أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) مؤخرا عن إغلاق الإذاعة العربية ضمن خدمتها العالمية، في إطار خطّة لإعادة الهيكلة والتوجّه إلى المنصات الرقمية، وشكل الخبر صدمة مؤلمة لكثير من العرب وهم يستذكرون مشوار 84 عاما كان التواصل مع العالم الآخر ومعرفة أخباره بحيادية كاملة يكاد محصورا على عبارة (هنا لندن) وفرط دقات ساعة (بغ بن) العالمية. وكان القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية قد بدأ بث برامجه في الثالث من يناير عام 1938م كأول قسم في هيئة الإذاعة البريطانية يبث بلغة أجنبية وكان المذيع العربي المخضرم كمال سرور هو أول من قرأ نشرة الأخبار من البي بي سي عند انطلاق بثها العربي مبتدئا بكلمات بسيطة نطقها كما يلي: هنا لندن، سيداتي سادتي، نحن نذيع اليوم من لندن باللغة العربية للمرة الأولى في التاريخ -فكانت الكلمات الأولى التي انطلق بها (هنا لندن سيداتي سادتي) قاعدة استمر عليها كثير من المذيعين بعده، حيث استقطبت الإذاعة عددا من المذيعين العمالقة العرب ومن أشهرهم محمد الأزرق، محمد الصالح الصيد، ماجد سرحان، وإسماعيل طه، ومديحة رشيد المدفعي، وعلي أسعد، ورشاد رمضان، ومحمود المسلمي، وماجد سرحان، وأيوب صديق، وأكرم صالح، وأحمد قباني وغيرهم من المذيعين المخضرمين. الذين ألف المستمع العربي أصواتهم عقب كل مرة تنفرط بها دقات ساعة (بغ بن) بعدد ساعات نهار غرينتش معلنة حلول نشرة الأخبار العالمية العربية وإلى أن تختتم بالعبارة الشهيرة "هذا آخر ما لدينا" ونواصل الآن جولتنا الإخبارية بقراءة ما جاء في صحف لندن الصباحية من عربية وبريطانية، ومن أشهر البرامج التي شكلت وجدان المستمع العربي برامج مثل "قول على قول" و"السياسة بين السائل والمجيب" و"حديث الساعة" و"صندوق النغم" و"عالم الكتب" وغيرها من البرامج. وكانت إذاعة BBC حاضرة مع المستمع العربي في الأحداث والأزمات والحروب العربية والعالمية، ظهر حينها عدد من الإذاعات العربية ولكن المستمع العربي عموما ما لبث أن فقد الثقة تماما في الكثير من الإذاعات العربية بعد ما عرف أنها باتت تسخر لرفع معنويات الجيوش وشد أزرهم بطريقة سامجة ومفضوحة على حساب الحقيقة خصوصا في الحروب التي خاضها أو شارك بها، حتى انصرف عن هذه الإذاعات تماما وبقي استماعه محصورا بإذاعة "لندن" وإذاعات أجنبية قليلة محايدة خصصت للمستمع العربي حيزا محدودا من برامجها.