أسباب تعلقي بالقراءة مرافقتي لشقيقي كفيف البصر للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، أيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الكاتب والروائي وصاحب دار قلم الخيّال أ. صالح السويّد للحديث حول مكتبته المتنوعة التي تحتوي على كتب الأدب والشعر والسير، كذلك ركناً خاصاً بالرواية والأدب والتاريخ، كما تضم الموسوعات الوثائقية والمخطوطات والكتب القديمة جداً، التي ربما تجاوز عمر بعضها أكثر من أربعين وخمسين عاماً، والمكتبة تجمع شتى الفنون، وكل ما يخطر على البال. في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتَ على الكتاب؟ * في مرحلة متقدمة من العمر بعمر السابعة عشر في بداية الشباب، إذا جاز التعبير، فقد احتفظت بكتب نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وعبدالحليم عبدالله وألف ليلة وليلة في مرحلة الشباب، حيث لم يكن أمامنا لا تلفزيون ولا راديو فقد كان الكتاب هو الوحيد، ننام ونصحى عليه، وكان هو المشوق لنا والمغذي، فقد جمعت بعض الكتب، واستمر معي هذا العشق في الحفاظ عليها كتابا وراء كتاب حتى تكونت عندي هذه المكتبة، التي يوجد بها كتب صغيرة جداً وقديمة، بعضها ربما تجاوز عمره أكثر من أربعين وخمسين سنة، مثل: كتاب «مفرد العلم في رسم القلم» الذي أغلب طلبة العلم حفظوه عن ظهر قلب، وكذلك كتاب «رد قلبي» ليوسف السباعي وهو من أقدم الكتب في المكتبة، وفي المرحلة الأخيرة حاولت أن أجلدها من أجل الحفاظ عليها، وكذلك عندي «الموسوعة العربية العالمية»، وأيضاً كتب التفاسير الدينية المكتبة، شاملة لكل شيء. وقد شرحت ذلك بالتفصيل في روايتي الأولى «غواية» وذكرت أسباب تعلقي بالقراءة، حيث كنت مرافقاً لشقيقي الشيخ علي بن محمد السويِّد -رحمه الله- كفيف البصر في عمر لا يتجاوز الخامسة، قرأت عليه بعد سنتين كل مؤلفات كلية الشرعية والتي تخرج منها قاضياً ثم رئيس محكمة في الدفعة الثانية، والتي تخرج منها زميله الشيخ الجليل محمد العثيمين. هل تستطيع تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ * قد تتجاوز 50 عاماً، بدأت بإمكانات متواضعة من صناديق التفاح أيام المساكن الطينية والظروف المتواضعة ولا نقول القاسية، فكانت لنا مصادر سعادة ما زالت عالقة بالذاكرة. ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * أنا أعتبر نفسي من مدمني المكتبات من السبعينات كمكتبات الأزبكية بمصر، ثم معارض الكتاب منذ أكثر من عشرة أعوام بين الرياض والقاهرة ومعارض جدة الحديثة. ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشَّخصيَّة؟ * من أهم المنعطفات شغفي بزيارة أغلب المكتبات العربية بكل من مصر ومكتبة مدبولي وسورية والعراق وبيروت والمغرب. حدثنا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * قرأت الكتب التي كان يقرؤها جيلي، جيل القدامى والرعيل الأول، مثل كتاب: ألف ليلة وليلة، وكذلك قرأت لنجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، وعبدالحليم عبدالله، ويوسف السباعي، وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس «عبقريات»، وجورجي زيدان، والكثير مما يصعب حصره. ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * ليس لدي الكثير منها لكنني احتفظ بنسخ قديمة الإصدار. هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة أو شبه القديمة؟ * كان عندي الكثير مثل مجلة «العربي» الكويتية التي أسسها أحمد زكي -رحمه الله- ورأس تحريرها، وثم تعاقب عليها أدباء آخرون، ومجلة «العرب» للعلامة الجليل الشيخ المربي حمد الجاسر، ومجلة «المنهل»، وأخرى كثيرة، لكن مع التنقل في السكنى حسب متطلبات الحياة والتطور فقدت كثير منها باختياري مع الأسف. هل ساعدتك المكتبة الخاصة بك على التأليف؟ * نعم، ولله الحمد لي (13) مؤلفا بين شعر ونثر وسيرة ذاتية وتطوير ذات، وكانت البداية كتاب «وشم على وجه القمر»، تلاه «لؤلؤ فوق سطح البحر» تلاه «درر بزخات المطر» من النثر و»ثرثرات بمذاق القهوة» من شعر الحر، وسيرة ذاتية أسميتها «أسرار لمتطرق (23) عاماً بين الصحافة والرياضة، حديث الوجدان وأسراره». ثم توجهت للرواية ومنها: ثلاثية «غواية - جهالة – رزانة»، و»لا تقفي للحب من أثر»، ثم رواية «شظايا شوق» طبعة مترجمة للغة الإنجليزية، وقبل الأخيرة «وسقطت ورقة اللاڤندر»، ثم كتاب تطوير الذات «درٌ منثور»، وأخيراً كتاب تدريب «كيف تكتب ..؟» لتعليم كيفية كتابة القصة أو الخاطرة أو حتى الرواية والسيرة الذاتية -والحمد لله-، وقد قامت الدار بمبادرة كتب جماعية شارك فيها من الوطن العربي أحياناً (60) مشاركا وبلغت (8) مؤلفات، شاركت بها وأصدرتهم الدار. وهي: على ضفاف البوح، شذرات القوافي، همس الأماني، نبض الأشجان، مدائن الإبداع، مكنز الفنون، «صرير الريشة» مجلد يجمع (5) كتب بحدود (900) صفحة، وأخيراً الكتاب الفاخر «حرف وفرشاة» وهو لوحات تشكيلية بقراءة تحاكي اللوحات. ولديّ صالون ثقافي أدبي فصلي أكمل من الزمن أحد عشر عاماً يُقام بين الرياضوجدة والقاهرة، وبلغ (24) أمسية حتى الآن، يحضره نخبة من المثقفين، وأصحاب المعالي، وأعضاء من مجلس الشورى. هل يوجد في مكتبتك كُتب مُهداة بتوقيع مؤلفيها؟ o نعم، ينفحني الكثير من مؤلفاتهم بإهداء أفخر به. بما أنك مُهتم بالكُتب ولديك مكتبة خاصة ، ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها؟ * أقرأ كل كتاب أجد أنه يفيدني أو يثريني أو يثير فضولي. حدثنا عن نتاجك الأدبي ومشاركاتك الثقافية.. * قطعاً مكتبتي ملك لي، ولأسرتي، ولكل راغب باستعارة الكتب، وأحاول المشاركة بأغلب مؤلفاتي بالأسواق الخيرية، والمناسبات، دون البحث عن ريع ما عدا المعروض بالمكتبات التجارية التي يهمها الحصول على نسبة معينة من ثمن البيع وهي محقة بذلك لما تتحمله. هل طرافة الكتاب أو طرافة موضوعه من معايير انتقائه؟ * ممكن، ولكن ليست الطرافة هي هدف، بل أبحث عن كتب متخصصة فيه، فكل شيء مفيد أبحث عنه. بما أنك مُهتم بالكُتب ولديك مكتبة خاصة ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها؟ * الكثير من الكتب، خاصة كتب الرواية القديمة، فلها دور كبير في تنمية موهبة الرواية. هل مكتبتك متخصصة أم متنوّعة؟ * مكتبتي متنوعة جداً، وأحرص على تنوعها بكل الفنون من روايات، وسير ذاتية، والشعر، وكتب أدبية، ومعاجم أحتاج الرجوع لها. ماذا تُفضل.. المكتبة الورقية أو الرقمية؟ * أفضل المكتبة الورقية، ولي لقاءات حول هذا الشأن.. الورق كرائحة العطر له مفعول السحر لدى القارئ الرزين. هل تقتني الكتاب من خلال توصيات أو بانتقاء شخصي؟ * أنا من أنتقي -شخصياً- كل كتبي، وأحاول أن تكون جامعة شاملة، ولم أقيد نفسي بعلم معين. ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة منزليَّة؟ * أنا الذي أحتاج من يبعث لي رسالة توجيه ونصح، أقول فقط: لا تكون مكتبتك للوجاهة والاستعراض، افتحها للجميع خاصة لكل الأسرة والمحبين ومحتاجي المعرفة، وإن أوصيت بالتنازل عنها لجهات تستثمرها أكثر ستكون في ميزان حسناتك. كلمة أخيرة: * شكراً لحوارك الجميل، وزيارتك مكتبتي المتواضعة أ. بكر هذال، وصحيفة «الرياض» التي سلطت الضوء على مكتبتي. حضور مستمر للضيف بالمكتبة إحسان عبدالقدوس