في خضم التطبيقات التقنية المتسارعة التي يعيشها العالم اليوم، شهدنا مؤخراً إطلاق روبوت الدردشة شات جي بي تي، الذي يعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي في طريقة البحث Open AI، من إنتاج شركة أوبن ايه آي Chat GPT البحث عن المعلومات. سجل هذا الروبوت أو البرنامج 100 مليون مستخدم ومستفيد بعد شهرين من إطلاقه، بينما استغرق تطبيق تيك توك تسعة أشهر كاملة ليصل إلى هذا الرقم، كما استغرق تطبيق فيس بوك عشرة أشهر كاملة ليحقق هذا الرقم، وبذلك يكون هذا البرنامج أسرع التطبيقات نمواً في التاريخ. يستطيع روبوت شات جي بي تي، إنشاء وتأليف مقالات وقصص وكتابة وصياغة محتوى حسب طلب المستفيد، وهو ما لم يتحقق لأي برنامج أو تطبيق سبقه. كما يستطيع أن يستجيب لطلبات المستفيدين، بحسب رغباتهم واستفساراتهم وأسئلتهم بطريقة تفاعلية متقدمة جداً، لم تشهد تطبيقات ومحركات البحث على الإنترنت لها مثيلاً من قبل، حيث يستطيع الإجابة بطريقة تحاكي سلوك البشر بل ويتفوق عليها، ما يجعله متفرداً على كثير من التطبيقات والبرامج. ومما يجعل هذا الروبوت متميزاً على غيره، أنه يدعم الابتكار والإبداع، من خلال إنتاج محتوى جيد وكتابته وصياغته بالطريقة المناسبة، ما قد يحدث ثورة نوعية في منظومة البحث عن المعلومات والإجابة عن الاستفسارات المختلفة والمتعددة بطريقة فريدة ومختلفة تماماً عن الطريقة الموجودة حالياً في محركات البحث الأخرى. روبوت المحادثة الشهير شات جي بي تي، لم يظهر صدفة أو أنه وليد اللحظة، فقد جاء نتيجة لتجارب وأجيال سابقة، حيث سبقه ثلاثة أجيال، وهذا هو الجيل الرابع، الذي أحدث ثورة ونقلة نوعية في عالم البحث عن المعلومات على الإنترنت بطريقة تفاعلية مذهلة. ومن ناحية أخرى ليس هذا الروبوت أو البرنامج مثالياً في جميع الحالات، وقد يعتريه بعض المشكلات، وأهمها حقوق الملكية الفكرية، حيث إن الإنترنت هو مصدر المعلومات الأساسي الذي يعتمد عليه في الإجابات والردود، كما أنه قد يتسبب في فقدان بعض الوظائف والمهن، مما يعيد إشكالية تسبب التقنية في ظهور بطالة جديدة. وعلى الرغم من بعض السلبيات التي ذكرت، إلا أن هذا الروبوت يعد ثورة تقنية معلوماتية بكل المقاييس، ليس لها مثيل في إنتاج محتوى علمي ومعلوماتي، يضاهي قدرة البشر ويتفوق عليها، وهذه التطورات التقنية المتلاحقة لن تتوقف بدون أدنى شك، وسوف تقود للمزيد من التطور النوعي والهائل. أعتقد أننا على أعتاب مرحلة جديدة في معالجة البيانات عن طريق استخدام الحوسبة الكمية في هذا الجانب، مما سوف يؤدي إلى نقلة نوعية فريدة تفوق ما تحقق في شات جي بي تي، ولا يزال في جعبة التقنية الكثير والمزيد من التطورات المستقبلية والتي أرجو أن تكون سبباً في راحة البشرية وسعادتها، وليست سبباً في شقائها وتعاستها، والذي يتضح لي جلياً في هذا المقام أن إيجابيات التقنية أكثر بكثير من سلبياتها، ولذا فإنه يتوجب علينا كمستخدمين ومستفيدين من التقنية اغتنامها فيما ينفعنا ويفيدنا ويطور قدراتنا وإمكانياتنا، وترك ما يضرنا ولا ينفعنا ويضيع أوقاتنا. *أستاذ نظم الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية بجامعة الملك سعود