كانت "صحة الإنسان" - ومازالت - على رأس الأولويات الوطنية، حيث تستهدف المملكة من خلالها الوصول إلى حياة صحية أفضل وأطول، من خلال مواجهة أهم التحديات الصحية في المملكة والعالم، وإيجاد حلول جذرية للأمراض المزمنة وغير المعدية، وتوفير أعلى معايير الرعاية الصحية لأفراد المجتمع.. من الحقائق الرئيسة التي بثتها منظمة الصحة العالمية المتعلقة بالتقدّم في السن والصحة، هو أن جميع البلدان تواجه مشكلات كبيرة في ضمان تأهب نظمها الصحية والاجتماعية للاستفادة من التحول الديموغرافي، فما بين عامي 2015 و2050، ستزداد أعداد سكان العالم الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً بقرابة الضعف من 12 % إلى 22 % بين عامي 2020 و2030، فيما ستزداد أعداد سكان العالم الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً بنسبة 34 %، لذلك أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة 2021-2030 عقداً للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة وطلبت من منظمة الصحة العالمية قيادة عملية التنفيذ، وهو عبارة عن تعاون عالمي يجمع بين الحكومات والمجتمع المدني والوكالات الدولية والمهنيين والأوساط الأكاديمية ووسائط الإعلام والقطاع الخاص؛ للعمل المتضافر والتحفيزي والتعاوني لتعزيز حياة أطول وأوفر صحة. ربما لا تكتمل لدى البعض المعلومات الكافية عن الجهود السعودية في هذا الملف، والتي يمكن استخلاصها عبر هيفولوشن الخيرية، وهي مؤسسة غير هادفة للربح، تُعد الأولى في مجالها، والتي تُقدم المنح والاستثمارات في المشاريع الناشئة؛ لتحسين مجال العمر الصحي، وتهدف إلى زيادة عدد العلاجات المتعلقة بالشيخوخة، والتسريع الزمني لتطوير الأدوية، وتسهيل إمكانية الوصول إلى العلاجات التي تطيل العمر والصحة، كما تُخطط لفتح عدة مراكز في أمريكا الشمالية ومواقع عالمية أخرى - تتخذ من الرياض مقرًا لها -؛ لتطوير المواهب، ودعم أبحاث وعلوم الشيخوخة؛ لتحقيق اكتشافات علمية لمساعدة البشرية على العيش لمدة أطول وبصحة أفضل بمشيئة الله تعالى. بالأمس احتضنت عاصمتنا الخضراء "الرياض" إحدى أهم القمم النوعية على مستوى العالم، ممثلة في "قمة خارطة الطريق العالمية لإطالة العمر الصحي"، والتي نظمتها مؤسسة "هيفولوشن" الخيرية، بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية الأمريكية للطب، ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية، ومجلس الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي، وضمت قادة القطاع من العلماء وصناع السياسات ورواد الأعمال والمستثمرين؛ الذين ناقشوا باستفاضة الوضع الصحي في الخليج، وبحثوا في الفرص المرتبطة بطول العمر الصحي، فضلًا عن التعمق في تحديد الاستراتيجيات للاستفادة من عائد طول العمر، من خلال رسم خارطة طريق نحو طول العمر الصحي على مستوى العالم والمنطقة. وللمعلومية فإن هذه القمة تأتي استكمالاً للقمم الإقليمية السابقة التي عقدت في واشنطن وسنغافورة، والتي أطلقتها الأكاديمية الوطنية الأمريكية للطب، تحت عنوان "خارطة الطريق العالمية لإطالة العمر الصحي"، ولم يكن اختيار عقد النسخة الثالثة في بلادنا محض الصدفة؛ بل هي رسالة تأكيدية على التوجهات الوطنية للمملكة نحو تعزيز الصحة وتحسين جودة الحياة فيها وفقًا لمستهدفات رؤية 2030 الطموحة، والتي سخرت الكثير من الاستثمارات في صحة المواطنين، مستفيدة من النتائج والعواقب التي اختبرتها باقي دول العالم، وركزت على إيجاد وتقديم حلول بديلة من أجل مستقبل مختلف. إحدى الإشارات النوعية النقاشية - العلمية - التي جاءت ضمن سياق القمة، هي أنه إذا استطاع الأفراد عيش فترة التقدم بالعمر بصحة جيدة وهم معافون وفي ظل بيئة داعمة، فإن قدرتهم على إنجاز بعض الأمور، لن تختلف كثيراً عن قدرة الشخص الأصغر سناً، وإذا قضى كبار السن معظم هذه السنوات الإضافية وهم يعانون من تراجع قدراتهم البدنية والعقلية، فإن الآثار المترتبة عليهم وعلى المجتمع تكون أشد وخامة، اجتماعياً وصحياً واقتصادياً. لذلك أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين اهتماماً بالغاً برعاية كبار السن، من خلال إطلاق الكثير من المبادرات؛ لرفع مستوى الخدمات المقدمة لهم في المجتمع، فهم يعملون على تقديم إسهامات عدة للمجتمع، عن طريق نقل خبراتهم الحياتية والمعرفية للأجيال التي تليهم، بمعنى آخر فقد بات هذا المفهوم يترسخ عالمياً ومحلياً، فإطالة العمر الصحي أتاح فرصًا لكبار السن وأسرهم، بل أيضاً للمجتمعات بكاملها، وهو ما ينعكس بشكل مباشر وغير مباشر على ازدهار المجتمع ككل. القمة التي نظمتها "هيفولوشن الخيرية"، سيكون لها تبعات إيجابية ليس على المملكة وحدها بل على العالم أجمع، وهنا تحديدًا أعود بالذاكرة الجمعية إلى إطلاق ولي العهد للتطلعات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار للعقدين المقبلين (يونيو 2022)، وكانت "صحة الإنسان" - ومازالت - على رأس الأولويات الوطنية، حيث تستهدف المملكة من خلالها الوصول إلى حياة صحية أفضل وأطول، من خلال مواجهة أهم التحديات الصحية في المملكة والعالم، وإيجاد حلول جذرية للأمراض المزمنة وغير المعدية، وتوفير أعلى معايير الرعاية الصحية لأفراد المجتمع عبر تقديم رعاية صحية رقمية مميزة، وإمداد العالم بأحدث التقنيات الدوائية القائمة على التقنية الحيوية.. دمتم بخير.