جميل جدَاً أن تكون هناك محاولات لتحسين مستويات التنمية في المملكة من الجانب العمراني، وآخرها محاولة وضع الاستراتيجية العمرانية الوطنية التي انتهى إعدادها من قبل وزارة البلديات في سنة 2019م على مستوى المملكة وتشمل العديد من تكامل خطط القطاعات التنموية الأخرى، وعند ظهور الهيئات التطويرية تكاملت نتائجها مع الرؤى التي وضعت لتلك الهيئات، ولكن هل نحن متفقون على تكاملية الأداء، وتكاملية الاستراتيجيات؟! مفهومي ومفهوم كل من له علاقة بالتنمية العمرانية التي يلزم أن نناقشها ليتقرر في ضوئها أقصى إمكانات الاستفادة المستدامة من الواقع الجغرافي لمكان المملكة وإمكانات ومهارات السكان على المدى المنظور وعلاقة هذا الواقع الجغرافي بما حوله من دول وتفرده ببعض الخصائص وتكامله مع غيره من خصائص وأيضَاً تنافسية غيره معه، وما علاقتها بالاستراتيجية الخاصة بالمناطق مكانياً وسكانياً وزمانياً التي تنعكس بالطبيعة في مجموعة من الاستراتيجيات، أولاها وأهمها استراتيجية الهيئات التطويرية والتي تعتبر دائمَاً قاطرة التنمية بتلك المناطق. ولكل استراتيجية تصور لحيز زماني وبرامج زمنية أولويات وآليات تتواءم مع غيرها لتتكامل جميعَاً في منظومة واحدة من أجل التنمية العمرانية الشاملة، ومن أجل رفاهية شعب المملكة الحالي والمستقبلي. وفى جميع الاستراتيجيات فإنه يلزم - ونحن نحاول تحقيقها - أن تتوافر لدينا المعايير والمعدلات التي نعمل في إطارها والتي تتفق مع واقع مجتمعنا الآن ومستقبلاً، هذا الواقع الاجتماعي والاقتصادي وما قد يطرأ ويتأثر به. وكما ذكرت من قبل وفي هذه الزاوية، فإنه يجب أن يكون واضحَاً أن الاستراتيجية العمرانية الوطنية لا بد لها أن تظهر نتائجها خلال هذا الوقت باعتبار عمرها الذي امتد لخمس سنوات، ولا بد لها من تقويم سنوي، ويلزم أن تأخذ حقها في العرض والنقاش في المحافل العلمية والمجالس التنموية على كافة الأصعدة، سواء مجالس تلك الهيئات التطويرية أو حتى مجالس التنمية بمناطق المملكة تحت إمارات المناطق قبل أن تصل برامج هذه الاستراتيجية في قانون يلتزم به الجهاز التنفيذي في الهيئات التطويرية خلال الحيز الزمني لهذه الاستراتيجية، لا تتغير بتغير (الرئيس التنفيذي أو حتى مجلس إدارتها) ولكن بتغير المدخلات التي بنيت في ضوئها الاستراتيجية العمرانية الوطنية. وما يندرج على الاستراتيجية يندرج على برامجها الفرعية بكل ما يخص النقل والطاقة والمرافق الأخرى. هل نطمع في أن نرى يومَا حزمة استراتيجية متكاملة لها قوة الاستمرارية للوصول إلى الأهداف المنشودة؟، وقد نختلف في وسيلة الوصول إلى هذه الأهداف مع اختلاف الرؤى والإمكانات، ولكن لا ننحرف عن الأهداف التي تتكامل معَاً ويتشكل في ضوئها مستقبل العمران لدينا، أعتقد أن ذلك ممكن.. ودمتم بود.