المعرفة عند الفرد عملية عقلية وأحكام يصدرها للتفاعل مع العالم من حوله، وهي نتاج معالجة المعلومات العقلية ووسيلة تستخدم في السلوكيات الممكن اتباعها لاحقاً؛ إن المعرفة مرتبطة بالفرد في ادراكه وتعلمه وهي مزيج من الخبرة والقيم والمعلومات السابقة والكامنة التي تتجسد في سلوكياته وقراراته. والبحث عن المعرفة والاهتمام فيها يعد قديماً لكنه متجدد ويتعمق بتعقد الحياة، حيث دعا الفيلسوف اليوناني أفلاطون لبناء المدينة الفاضلة وقال: "بدون المعرفة لن يكون الانسان قادراً على معرفة ذاته، وإن حامل المعرفة وحده القادر على فهم عالمه المحيط به والمتمثل في الوجود" لذلك لابد من اهتمام الفرد بالمعرفة؛ لأنها ترفع من شأنه وتميزهُ عن غيره كونه يمارس التفكير بواقعية في مواجهة الحياة والقضايا الاجتماعية والفردية، محافظاً على سمة الاعتدال التي حررت العقل من الخرافة والجهل والتخلف، ودعته لفتح عقله تجاه حقيقة الحياة وهدف الوجود. والفرد كونه في العصر الذي يواكب ثورة الاتصال والمعلومات، أصبح من اليسير عليه الاطلاع واكتساب الخبرات لممارسة الدور في تنمية رأس المال المعرفي، إنها مدخل مهم لتوازن الفرد في سلوكياته وبناء قراراته، فالجهل عدو الإنسان الأول والمعرفة الكامنة تحتاج للوعاء الذي يحيلها للوعي الذي يصنع التأثير. وكلما اتسعت دائرة المعرفة لدى الفرد وجد أنه يمتلك خبرات متراكمة تعالج سلوكه الإنساني المعقد؛ وهذه طبيعة الفرد كونه كتلة من المشاعر والاحاسيس ويحمل رواسب الماضي في داخله، وواقعه الذي يعيشه وآماله واهدافه المستقبلية وطموحاته وتطلعاته، وما يتعرض له من عوامل نفسية واجتماعية تغيره التغير المستمر الذي يضفي على سلوكه صفة الإطلاق بدلاً عن التقييد. لذلك نجد أن الخبرات المتراكمة في المعرفة تعالج المواقف الحياتية بتلقائية وبأبسط الحلول، بل أنها تختبر قدرة الفرد في مواجهة الضغوطات واتباع الأساليب الصحيحة دون تهاون في الحصول على المزيد من المعارف والمفاهيم الحديثة. إن المعرفة عند من يمتلك الطموح والهمة العالية لا حدود لها فهو يمارس ذلك لأن الدوافع لديه عالية، فلا يضاهي ذلك أي قرار ولا قمع يجعله يتوانى عن طموحاته وما يصبوا اليه، فلنسعَ دائماً لتشكيل المعرفة واكتسابها. والفرد يطوّر نفسه عندما تتسع مداركه ويخوض غمار التجارب والتحديات ويغترب ويصيب ويخطئ، وهنا سيكون لكل ما يقوم به نتاج وعائد، أنت اليوم في دائرة معرفتك لست كما كنت عليه في السابق، ولو تبادر لذاتك هذا السؤال ستجد مفاد الإجابة هو الخوض في غمار التجارب والتحديات والظروف التي أصبح نتاجها سعة المعرفة وارتقاءها. البعض يرى أنها عملية ديناميكية تلقائية محسوسة، وقد تأتي بطريقة مكتسبة أحياناً. وهي كيفما كانت عليه إلا أن نتاجها إيجابي على الغالب، ويدعو الفرد إلى الاستمرارية فيها وتطويرها. لذلك يتوجب عليك بين حينٍ وآخر التفكير من أجل البحث للتغيير، وأسأل نفسك تجد جواب المعرفة التي تبحث عنها.