رفع إنقاذ العديد من الناجين من تحت أنقاض المباني في تركيا معنويات فرق البحث المنهكة أمس الجمعة، بعد أربعة أيام من الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسورية المجاورة وأسفر عن مقتل أكثر من 21 ألف شخص. وسيطر البرد والجوع واليأس على مئات الآلاف من السكان الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الهزات الأرضية التي تسببت في سقوط أكبر عدد من القتلى في المنطقة منذ عقود. وتم إنقاذ العديد من الأشخاص من تحت أنقاض المباني أثناء الليل، من بينهم طفل يبلغ من العمر عشرة أعوام مع والدته بعد 90 ساعة من الزلزال في منطقة سامانداج في إقليم هاتاي. وفي هاتاي أيضا، أفادت وكالة الأناضول للأنباء أنه تم إنقاذ فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات تدعى آسيا دونمز بعد 95 ساعة ونُقلت إلى المستشفى. لكن الآمال تتلاشى في العثور على المزيد من الناجين بين أنقاض الآلاف من المباني المنهارة في البلدات والمدن في جميع أنحاء المنطقة. تجاوزت حصيلة قتلى الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة والهزات الارتدادية القوية في كلا البلدين العدد المسجل في زلزال مماثل ضرب شمال غرب تركيا في 1999 وأودى بحياة أكثر من 21 ألفا. ويصنَف الزلزال حاليا في المرتبة السابعة بين أكثر الكوارث الطبيعية فتكا هذا القرن، متجاوزا زلزال وتسونامي اليابان عام 2011 ومقتربا من إجمالي ضحايا زلزال وقع في إيران المجاورة في 2003 وأودى بحياة 31 ألف شخص. وألقت الكارثة بظلال من الشك على إمكانية المضي في إجراء الانتخابات التركية المقررة في 14 مايو في موعدها. وقال مسؤول تركي إن الكارثة تشكل "صعوبات خطيرة للغاية" لإجراء الانتخابات التي من المتوقع أن يواجه الرئيس رجب طيب أردوغان فيها أصعب تحد له منذ عقدين قضاهما في السلطة. ومع احتدام الغضب بسبب التأخير في إيصال المساعدات وبدء جهود الإنقاذ، من المرجح أن تلعب الكارثة دورا في التصويت إذا أجريت الانتخابات. وبدأت مساعدات الأممالمتحدة تتدفق أمس الأول من تركيا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سورية، بعدما تسبب الزلزال في تعطل إدخال الدعم الحيوي لنحو أربعة ملايين شخص. وتتعقد جهود الإغاثة في سورية بسبب الحرب الأهلية الدائرة منذ 11 عاما والتي قسّمت البلاد. وحثت الولاياتالمتحدة حكومة بشار الأسد على السماح فورا بدخول المساعدات من جميع المعابر الحدودية. وفي محافظة إدلب السورية، قالت منيرة محمد وهي أم لأربعة أطفال فرت من حلب بعد الزلزال "كلهم أطفال هنا، ونحن بحاجة إلى تدفئة وإمدادات. الليلة الماضية لم نتمكن من النوم لأن الطقس كان شديد البرودة. الوضع سيء للغاية". وأقام كثيرون ملاجئ لهم في مواقف سيارات المتاجر الكبرى أو في المساجد أو على جوانب الطرق أو حتى وسط الأنقاض. وتضرر حوالي 40 بالمئة من المباني في مدينة كهرمان مرعش التركية، مركز الزلزال الرئيسي يوم الاثنين، وفقا لتقرير صادر عن جامعة بوغازيتشي (البسفور) التركية. نيران على جانب الطريق أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ في تركيا (آفاد) الجمعة ارتفاع عدد القتلى في البلاد إلى 18342، فيما وصل عدد المصابين إلى 74242. وفي سورية، لقي أكثر من 3300 شخص حتفهم ويقول عمال الإنقاذ أن كثيرين لا يزالون تحت الأنقاض. ووفقا لمسؤولين أتراك والأممالمتحدة فقد تضرر نحو 24.4 مليون شخص في سورية وتركيا في منطقة تمتد على مسافة 450 كيلومترا من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق. وفي سورية، قُتل أشخاص حتى في حماة في الجنوب، التي تبعد 250 كيلومترا من مركز الزلزال. وفي محطة بنزين بالقرب من مدينة كمال باشا التركية جمع الناس صناديق من الورق المقوى بها ملابس تم التبرع بها. وفي مدينة إسكندرون الساحلية، رأى صحفيو رويترز أشخاصا يتجمعون حول النيران على جوانب الطرق وفي المرائب والمستودعات المحطمة. وتقول السلطات إن نحو 6500 مبنى في تركيا انهار، بينما تضرر عدد لا يحصى من المباني. ووسط أجواء قارسة البرودة، تطالب فرق الإنقاذ بصورة متكررة الأفراد بالتزام الصمت وتوقف كافة المركبات والمولدات للاستماع إلى أي صوت يدل على حياة من تحت الكتل الخرسانية. وقد اشتكى الكثير في تركيا من نقص المعدات والخبرة والدعم لإنقاذ المحاصرين، وكان هذا في بعض الأحيان بينما يسمعون صرخات طلب المساعدة. سيقدم البنك الدولي 1.78 مليار دولار لتركيا في شكل تمويل للإغاثة والتعافي، سيتم إتاحة 780 مليون دولار منها على الفور. كما ستقدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 85 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة لتركيا وسوريا. وناشدت الحكومة السورية، الخاضعة لعقوبات غربية، الأممالمتحدة لمساعدتها وقالت إن كل الدعم يتعين أن يكون بالتنسيق مع دمشق ومن داخل سورية وليس عبر الحدود التركية. وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على توصيل المساعدات الإنسانية إلى سورية، قائلا إنه سيكون "سعيدا للغاية" إذا تمكنت الأممالمتحدة من استخدام أكثر من معبر حدودي لتقديم المساعدة. و قال برنامج الأغذية العالمي أمس إن مخزونه ينفد في شمال غرب سورية وطالب بفتح المزيد من المعابر الحدودية من تركيا. وصرحت كورين فلايشر المديرة الإقليمية للبرنامج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية للصحفيين بأن "شمال غرب سورية، حيث يعتمد 90 بالمئة من السكان على المساعدات الإنسانية، يمثل مصدر قلق كبير. نصل للناس هناك، لكننا بحاجة لإعادة تعبئة مخزوننا". وأضافت "مخزوننا ينفد ونحتاج لطريقة لجلب مخزونات جديدة. المعبر الحدودي مفتوح الآن، لكننا بحاجة إلى فتح معابر حدودية جديدة".