السعودية اليوم دولة تتطلع إلى المستقبل لتكون عضواً فاعلاً في صناعة التحولات في منطقة شرق أوسطية متطلعة لتغيير النماذج التاريخية وقصص الماضي التي صبغت بها منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.. التطورات السياسية الحاسمة في السعودية تدور حول خلق مسار سياسي متوازن ومتكيف مع التحولات الدولية المحيطة على أن يكون ذلك مبنيا على التغيرات التي تشهدها السعودية وخاصة في المشروع الاستراتيجي الرئيس المتمثل في رؤية 2030، وهي رؤية طموحة لجعل السعودية فضاء استثماريا على جميع المستويات، فعلى المستوى المحلي توجب ذلك خلق دائرة من القيادات الشابة المؤهلة والقادرة على ترجمة الأفكار إلى واقع منظور، وهذا يمثله فريق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أما على المستوى الدولي فيتمثل في الأهمية القصوى التي تعطيها رؤية المملكة للمستثمرين في جميع المجالات. الخطاب التطويري التنموي للسعودية يركز فعليا على التكنولوجيا وعلى استثمار الشباب وخلق التحول الاجتماعي المتزن وتعزيز الرابط التاريخي بين القيادة والمجتمع وتجاوز التحديات الصلبة عبر وضع المجتمع السعودي في مسار دولي يتوافق مع إمكاناته كمجتمع طموح راغب في التطور، وقيمه الراسخة نحو دور دولي فاعل، وهذا يعني أن السعودية وعلى جميع المستويات سوف تؤدي أدوارا أكثر محورية إقليمياً ودولياً وفق سياسيات حازمة تتعامل مع الجميع وفق مفهوم سياسي واضح في تقديراته. مواجهة التغييرات الهيكلية في القواعد الاقتصادية والاجتماعية تتطلب الكثير من الجهود والأبنية التطبيقية التي حملتها رؤية السعودية 2030 وهي التي سمحت للعالم الخارجي أن يشعر بقوة بحجم التحول الذي حدث في السعودية، والتحول في المفهوم السعودي مصطلح يعنى التطور والنفاذ إلى مسارات تساهم في بناء نموذج تنموي سعودي قادر على مقاومة اللاثبات في سياسات العالم الاقتصادية والثقافية والسياسية، وهذا التحول توج في بداياته على سبيل المثال بالسماح للمرأة بقيادة السيارة في العام 2018، وكان ذلك القرار عنوانا تاريخيا أن السعودية تنفذ نحو تحقيق إنجازات متوازنة وغير مسبوقة. لقد كانت حملة محاربة الفساد العنوان الأكبر والخطوة الجريئة التي لقيت القبول الاجتماعي بشكل أفقي مفتوح، وهذه الخطوة سهلت كشف الكثير من المسارات التي كانت تتحايل على الأنظمة ومكنت القيادة من إرسال رسائل مباشرة إلى الداخل والخارج لتؤكد أن هذا النهج مرتبط وبشكل كبير بدوافع جيوسياسية واقتصادية سعودية سوف تجد طريقها إلى السياسة الخارجية للسعودية، فليس من المنطقي أن تشهد السعودية كل هذا التحول الجذري في مسارها الداخلي عبر برامج التطوير والتحول التي تقودها رؤية السعودية 2030 دون أن ينعكس ذلك فعليا على النمط الجيوسياسي السعودي الراغب في لعب دور محوري كقوة دولية متوسطة قادرة على تحقيق الإنجازات. السعودية اليوم دولة تتطلع إلى المستقبل لتكون عضوا فاعلا في صناعة التحولات في منطقة شرق أوسطية متطلعة لتغيير النماذج التاريخية وقصص الماضي التي صبغت بها منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولأن السعودية هي الأكبر تأهيلا في هذه المنطقة، وخاصة بعد مرور المنطقة بكل هذه العواصف الشرسة التي لحقت بمنطقة الشرق الأوسط وكان آخرها الثورات العربية، فقد استوجب الوضع صناعة مفهوم سياسي جديد يعيد تشكيل الاهتمام ويفتش بشكل جريء عن تلك الثقوب السوداء التي كانت تستهلك الكرم السعودي وتبتلع ما يجود به دون أن ينعكس ذلك على الواقع الذي منحت من أجله، سواء كانت أموالاً أو مبادرات سياسية أو ثقافية، بمعنى دقيق النهج السعودي القادم من هذه الأرض يجب أن تبنى له طرق صحية وصحيحة لكي يؤتي ثماره. عندما صرح معالي وزير المالية في المنتدى الاقتصادي العالمي بقوله: "نحن نغير الطريقة التي نقدم بها العون والمساعدات الإنمائية، فقد اعتدنا أن نقدم المنح والودائع المباشرة دون قيود ونحن نغير ذلك الآن"، هذا النهج الاستراتيجي شكل منعطفا مهما للسياسة السعودية الخارجية، فالرسالة الحيوية تقول إن الأهم هو رؤية انعكاس حقيقي لرؤية السعودية يترك بصمته على سياساتها الخارجية، ولذلك يجب أن يفهم ذلك ككونه مسارا طبيعيا لفكرة التطور الشامل وليس المختزل بعيدا عن التفسيرات الناقصة حول مقومات الاستراتيجية السعودية القادمة وفضائها الجيوسياسي ودورها الفعلي كدولة لديها القدرة على قيادة المنطقة بشكل فعلي وتشاركية متزنة لخدمة المنطقة الشرق أوسطية. الدول تتطور وتتحول والكثير لن يتقبل ببساطة أن تقود السعودية المنطقة بمنهجية تطورية متقدمة تتجاوز الكثير من القيم المعتادة عن دول الشرق الأوسط، السعودية تمتلك الحق المكتسب لها عندما تصيغ نموذجها الجيوسياسي وفقا لإمكاناتها فهي ذات تأثير جغرافي صنعه موقعها بين ثلاث قارات، ثانيا هي الدولة الإسلامية الأكثر أهمية بين دول العالم الإسلامي، ثالثا هي الدولة ذات الاقتصاد المتطور وتمتلك قيادة سياسات الطاقة في العالم ولديها مسؤولية إبقاء أسعار الطاقة دوليا في ميزان مقبول، رابعا هي عضو فاعل في مجموعة العشرين؛ الاقتصادات الأكبر في العالم.