إن الأوطان ليس لها أن تُبنى وترتقي في سماء المجد والعزة وتُحمى ألا بعزيمة وسواعد وتضحيات أبنائها وبناتها؛ وإن الدول ليس لها أن تنهض وتتقدم وتنافس وتتصدر الصفوف إلا إذا حظيت بحكام أفذاذ يملكون رؤية واعية وخططا شاملة لمستقبل أوطانهم وشعوبهم، وإن من نعم الله التي تذكر فتشكر ما وهبه الله سبحانه وتعالى هذه البلاد المباركة على مر العهود من قيادة، كانت وما زالت وستظل -بمشيئة الله- تعمل بحكمة وحنكة من أجل الوطن والمواطن عبر مسايرة المرحلة ومتطلباتها ومواجهة التحديات بوعي وثبات واستيعاب عميق للحاضر وتحولاته واستشراف للمستقبل ودواعيه، وإن ما جاد علينا به المولى في هذا العهد الميمون بقيادة خادم الحرمين الشريفين -أعزه الله- من حضور سياسي متفرد وثقل اقتصادي مؤثر ما هو إلا تأكيد أن المكانة الرفيعة والمرموقة التي بلغها ويتبوؤها الوطن اليوم لم تأتِ صدفة، وتجسدها يوما بعد يوم الرؤية الواعدة لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بغية تحقيق الريادة والشموخ للوطن وضمان الرقي والازدهار لشعبه. يحتفل الوطن في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام بتوحيده على يد قائد ملحمة لمّ الشتات والفرقة، الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، وفيه نستذكر ما منّ الله علينا به من نعم كثيرة، وما تحقق لنا من منجزات عديدة تعجز كثير من الأمم عن تحقيقها لأوطانها وشعوبها في عقود من الزمن، ولنبرز في هذه المناسبة العزيزة علينا جميعا كل معاني وصور الانتماء والتقدير لمملكتنا الحبيبة بشكل راقٍ وصورة حضارية، ونجسد فيها كل قيم ومظاهر الولاء لقيادته بأصالة صادقة ومعهودة ووعي مسؤول ومتوقع، ونجدد العهد والوعد ببذل المزيد من العمل والجهد والعطاء الموسوم بمواكبة المتغيرات وتطوير القدرات وتحقيق التطلعات وحفظ الإنجازات وحماية المكتسبات، ونؤكد دورنا الراسخ في رفعة مكانة الوطن وتمثيله خير تمثيل وإبرازه بالشكل الذي يليق بمكانته. نحتفل بتوحيد هذا الوطن العظيم بقيادته وشعبه، وبالعمق التاريخي لتأسيسه وبتراث الملحمة الملهمة لتوحيده والممتد خيرها على مر العهود السابقة وصولا إلى حاضر هذا العهد الزاهر المبارك، فما سطر من كفاح وتضحيات في سبيل وحدة ورفعة هذا الوطن الغالي، نرفل بسببه اليوم في رغد من العيش والأمن والأمان والاستقرار؛ ولهذا نقول كنا وما زلنا وسنظل بعون الله مثالاً حقيقياً في تحمل المسؤوليات ومواجهة التحديات ومسايرة المتغيرات والمحافظة على المنجزات، واستشعار أهمية صلابة دورنا بالإصرار على رفعة مكانة الوطن والحفاظ على وحدته والذود عن حياضه والدفاع عن حماه.