لتكون المملكة مركزاً لوجستياً يربط القارات الثلاث، أطلق صاحب السمو الملكي ولي العهد - حفظه الله - المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، ويأتي هذا امتداداً لما أطلقه سموه، من استراتيجيات وطنية تغطي أهم الجوانب الاقتصادية؛ مثل الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والاستثمار، والصناعة، في وقت يمر به الاقتصاد العالمي بحالة أقرب للكساد من الركود، وتسعى الدول الكبرى - ومنها السعودية - في تخفيف تحديات سلاسل التوريد العالمية، ولكن ما المقصود بسلاسل التوريد، وإدارتها، وما التحديات التي تواجهها؟. تُعرف APICS؛ إدارة سلاسل التوريد Supply Chain Management، بأنها تصميم أنشطة سلسلة التوريد، وتخطيطها، وتنفيذها، ومراقبتها، بهدف تحقيق صافي القيمة، وإيجاد بنية تحتية تنافسية، والاستفادة من الخدمات اللوجستية العالمية، ومُزامنة العرض مع الطلب، وقياس الأداء عالميًا، ومن تعريفها نجد أنها تحمل في طياتها العديد من الأنشطة والعمليات المرتبطة بعدّة قطاعات اقتصادية، كما أنه مؤخراً تأثرت سلاسل التوريد العالمية وبشكل سلبي بجائحة كورونا، واحتدام الصراع السياسي وتزايد العقوبات الاقتصادية، ولكن هناك تحديات خمس تواجه سلاسل التوريد العالمية. إن سلاسل التوريد العالمية تواجه خمسة تحديات، التحدي الأول، يكمن في صعوبة تقدير المخزون اللازم لعدد من السلع، وهذا يعود إلى ارتفاع تكاليف المعيشة عالمياً؛ ومن ذلك تكلفة الغذاء، وعدد من السلع الأخرى، لذا نجد أن التحدي الثاني يأتي من مطالبة العاملين برفع أجورهم لمواجهة التضخم، والأمثلة التي حدثت مؤخراً، مثل؛ اضراب سائقي الشاحنات في كوريا الجنوبية، ما أدى إلى تعطيل سلاسل إمداد أجهزة الكمبيوتر عالمياً، وإضراب موظفي السكك الحديدية في المملكة المتحدة مما أثر على شحنات مواد البناء، أما التحدي الثالث، يتمثل في قلّة المعروض من الطاقة، حيث تُشير غرف الصناعة والتجارة الألمانية - أكبر اقتصاد في أوروبا ويعتمد على التصدير - إلى أن 16 ٪ من شركاتها تتوقع إما تقليص الإنتاج أو إيقاف العمليات التجارية جزئيًا، رابع التحديات، هي التحديات الجيوسياسية؛ مثل الصراع الروسي - الأوكراني، والأمريكي - الصيني، واضطراب العلاقات بين دول الجوار في مناطق العالم. التحدي الخامس، يتمثل في التغير المناخي، وهذا يمكن إدراكه من خلال ارتفاع مستوى الجفاف والذي أدى إلى نقص مستويات المياه، مما يعني أن السفن لا يمكنها حمل سوى جزء صغير من حمولتها المعتادة لتقليل مخاطر الجنوح، ومثال ذلك إغلاق أجزاء من نهر اليانغتسي الصيني - المسؤول عن 45 ٪ من الناتج الاقتصادي للبلاد - أمام السفن لأن مستويات المياه أقل من المعدل الطبيعي بأكثر من 50 ٪. عوداً على مُقدمة المقال، فإن السعودية تمتلك العديد من المزايا التي حباها الله على مر العصور حتى وقتنا الحالي، ومنها الموقع الجغرافي الاستراتيجي - غير المُستغل - والذي يتوسط خطوط التجارة الدولية، حيث يمر ثلث صادرات العالم من النفط، و13 % من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، مما يُمكن المملكة من ربط أسواق يعيش فيها قرابة 6 مليارات نسمة، لذا فإن تزامن إطلاق الاستراتيجيات الوطنية مع المبادرة، يأتي كمؤشر ودلالة قوية للدور المسؤول للمملكة، ليس فقط أن تكون مصدراً آمناً لتزويد العالم بالطاقة، وإنما لتلعب دوراً يتم إحيائه من جديد، على يد قائد الرؤية وعرابها صاحب السمو الملكي ولي العهد، ببصيرة نافذة، قدرت الأمور، ووضعت الحلول والأدوات الناجعة، فمستهدف المملكة لتكون مركزاً لوجستياً، لن يخدم اقتصاد المملكة فقط، بل الاقتصاد العالمي.