لقد أوقف شيخنا معالي الشيخ العلامة صالح بن عبدالله بن حميد، المستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب المسجد الحرام -حفظه الله تعالى- مؤخرًا مكتبته الخاصة على الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لتكون كنزًا يلتقط لآلئه طلاب هذه الجامعة من شتى الجنسيات؛ وليعم نفعها. ويعد وقف الكتب والمكتبات من ضروب الوقف العلمي الذي يمتد نفعه ويبقى أثره. وتوجد العديد من المكتبات العلمية الخاصة عند بعض طلبة العلم وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، فهل فكروا في أن يوقفوها ليبقى لهم أجرها..! إن الكتب من كرائم الأموال بل ومن أنفسها عند العلماء؛ وما قام به شيخنا الكريم معالي الشيخ صالح بن حميد من وقفه لمكتبته الخاصة على طلاب العلم بالجامعة الإسلامية لهو رسالة لجميع العلماء والمعلمين من أصحاب المكتبات الخاصة؛ ليقوموا بهذا العمل الجليل والذي سيبقى أثره لموقفها كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». وشيخنا صاحب أفق وبعد نظر، حيث قام بوقف مكتبته الخاصة في حياته وأشرف على ذلك بنفسه ولم يجعلها وصية مؤجلة كما هو المعتاد عند أغلب أهل العلم. ونص (كتاب الوقفية) لهذه المكتبة العلمية يظهر بلاغة شيخنا وحسن خطه وجماله لمن اطلع على أصله، كما ألقى معاليه -حفظه الله تعالى- كلمة مؤثرة عن علاقته بكتبه ومكتبته وأنها أثيرة لديه، ومن المواقف المؤثرة منها أنه قال: «رآني أخي عبدالرحمن فرأى الدواليب خالية والكتب حفظت في الكراتين؛ لماذا فعلت هذا؟ فقلت له يا أخي، الإنسان حين يعزم على الرحيل فإنه يبدأ في جمع أثاثه ومتاعه». كتب الله لشيخنا الأجر والثواب على ما قام به من وقفه لمكتبته على طلاب العلم بالجامعة الإسلامية، وجعلها رافدًا من روافد العلم والمعرفة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. *عضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية.