قلت وما أزال أؤكد، وسوف أظل أردد دوماً أن كل الذين عاصروا المؤسس والد الجميع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيَّب الله ثراه - وعرفوه عن قرب أو عملوا معه أو حتى وثَّقوا تاريخه، ثم عرفوا من بعد قائد قافلة خيرنا القاصدة اليوم خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، قائد الحزم والعزم والحسم والرأي السديد.. البطل الهمام الإنسان، سلمان الخير؛ قلت إن كل أولئك قد أجمعوا على أن قائدنا سلمان هو أشبه أبناء المؤسس به، بل أشبه الناس به على الإطلاق خَلْقَاً وخُلْقًاً. ولهذا، مثلما كان المؤسس أُمَّة تامة كاملة، من كريم الأخلاق وحسن السجايا، جاء قائدنا اليوم سلمان يمشي على الخطى، يُقدِّر كبيرنا ويعطف على صغيرنا، يعود مريضنا ويشيع موتانا، يعزي مكلومينا، ويضحك لفرحنا، وكم أعتق من رقاب، وأوفى من ديون وأخرج أصحابها من السجون، وكم أصلح من ذات بين. حفظ الحقوق، وصان الأعراض والدماء، وأرسى المودة بيننا، وعزَّز الإخاء، وحرص على تشريف مناسباتنا الاجتماعية بحلوها ومرِّها، مع مسؤولياته الجسيمة وازدحام جدول أعماله اليومي، وقد عُرِفَ عنه أنه منذ أول يوم تقلَّد فيه منصبا إداريا لم يترك معاملة واحدة على مكتبه لليوم التالي؛ لأن مقامه السامي الكريم يدرك يقيناً أن فرحتنا لا تتم إلا بوجوده، وأن جراحنا لا تلتئم إلا بمواساته لنا. وأكثر من هذا كله، كم أغاث سلمان الخير من ملهوف أينما كان في بلاد الله الواسعة، دونما تفرقة بسبب جنس أو عقيدة أو لون أو حتى توجه سياسي، ولهذا وصلت قافلة خيره القاصدة إلى إيران، مع ما تكنُّه لنا من عداء، كما أسس كثيراً من المشروعات الخيرية في الداخل والخارج لخدمة مختلف شرائح المجتمع من مرضى وفقراء ومساكين وأرامل وأيتام وأصحاب حاجات خاصة وكبار سن، وقد تم تتويج تلك الجهود المباركة بإنشاء مركز عالمي لأعمال الخير (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية). ومع هذا كله، فهو مستودع تاريخنا وإرثنا الحضاري والثقافي، ولهذا لا غرو أن يسجل اسم بلادنا في سجل التراث العالمي. ومثلما فعل المؤسس، رعى شبيهه في المكارم والمحامد والإدارة والقيادة.. البطل الهمام الإنسان سلمان، حفظة كتاب الله الكريم وقدَّر العلماء وأنزلهم منازلهم التي تليق بهم، وحارب أهل البدع والدجل والخرافات والفساد والمعاصي، وفتح أبواب مجلسه في العمل والدار لقضاء حوائج الناس وحل مشكلاتهم والاستجابة لمطالبهم ورعاية مصالح الناس.. كل الناس بتفانيه في تحقيق الرفاهية لشعبه والرخاء وبسط الأمن الشامل، فحوَّل بلادنا خلال هذه السنوات المعدودات إلى ورشة عملاقة للعمل والإنجاز والإبداع، تنفيذاً لبرامج خطتنا الذكية الطموحة (2030) التي هندسها أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي عهدنا القوي بالله الأمين، رئيس مجلس الوزراء، رؤية هدفها الأول والأخير تحقيق رفاهية المواطن وتحسين جودة حياته في بيئة اجتماعية مزدهرة توفر له كل أسباب النجاح، ليهنأ الجميع بحياة كريمة، ملؤها الفرح السعادة. والحق يقال: أتت كثير من برامج رؤيتنا تلك أكلها ثمراً شهياً حتى قبل أوانها، ليس على المستوى الداخلي فحسب، بل حتى على المستوى الإقليمي والعالمي، إذ أصبحت بلادنا الطيبة المباركة اليوم رقماً مهماً في سياسة العالم واقتصاده، ووسيطاً نزيهاً ذكياً أميناً عادلاً في التغلب على مشاكل العالم من نزاعات وحروب ودسائس ومكائد يولدها الطمع هنا وهناك. ولهذا أصبح العالم كله اليوم يتسابق لخطب ود بلادنا ويعمل لها ألف حساب، ويفكر ألف مرة قبل أن يتخذ ضدها أي قرار، بما في ذلك الدول التي تسمي نفسها (عظمى). وقطعاً، كلنا يذكر سعي بلادنا الحثيث لنزع فتيل الأزمة الروسية - الأوكرانية، وإيجاد حل يرضي الجميع لمشكلة الأسرى بين الدولتين؛ كما لا ينسى الناس موجة الفزع والهلع العارمة التي أصابت أقوى دولة في العالم نتيجة قرار (أوبك بلس) الذي كانت السعودية أحد الأعضاء الذين أقروه حفاظاً على أسعار النفط، وتحامل إدارة بايدن على السعودية وسعيها لشيطنتها واتهامها بأنها هي التي كانت خلف هذا القرار، خدمة لأجندة حزبية ضيقة لدى الناخب الأمريكي؛ وتحريض السُّذَّج في العالم ضدَّها بحجة سعيها لتقويض الاقتصاد العالمي كذباً وافتراءً؛ إذ كيف لأطول يد للخير في العالم، أن تعمل على دمار اقتصاد الناس لتحويل حياتهم إلى جحيم؟!. وعلى كل حال، يبقى عزاؤنا في حكمة العقلاء في أمريكا، الذين يدركون جيداً النوايا السيئة لإدارة بايدن، وهم كثر، وقد عبَّروا عن هذا في مختلف وسائل الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. وأكتفي هنا بما أكده كل من مايكل جوفيلر الذي سبق له العمل رئيساً للبعثة الدبلوماسية الأمريكية في السعودية، وديفيد رونديل الذي سبق له العمل مستشاراً سياسياً سابقاً للقيادة المركزية الأمريكية، ونشرته مجلة نيوز ويك الأمريكية مؤخراً؛ إذ أكدا ما ذهبت إليه مراراً في مقالاتي وتغريداتي في تويتر: السياسة الشعبوية التي يلجأ إليها السياسيون في أمريكا للوصول إلى البيت الأبيض، لم تعد تجدي نفعاً مع السعودية، الدولة الكبيرة، التي أصبحت مستقلة مالياً، واثقة من نفسها، مدركة لمصلحة شعبها ولن تساوم عليها مهما كان، ولهذا لم يعد اليوم بوسع أحد أن يلوي ذراعها أو يستغلها حصان طروادة لتحقيق أجندته الخاص على حسابها، حتى إن كانت الدولة (العظمى) في العالم كله. وعلى كل حال، مع تقديرنا وشكرنا وعرفاننا وامتناننا لكل من انحاز إلى الحق، نؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، تلك الحقيقة الراسخة: إن بلادنا قادرة على الدفاع عن نفسها ضد كل من تغريه أوهامه للتطاول عليها أيَّاً كان. وقطعاً، لا أحد ينسى أيضاً تلك الحكمة والحنكة الفريدة التي أدارت بها بلادنا تلك الأزمة التي افتعلتها إدارة بايدن. وفي تقديري المتواضع، يؤكد استعداء أمريكا اعتراف الدولة (العظمى) ضمناً بمكانة السعودية وقدرتها على التأثير. أقول: أنجز لنا قائدنا سلمان، خلال هذه السنوات المعدودات منذ توليه سدة الحكم حتى اليوم، ما عجزت دول كثيرة حولنا عن إنجازه في عقود؛ إذ نقل بلادنا إلى أول القائمة في المؤشرات الدولية في مجالات النجاح كلها، وما زال مقامه السامي الكريم يصل الليل بالنهار في العمل الجاد من أجلنا لتحقيق المزيد، فليس لسقف طموحاته وما يريد تحقيقه لنا وللعالم أجمع من خير وفير. وصحيح، والدنا خادم الحرمين الشريفين هو شبيه المؤسس في كل شيء، غير أن أكثر ما أسرني، اقتفاؤه أثر والده في صفة العدل، إذ لم تكن تأخذه في الله لومة لائم أبداً مهما كان وأيَّاً كان. ومن يتأمل التاريخ يجد شواهد عديدة تؤكد صدق ما أقول، غير أنني أكتفي هنا بنموذج واحد لعدالة قائدنا سلمان.. البطل الهمام الإنسان، التي تؤكد لنا وتطمئننا على أن عبدالعزيز ما زال يعيش بيننا في شخص قائد قافلة خيرنا القاصدة اليوم؛ إذ أوردت مقارنة عجيبة غريبة، لم تكن لتحدث مصادفة هكذا، فيما اتخذه المؤسس من جهة وقائدنا سلمان من ناحية أخرى لإحقاق الحق ونصرة المظلوم ضمن كتابي الذي أعددته بمناسبة يومنا الوطني الخالد الثاني والتسعين بعنوان: (العدل أساس الملك.. حكايات تقشعر لها الأبدان، تحكي عدل الملك عبدالعزيز آل سعود).. ذكرت فيه استجابة المؤسس السريعة لامرأة مسنة تدعى فاطمة الشافعي، ظلمها القاضي محاباة لغريمها، فاشتكت للمؤسس فكتب في الحال: (من عبدالعزيز آل سعود، إلى القاضي فلان آل فلان.. أنا وكيل هذه المرأة أمام الشرع)، وبالطبع لم يكن أمام ذلك القاضي إلا إنصاف تلك السيدة المظلومة، ورد الحق إليها في الحال. وبالمقابل، اشتكى عامل بسيط من جنسية عربية لقائدنا اليوم شبيه المؤسس يوم كان أميراً للرياض، ظُلم كفيله الذي فاجأه باستصدار تأشيرة خروج نهائي دون سابق إنذار أثناء العام الدراسي، ومع هذا لم يكن ليعطيه حقوقه، ولم يكن العامل المسكين يعلم سبباً يدفع كفيله لاتخاذ مثل هذا الإجراء التعسفي المفاجئ الذي وقع على سمعه كالصاعقة؛ فقادته قدماه دون أن يشعر إلى الإمارة، عرين ميزان العدالة؛ وقدَّم شكواه لشبيه عبدالعزيز ووريثه في صفاتها القيادية والبطولية كلها. ومثلما فعل المؤسس: كتب سلمان في الحال إلى الجهات المعنية بإحضار كفيل العامل والتحقق من شكواه، ومن ثم أخذ الحق له وبقاؤه وأسرته على كفالة الدولة إلى أن يكمل أبناؤه عامهم الدراسي، حتى الملاحق إن كان ثمَّة من له ملحق منهم. فللَّه درَّك أبا فهد؛ كم من قادة العالم اليوم يهتم حتى لإنصاف مواطنيه، ناهيك عن إنصاف ضيوف بلاده أو الوافدين إليها للعمل، وإن كانت العدالة كلٌّ واحدٌ لا يتجزأ بين من هو مواطن أو وافد إلى هذه الدولة أو تلك.