في ظل التطور التكنولوجي الرهيب في وسائل الاتصالات وتقنية المعلومات، ظهر ما يعرف بالمنصات الرقمية، والتي يمكن تعريفها بأنها نموذج أعمال يسمح لعدة مشتركين من المنتجين والمستهلكين الاتصال من خلاله والتفاعل مع بعضهم البعض. ومن أهم العوامل التي ساعدت على انتشار المنصات الرقمية، تفشي وباء كورونا، حيث تزايد الطلب بشكل غير مسبوق على تطبيقات توصيل السلع والخدمات للمنازل بسبب الإغلاق والحظر الذي فرضه الكثير من الدول على مواطنيها. ومن أشهر الأمثلة على المنصات الرقمية منصات التوصيل طلبات المطاعم، وهي منصات رقمية تربط بين مقدمي خدمة الطعام وبين المشترين، وتقدم خدمة التوصيل للمستهلك من خلال شبكة من السائقين. ومع انتشار هذه المنصات على مستوى العالم ظهر العديد من الشكاوى من العاملين بها، مطالبين بحقوقهم العمالية، حيث إن معظم هذه المنصات لا ترتبط معهم بعقود عمل. وعند بحث النزاع بين عمال المنصات الرقمية وأصحاب العمل، يتضح عدم وجود تكييف قانوني للعلاقة التي تربط عمال المنصات الرقمية وأصحاب العمل في التشريعات التقليدية الدولية والوطنية، نظرًا للطبيعة الخاصة لعمل عمّال المنصات الرقمية، حيث إن خضوع هؤلاء العمّال لإدارة المنصات الرقمية ليس كاملاً فهم الذين يختارون الوقت الذي يعملون فيه، بالإضافة إلى أن أصحاب العمل لا يحق لهم منعهم من العمل لدى غيرهم، حيث يعد العمل في المنصات الرقمية عملا إضافيا لهؤلاء العمال لتحسين دخلهم المادي، وهذا يتنافى مع نظام العمل السعودي الذي يعطى لصاحب العمل الحق في إلزام العامل بعدم العمل لدى غيره وإلزامه بالعمل في مواعيد محددة. وهذه الطبيعة الخاصة لعمل عمّال المنصات الرقمية، أدت إلى اختلاف موقف القضاء على مستوى العالم في تكييف العلاقة التي تربط عمال المنصات الرقمية بأصحاب العمل، مما أدى إلى ضياع حقوق بعض العمال في بعض الحالات التي لا يحكم فيها بعدم انطباق قانون العمل عليهم، مما جعل هناك حاجة ماسه لتعديل قوانين وأنظمة العمل الداخلية لتتناسب مع طبيعة عمل عمال المنصات الرقمية، ووضع الأساس القانوني الذي يمكن الاستناد عليه للمطالبة بحقوقهم، من خلال وضع قواعد قانونية منظمة لحقوق العمال في المنصات الرقمية، تحفظ لهم حقوقهم خاصة مع تزايد أعدادهم بشكل كبير. راكان الغفيلي