تتعالى الأصوات محذرة من احتمال أن تموت اللغة العربية موتا بطيئا. وهناك من يتكهن بأنها ستصبح حبيسة المكتبات. فهل لهذا الخوف مايبرره؟! لكي نجيب عن هذا السؤال يلزمنا أن نقرأ الواقع بدون خلط. فمن حيث إجادة اللغة العربية الفصحى بين المتحدثين بها فإننا نجد أن هناك تراجعا واضحا يظهر من خلال تصفح المواقع على الإنترنت حيث تكثر الأخطاء النحوية والإملائية. من الملاحظ أن تلك الأخطاء طالت مواقع يفترض فيها إتقان اللغة. أما من حيث البلاغة والإبداع فيندر أن نراهما إلا في المواقع المتخصصة. على مستوى الوطن هناك ضعف كبير في لغة المعلمين وهذا بلا شك انعكس سلباً على الطلبة والطالبات. ومع كل هذا الضعف هناك مؤشرات تدل على أن اللغة العربية لاتزال حية. وأن لها قدرة على البقاء والنمو كما أشارت إحصاءات استخدام اللغات في الإنترنت. اللغة العربية تحتل المركز العاشر بين لغات العالم من حيث عدد المستخدمين. وهي من أكثر اللغات تحسنا في نسب المستخدمين. بل لقد أصبحت اللغة العربية من لغات الإنترنت حيث سنرى قريبا عناوين المواقع باللغة العربية. لكن هذه البشائر لاتخلو من منذرات فكثير من المواقع تكتب بلهجاتها أو بهجين لغة الشباب التي تحوي أرقاما عربية وأحرفا لاتينية. اللغة العربية لن تموت لأن الله حفظها بالقرآن. اللغة العربية تنمو برغم أنها لم تعد لغة العلم. اللغة العربية تدخل عالم الإنترنت. ولكن إلى أي مدى سيستطيع أبناؤنا وبناتنا المحافظة على لغتنا العربية الفصحى نطقا وكتابة؟ لنستمع للغتنا: "عندما اختارني الله لأكون لغة القرآن أيقنت أني باقية وأن قيامتكم ستسبق قيامتي. لقد استوعبت علوم وآداب الأمم السابقة كما لم تستوعبه لغة أخرى. استعرت منها كلمات أصبحت أقرب للعربية مما هو عربي ولم يبق مايدل على أصلها غير العربي إلا منعها من الصرف. ثم عندما حان وقت العطاء لم أبخل على اللغات المهيمنة بكلماتي وجملي وأرقامي حتى خلتم أنها غير عربية. من الطرائف أنني كنت أُسمي جزءاً من جزيرة العرب الرَّبع الخالي (بفتح الراء) فخالها الإنجليز رُبعا فترجموها (Empty quarter) ثم ترجمها أبنائي من لغة الإنجليز الرُّبع الخالي (بضم الراء). أبنائي تداهمني حالة من الضحك حزينة وأنا أقرأ بعض الترجمات الإلكترونية التي لاتمت لي بأي صلة غير صلة حروف وكلمات متنافرة. إن حروفي وكلماتي تربطها ذائقة العربي بلسانه القادر على نطق أي لغة في العالم كما ينطق بها أهلها. أمّا لو حدث وقامت قيامتي قبلكم كما تساءل محمد القويز فوصيتي أن يكون تأبيني باللغة العربية"..