في اليوم العالمي للغة العربية تجد لغة الضاد نفسها في مفترق الطرق، حيث تعاني من شح لغوي وإملائي وإنشائي، فتجد أغلبية الأطفال في بواكير الطفولة يتحدثون الإنجليزية كونهم محاطون بعاملات منزل أجنبيات، وعندما تحاول أن تحاورهم باللغة العربية تفاجأ برفضهم النطق بالعربية فيجبونك ب"NO" . عندما كنت طالباً على مقاعد الدراسة متوفقاً على زملائي في مادة النحو والصرف، وكانوا دائماً يطلبون مني تقديم المشورة والنصيحة وهم يشعرون بالإحراج في قواعد اللغة العربية من ناحية الإعراب والصياغة ومراجعة الأخطاء الإملائية، وتستمر إلى يومنا هذا في حياتي العملية. دوماً يسألونني العديد من التساؤلات حول اللغة العربية، على سبيل المثال متى تكتب همزة الوصل؟ أين ومتى يوضع التنوين؟ يتفاخر العرب بهويتهم ولغتهم ولكنهم يكتبون بلغة ركيكة وغير نابعة من ثقافة عربية واسعة، فما الذي نتوقعه من مجتمع لا يثابر على المطالعة اليومية ولا يتبحر بعلوم المعرفة من خلال قراءة التاريخ والأدب والشعر والفلسفة وغيرها، إذا عرف السبب بطل العجب! أغلبية الشباب يستمد ثقافته من مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يعرف سوى أحدث صيحات الموضة والعطور فيجهل بأعمال الأدبية لجبران خليل جبران وأشعار عباس بن الأحنف. لقد أصبحت اللغة السائدة حالياً الإنجليزية المعربة، حيث يقومون باستبدال الأحرف الإنجليزية بالأرقام من خلال المحادثات عبر تطبيقات الهواتف الذكية فتحولت لغتنا إلى لغة متكسرة وتائهة غائبة عنها الهوية العربية. قبل أشهر قليلة، عندما زرت إحدى المدن العربية جلست في أحد المقاهي وحيث كنت أحتسي القهوة سمعت بالصدفة البحتة مجموعة من الشبان يتبادلون الحديث فيما بينهم باللغة الإنجليزية فبدلاً من أن ينادوا نادل المطعم على الرغم من أنه من جنسية عربية "لو سمحت أرغب بطلب هذه الكعكة" فينطقون "Excuse me can we order some cake"، ثم يتدخل أحد المسنين ويتساءل: لماذا تصرون على الحديث بالإنجليزية؟ هل أنتم عرب أم إنجليز؟ أفيدوني أيها الشبان! فأجابوه نحن نتحدث لغة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت اللغة الرائجة بين الشباب، فقال لهم الرجل: عندما كنت في سنكم، كان يحرص علي أخوتي التحدث بالفصحى، فلقد كان والدي يعشق اللغة العربية وقارئاً نهماً، ومن حسن حظنا أنه لم يكن يجيد الإنجليزية، يعرف فقط بعض الكلمات مثل:"Yes" and "NO"؛ فماذا نتوقع أن ينتج الفضاء العام؟ محتوى فارغاً!