التخطيط من أجل التنمية طبقاً لما اتفق عليه الجميع وبمستوياتها المختلفة من دولي وإقليمي ومحلي يعتمد أساساً على دراسة إمكانيات المكان والسكان في ذلك الحيز من الفضاء العمراني.. وتفاعلاتهم وقدراتهم.. ويأخذ في الحسبان كل العناصر المؤثرة والمتأثرة بهذا المكان وبهؤلاء السكان. وإن المملكة منذ اكتشاف النفط تعتبر دولة نفطية تعتمد على البترول فقد خطط من سبقنا - وخصوصاً الاقتصاديين - على منتجات النفط على المستوى الوطني – لذا أخذ بمبدأ التخطيط الوطني منذ خمسين عاماً التي مضت على الخطط الخمسية وكانت النظرة إلى كلمة التخطيط أنه تخطيط اقتصادي تتحدد في ضوئه المستهدفات للتنمية الاقتصادية لفترة زمنية خمس سنوات وتحدد أيضاً المشروعات التي تحقق هذا المستهدف للتنمية إذا ما تحققت خلال الحيز الزمني، وكان يدخل في تحديد مواقع هذه المشروعات عوامل كثيرة، أما التخطيط العمراني بمعناه المتعارف عليه بين المعماريين والمخططين فكان محدوداً في ذلك الوقت بالتخطيط العمراني المكاني للمدن والقرى وأذكر أن المرة الأولى الذى نظر للتخطيط العمراني في السعودية ككل تخطيطياً كان عندما حددت مواقع النطاق العمراني للمدن قبل العشرين سنة الماضية.. وأيضاً في رسائل الماجستير والدكتوراة لبعض الباحثين في ذلك الوقت.. ومنذ بدأ التفكير في نشر العمران فوق الحيز الجغرافي للمملكة بعد أن تمددت المدن وزادت الكثافات السكانية بها وتم تسكين السكان وتوطينهم بالمدن بعد ذلك تم تطور النظر للتنمية العمرانية حتى تمكنت أخيراً رؤية المملكة 2030 من إعداد خطة للتنمية العمرانية متمثلة باستراتيجيات المناطق بشكل متكامل ومتناسق، وحتى الآن لم تر النور غير استراتيجية واحدة لمنطقة عسير. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. هل الأمر يستوجب وجود هذه الاستراتيجيات وخصوصاً على المستوى المكاني المتمثل بالتخطيط العمراني لمراجعة المسؤوليات في إطار القوانين القائمة وإذا استدعى الأمر تعديل هذه القوانين بما يضمن عدم التكرار وعدم التضارب وتحديد الأدوار وتكاملها، وحتى لو استدعى الأمر التوحد المكاني لكل أجهزة التخطيط بنوعياتها ومستوياتها وتحديداً الإقليمية والعمرانية تحت مظلة أعلى من الوزارات، ويكون بكل منطقة أو محافظة أو مدينة الأجهزة المناسبة لتتكامل معها طبقاً لديناميكية التخطيط العمراني التي تقول إن عملية التخطيط عملية متحركة ودائمة من القاعدة إلى أعلى ومن أعلى إلى القاعدة. وتحليل ذلك أن المخططات العامة والتفصيلية ما لم يصاحبها برامج زمنية للتنفيذ وما لم تكن تلك البرامج متفقة مع الإمكانات وما يمكن توافره من اعتمادات فإنه عندما يتقرر التنفيذ في وقت آخر تتغير المعطيات مما يستوجب ذلك تحديثها وبما قد يتغير من نتائجها.. وذلك يؤكد ما انتهينا إليه من قبل من إعادة النظر فى الواقع التخطيطي الذي نتعايشه من أجل غد أفضل، وليكون التخطيط العمراني هو الممكن الرئيس لرؤية المملكة 2030 وذلك لأنه بالحقيقة هو الحوكمة لجميع القطاعات التنموية لكي لا ننصدم في الأخير بما يعرف باستراتيجية البيتزا التي هي عبارة عن خلط كل ما يوجد بثلاجتك في قالب واحد وعلى مستوى واحد؛ لذا سمي كل خطط لا تعترف متى تبدء الخطط التنموية والمراحل التنفيذية لها بعجينة البيتزا.. ودمتم بود.