حققت المنتخبات الأفريقية نتائج باهرة خلال نهائيات كأس العالم لكنها لم تصل لمستوى مسيرة المغرب التاريخية في نسخة قطر الحالية التي ستعزز الآمال بمزيد من التمثيل في النسخ المقبلة. وأطاح منتخب المغرب ببلجيكا وإسبانيا والبرتغال وكلها منتخبات ضمن قائمة أول عشرة مصنفين على مستوى العالم ليصبح أول منتخب أفريقي يصل للدور قبل النهائي في البطولة والآن يتطلع "أسود الأطلس" للإجهاز على منتخب فرنسا حامل اللقب اليوم (الأربعاء). وفازت الكاميرون على الأرجنتين حاملة اللقب في مباراة الافتتاح في نسخة 1990 في إيطاليا وتقدمت حتى وصلت إلى دور الثمانية بينما فعلت السنغال الشيء نفسه بالتفوق على فرنسا عندما بدأت رحلة الدفاع عن اللقب في 2002. وأيضاً كان فوز الجزائر 2-1 على ألمانيا الغربية في 1982 واحدة من أكبر مفاجآت البطولة طوال تاريخها. وعدا ذلك كانت إنجازات القارة السمراء في البطولة محدودة وهو ما جعل عيسى حياتو الذي ظل طويلاً رئيساً للاتحاد الأفريقي للعبة يغض الطرف عن مطالبة دول القارة بمنحها المزيد من المقاعد بالنهائيات. وقال حياتو خلال اجتماع للكاف سابقاً: "نحتاج لنتائج حتى نعزز موقفنا في المطالبة (بمزيد من الأماكن)". وخلال 160 مباراة شاركت فيها فرق أفريقية في كأس العالم حققت فرق القارة السمراء 37 انتصارًا بمعدل نجاح بلغ أقل من 25 في المئة. * أول مشاركة كانت مصر أول منتخب أفريقي يشارك في كأس العالم عام 1934 تحت قيادة المدرب الإسكتلندي جيمس ماكراي، لكنها عادت بعد مباراة واحدة عقب الخسارة 4-2 من المجر في نابولي. وكانت معظم الدول الأفريقية لا تزال تحت الاستعمار حين تم استئناف مسابقة كأس العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ومع حصول الدول على الاستقلال زاد الأعضاء في الاتحاد الأفريقي (الكاف) وبدأت أفريقيا في استعراض بعض القوة. وقاطعت القارة كأس العالم 1966 في إنجلترا بسبب عدم الحصول على أي مقعد للمشاركة بشكل مباشر في النهائيات التي أقيمت بمشاركة 16 فريقاً، حيث كان يتعين خوض التصفيات على مقعد واحد مع منتخبات من آسيا وأوقيانوسيا، بجانب الاعتراض على الفصل العنصري في جنوب أفريقيا خلال التصفيات. وحصلت أفريقيا على مقعد واحد في كأس العالم 1970 بالمكسيك، حين جاء منتخب المغرب في المركز الأخير في المجموعة، بعد تعادله مع بلغاريا في المباراة الأخيرة. وتعرضت زائير، التي تعرف الآن باسم الكونجو الديمقراطية، للسخرية عام 1974 حين خسرت جميع مبارياتها الثلاث، منها واحدة بنتيجة 9-صفر ضد يوغوسلافيا، ووقتها كان يقود زائير المدرب اليوغوسلافي بلاجوي فيدينيتش، الذي استبدل حارس المرمى في الدقيقة 22 بعدما استقبل أربعة أهداف. * فضيحة خيخون جاء فوز تونس 3-1 على المكسيك في الأرجنتين عام 1978 ليعيد الثقة لأفريقيا، قبل أن يعاني منتخبان من سوء حظ في عدم التأهل من دور المجموعات في 1982. وخرجت الكاميرون بعد التعادل في ثلاث مباريات، بينما ودعت الجزائر المسابقة بعد "فضيحة خيخون" عندما فازت ألمانيا الغربية 1-صفر على النمسا في مباراة اعتبرها كثيرون تم الاتفاق عليها من الجانبين للإطاحة بالمنتخب القادم من شمال أفريقيا حيث جاء ثالثاً. وسجل الألمان هدفاً مبكراً، واستمرت المباراة دون محاولات حقيقية في الشوط الثاني. وبعد ذلك أجرى الاتحاد الدولي (الفيفا) تغييراً في لوائحه بضرورة خوض آخر جولة في المجموعة في التوقيت ذاته لتجنب حدوث مثل هذا الأمر. وكان المغرب أول منتخب أفريقي يتأهل إلى الدور الثاني في المكسيك 1986 بعد الفوز على البرتغال وتصدر المجموعة على حساب إنجلترا. وصعدت الكاميرون إلى دور الثمانية في 1990 وحظيت بشهرة حول العالم خاصة بسبب الاحتفال الراقص بتسجيل الأهداف للمخضرم روجيه ميلا البالغ عمره 38 عاماً آنذاك والذي انضم بناء على طلب رئيس البلاد. * لمسة يد جاء إنجاز الكاميرون ليؤكد أن أفريقيا قد تستطيع تكرار النجاح قريباً، لكنها انتظرت حتى نجحت السنغال في 2002 وغانا في 2010 في الوصول مرة أخرى إلى دور الثمانية. ومع استضافة جنوب أفريقيا نسخة 2010، امتلكت أفريقيا ستة منتخبات لكن غانا فقط اجتازت الدور الأول، وكادت تبلغ قبل النهائي لولا لمسة يد من لويس سواريز مهاجم أوروجواي. وزادت الأمور سوءاً في روسيا عام 2018 حيث لم يصل أي منتخب أفريقي إلى دور الستة عشر وسط جدل حول اتجاه اللعبة في القارة. لكن ما فعله منتخب المغرب في 2022 في قطر أعاد كتابة التاريخ وسيتذكره الجميع لسنوات وسنوات. وتملك أفريقيا تسعة مقاعد مباشرة في كأس العالم الموسعة المقرر إقامتها بمشاركة 48 منتخباً في 2026، إلى جانب مقاعد محتملة من ملحق التصفيات، لكن بكل تأكيد ستكون هناك مطالبات بزيادة العدد بعد هذه النسخة من المسابقة.