ترتكن المملكة على موروث ثقافي وحضاري عالمي، يحكي مراحل تطور الإنسان في أرض الجزيرة العربية، وفي ظل رؤية 2030 يحظى هذا الموروث بدعم غير محدود من ولاة الأمر، وكذلك من كل القطاعات المعنية في البلاد، إذ تعهدت الرؤية باكتشاف هذا الموروث والمحافظة عليه، واستثماره في صورة مشروعات سياحية وترفيهية، تكشف الوجه الحقيقي للمملكة وماضيها العتيق وحضارتها الموغلة في القدم، إذ تدرك الرؤية أن صناعة الثقافة هي الخط الاستراتيجي، ليكون المجتمع السعودي مجتمعاً معرفياً قادراً على إنتاج المعرفة وصناعة الثقافة. وفي السنوات الأخيرة خطت المملكة خطوات جادة ومهمة من أجل اكتشاف الموروث الثقافي والحضاري، والوصول به إلى العالمية من خلال آليات محددة، ورؤية وقراءة جيدة، لما ينبغي أن تقوم به المملكة للنهوض بتراثها، وقد كان لها ما أرادت وأكثر، عبر حزمة من البرامج والخطط التي أثمرت عن اكتشافات أثرية وتراثية مهمة، سرعان ما انضمت إلى قائمة التراث العالمي، وبالتالي وضعت البلاد في مقدمة الدول صاحبة التاريخ العريق في الإرث الثقافي والحضاري والقوة الناعمة. ولم يكن للمملكة أن تحقق ما حققته في هذا المجال، لولا أنها تعاملت مع موروثها الثقافي والحضاري بأنه ليس مجرد ترف لفظي، يستوعب تطور قنوات التبادل الثقافي والفني من أشكاله التقليدية، وقررت إبراز قوتها الناعمة، والوصول بها إلى الفضاءات العالمية، وهنا تشكل الدبلوماسية الثقافية الوجه الأبرز لسياسات القوة الناعمة في المملكة، لبلورة هذا المفهوم في العصر الحديث، في إطار تطوير العلاقات الدولية، كون صناعة الثقافة تلعب دوراً جوهرياً في صناعة القوى الناعمة للدول. ومع تحول العالم إلى فضاء تواصلي مفتوح، حظي إبراز القوة الثقافية السعودية بأولوية باعتبار أن صناعة الثقافة اليوم أصبحت من أقوى الأنشطة لتعظيم الصورة الذهنية في العالم، خصوصاً أن كثيرًا من دول العالم سعت إلى إيجاد بدائل غير مادية، تمكنها من الحفاظ على مصالحها، وتحقيق مزيد من المكاسب، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. وتعد مدينة العلا التاريخية أحد النماذج الأثرية العالمية والتي تحتوي على موقع الحجر الأثري؛ أول موقع أثري سعودي يسجل ضمن قائمة التراث العالمي، وأسهمت رؤية 2030 في تسليط الضوء بشكل أكبر على المدينة بعد القرار الملكي الصادر في العام 2017، بإنشاء هيئة ملكية لتطوير مدينة العلا، يرأسها سمو ولي العهد، واشتملت الرؤية على تطوير البنية التحتية، مع التشديد في الحفاظ على تراثها وتاريخها، وإبرازه بالمرافق السياحية المتنوعة والموزعة حول طبيعة المدينة.