بالخير والاستثنائية بتاريخها الأصيل والعزيزة بقيادتها وشعبها الأبي والغنية بتنوع تراثها الحضاري والثقافي وثرواتها الطبيعية والوطنية، هو حقيقة استشعار لغزارة وتفرد العمق التاريخي والإرث الحضاري الحافل بالملاحم البطولية والتضحيات البشرية الجسيمة التي سطرها رجال هذا الوطن الغالي على مختلف مراحل وعهود نشأتها، وصولا إلى ما هي عليه اليوم في هذا العهد الزاهر من رخاء ونماء. ولهذا نقول وبكل فخر، إن ما تحظى به اليوم مملكتنا الغالية من مكانة سياسية مؤثرة وثقل اقتصادي محوري على الساحة الدولية، وتتمتع به من رخاء وعزة وأمن واستقرار لم يأت صدفة، بل إنها وبفضل من الله سبحانه، ونتيجة السياسات الحكيمة والجهود النوعية المبذولة من قبل قيادتها الرشيدة في هذا العهد الميمون، أضحت مركزاً ووجهة يشار لها بالبنان في المال والأعمال والتجارة والاستثمار والترفيه والسياحة، ورقما صعبا لا يمكن للمؤشرات العالمية تجاهله، وترسخت بذلك مكانتها السياسية المرموقة ومتانة اقتصادها التنافسي على الخريطة العالمية.