الرياضة أصبحت صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا اليوم السفير الدكتور سعود كاتب وكيل وزارة الخارجية سابقاً، وأستاذ جامعي، عضو جمعية كتاب الرأي. أنا أهلاوي محلياً ومدريدي عالمياً.. والرياضة تفرق إذا كانت بتعصب * في ظل الدعم المادي والمعنوي الكبير للأندية السعودية، كيف ترى حظوظها في البطولات بالموسم الحالي؟ * بعد نهاية كأس العالم في قطر وتعاقد نادي النصر مع النجم العالمي كريستيانو رونالدو فإن سقف التوقعات من الأندية الأكثر شعبية في دوري المحترفين السعودي ارتفع بشكل كبير سواء فيما يتعلق بتحقيق البطولات المحلية أو القارية أو الدولية، والأضواء وأنظار العالم أصبحت اليوم مسلطة بشكل كبير على كرة القدم السعودية بشكل غير مسبوق، وهذا بدوره يضع مسؤولية كبيرة على كافة الأندية بالظهور بمستويات تتناسب مع حجم الدعم المقدم لها وحجم التوقعات المأمولة منها، هناك أيضاً مسؤولية مضاعفة تتعلق بضرورة الارتقاء بمستوى النقل التلفزيوني، والبرامج والتحليل الرياضي ومستوى التحكيم وتقنية الفار والأداء التنظيمي وجودة الملاعب، باختصار الأنظار اليوم تتجه إلى منظومة متكاملة يمكن أن يؤدي أي تقصير في أحدها إلى الإخلال بالصورة المأمولة وإضاعة جهود ضخمة مبذولة. التعصب واللغة الحادة من سمات إعلامنا الرياضي * تراشقات بعض مسؤولي الأندية أثناء الموسم الرياضي، كيف تجدها؟ * أجدها مستغربة جداً ولا تليق بهم وبمكانتهم، فإذا وصل التراشق إلى مسؤولي الأندية فسيكون ذلك مشكلة مؤسفة بحق فالمفترض بهؤلاء المسؤولين توجيه جهودهم لتطوير أنديتهم وحل مشاكلها وأن يكونوا قدوة للآخرين ويكفي وسطنا الرياضي ما نشاهده من تراشق لا يتوقف بين إعلاميي الأندية المتعصبين وذلك في برامجنا الرياضية وعلى أعمدة المقالات الصحفية وتغريدات تويتر بشكل شبه يومي أي مجهودات للارتقاء بكرة القدم السعودية لا يمكن أن تحقق الأهداف المأمولة منها ما لم تشمل تلك المجهودات تطوير إدارات الأندية وتقييم أدائها وإيجاد حلول للتدهور الحاصل في إعلامنا الرياضي لأن هذا الإعلام بصورته الراهنة لا يتناسب أبداً مع الوضع الحالي للرياضة السعودية والنظرة الدولية لها. لا مقارنة بين رواتب السفراء واللاعبين والغلبة بثلاثة أصفار * وهل توافقني بأن هناك غياباً للمجال الثقافي والاجتماعي؟ * هذا الموضوع طال الحديث كثيراً عنه وفي اعتقادي وبواقعية فإن الأندية بظروفها ووضعها الحالي لن تكون قادرة على تقديم شيء يذكر في الجانب الثقافي أو الاجتماعي صحيح أن هناك مبادرات ومحاولات من بعض الأندية بهذا الشأن لكنها لا تعدو عن كونها مبادرات خجولة ومحدودة تهدف لرفع العتب لا أكثر ولا أقل، السبب مجدداً هو أن كرة القدم تستحوذ في تلك الأندية على نصيب الأسد من الاهتمام ومن الموارد بكافة أشكالها وأنا شخصياً لا أتوقع حدوث تغيير في ذلك إلا في حالة تم فرض عدد محدد من الأنشطة سنوياً على كل نادٍ وتخصيص مبلغ مناسب محدد لتغطية تلك الأنشطة مالياً وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة اللازمة لها. أدعو خالد بن عبدالله لزيارة منزلي * هل حسابات الأندية بمواقع التواصل الاجتماعي تقوم بدور إيجابي للجماهير، أم لك رأي حولها؟ * بكل صدق الحساب الوحيد الذي كنت أتابعه هو حساب النادي الأهلي، وتجنباً للتوتر قمت بالتوقف - مؤقتاً - عن متابعته بعد هبوط النادي وبشكل عام فأنا أعتقد بأن كافة حسابات الأندية تنقل فقط أخبار نواديها وتدعمها جماهيرياً وتسويقياً، وهذا في اعتقادي هو المطلوب والمتوقع منها. * بين رواتب اللاعبين ورواتب السفراء، من يغلب من؟ * لا مجال لمثل هذه المقارنة فالفرق بينهما هو -على الأقل- صفران إضافيان إلى ثلاثة أصفار في رقم رواتب اللاعبين. * هل سبق أن أقدمت على عمل وكانت النتيجة تسللاً بلغة كرة القدم؟ * بالتأكيد ففي ظل غياب "تقنية الفار" في كرة القدم كثيراً ما يتم رفع الراية أو إطلاق الصافرة بشكل خاطئ أو متعمد ينتج عنه خسارة الفريق لمباريات حاسمة ومهمة له وبالنسبة لي لم تخل حياتي من أكثر من موقف تم فيه احتساب "تسلل" غير صحيح. * يقال إن مساحة الحرية في الكتابة الرياضية أكبر منها في الشؤون الأخرى.. إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ * المقولة صحيحة إلى حد ما، وقد يكون السبب هو طبيعة الشأن الرياضي وربما يكون السؤال الأهم هنا هو هل أحسن إعلامنا الرياضي استغلال هذا السقف العالي من خلال الممارسة الجادة لمبادئ الصحافة الأساسية والتي تتضمن الصدق، الدقة، الموضوعية تجنب الانحياز الإنصاف والاحترام والمسؤولية؟ شخصياً، أعتقد أن التعصب الرياضي والانحياز واللغة الحادة هي أكثر سمات ترتبط بإعلامنا الرياضي. * الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة اللاعبين طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ * هناك ارتباط حالي وثيق بين "الشهرة" وشبكات التواصل الاجتماعي التي يوجد عليها الشباب وصغار السن بشكل كثيف. ولدى العديد من اللاعبين أعداد كبيرة جداً من المتابعين ويمكن لهؤلاء اللاعبين أن يكونوا قدوة طيبة من خلال ممارساتهم الإيجابية وتمسكهم بالقيم والأخلاق الطيبة، وسلوكهم ومظهرهم في الملعب وخارجه. * في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس فما الذي يقلل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً؟ * ما يقلل ذلك هو التفاوت الكبير في التقدير الممنوح بين نجوم الرياضة والفن من ناحية وبين المبدعين ثقافياً وعلمياً من ناحية أخرى فمثلاً، أصبح من المألوف في المؤتمرات والفعاليات المختلفة أن ترى كيف يتم تقديم مشاهير شبكات التواصل والفن والرياضة على المفكرين والأدباء والمثقفين حتى إنه أصبح مألوفاً رؤية مشهور أو مشهورة سناب شات في الصفوف الأمامية ومنحهم مبالغ طائلة لمجرد الحضور بينما ينال المثقف والمفكر والأديب بشق الأنفس تذكرة طائرة ذهاباً وإياباً. * العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها رغم خطئها فكم من شخصية عبقرية لا تملك جسداً سليماً، باختصار نريد منك عبارة بديلة لجيل المستقبل؟ * "الحفاظ على الجسم السليم دلالة على وجود العقل السليم". * هل ترى أن الرياضة ثقافة؟ وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ * هناك ارتباط وثيق بين الرياضة والثقافة؛ فالثقافة من ناحية تشتمل على عناصر عديدة مثل القيم والعادات والتقاليد وأنماط السلوك المختلفة، وهذه جميعها تمثل الأرضية التي تشكل المجتمع الرياضي وتؤثر في اتجاهاته وميوله وحتى جودته لأداء رياضة معينة، والرياضة من ناحية أخرى هي أسلوب حياة يساهم في تقوية أفراد المجتمع بدنياً وانضباطاً، والتزاماً بقيم وأخلاقيات محددة وتدعم مهارات التواصل والعمل الجماعي لديهم والتفاعل الإيجابي مع الآخر. * في نظرك هل الرياضة تفرق أم تجمع؟ ولماذا؟ * الرياضة تصبح عامل تفرقة إذا شابها التعصب محلياً، وخالطها التسييس دولياً. وتصبح عامل تجمع وتآلف إذا تخلصت من هذين الأمرين السابقين. * بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ كممارسة 25 % تقريباً، أما كمتابعة فهي 3 % تقريباً. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ * آخر زيارة كانت حضور كأس السوبر السعودي في لندن بين النصر والهلال عام 2015م وفاز فيها الهلال بهدف مقابل لا شيء. * لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ * صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله. * بصراحة ما ناديك المفضل؟ * بكل فخر واعتزاز النادي الأهلي أياً كانت أسباب هبوطه، فالخاسر الأكبر هو كرة القدم السعودية ودوري المحترفين لا شيء يمكنه تعويض غياب الأهلي، أما أوروبياً فهو الملكي ريال مدريد. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ اللون الأبيض والأصفر. * لمن توجه البطاقة الصفراء؟ * في الرياضة للمتعصبين من جماهير وإعلاميين.. وفي الطرقات للمتهورين غير الملتزمين بأخلاق القيادة وأنظمتها. * والبطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ * لكل من يحاول الإساءة بأي شكل لهذا الوطن العظيم المملكة العربية السعودية. * في الملاعب VAR ما تقييمك لتقنية الفار؟ * تكنلوجيا فاعلة حدت كثيراً من الأخطاء والظلم في الملاعب. أتمنى أحياناً لو كان في حياتنا تقنية مماثلة يمكننا الرجوع إليها لرصد الحقائق والتجاوزات. * لو خيرت أن تعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟ * سأدخل من باب ممارسة رياضة الجري لمسافات طويلة، فهذه الرياضة هي عشقي الذي بدأته من صغري، ولم تتمكن السنينُ - ولله الحمد - من منعي عنه، أما مهنياً فإن الرياضة باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر القوة الناعمة، وهي هي جزء لا يتجزأ من عملي كمتخصص وأستاذ جامعي وكاتب رأي. * المساحة لك لتوجه روشتة للجماهير الرياضية؟ * نصيحتي الأولى للجماهير الرياضية هي البعد عن التعصب؛ فهو سيجعلك تخسر ليس صحتك فحسب، ولكن أصدقاءك ومحبيك أيضاً.. والأمر لا يستحق أبداً ذلك، نصيحتي الثانية لهم هي ممارسة الرياضة بانتظام، وجعلها أسلوب حياة وجزءاً أساسياً من يومهم. الضيف مع السفيرة الأميرة ريما الضيف مع بطولات الهلال رغم أهلاويته د. سعود كاتب مع الدكتور خوجة الضيف خلال دراسته في جامعة هارفارد مع البروفيسور دان فين