استدعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء 300 ألف جندي من قوات الاحتياط للقتال في أوكرانيا وأيد خطة لضم أجزاء منها، ملمحا للغرب إلى استعداده لاستخدام أسلحة نووية للدفاع عن روسيا. وتعد هذه أول تعبئة من نوعها لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية وتمثل أكبر تصعيد للحرب في أوكرانيا منذ غزوها في 24 فبراير شباط. وجاء ذلك بعد زيادة الخسائر في الأرواح في صفوف القوات الروسية وتعرضها لانتكاسات في ساحة المعركة. ونجح هجوم أوكراني مضاد هذا الشهر في طرد القوات الروسية من مناطق سيطرت عليها في شمال شرق البلاد لتبقى عالقة في مستنقع بالجنوب. وقال بوتين في خطاب للشعب الروسي "إذا تعرضت وحدة أراضينا للتهديد، سنستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية شعبنا، هذا ليس خداعا". وأوضح أن روسيا لديها "الكثير من الأسلحة للرد". وردت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون بالقول إن هذه الخطوة تُظهر أن الحملة الروسية في أوكرانيا تفشل. وتعهد الحلفاء بتقديم مزيد من الدعم لحكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي. وقال وزير الدفاع الروسي إنه سيتم استدعاء 300 ألف جندي من قوات الاحتياط من ذوي الخبرة العسكرية السابقة في التعبئة الجزئية. وأوضح مستشار الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولياك أنها خطوة متوقعة وستُثبت أنها لا تحظى بشعبية كبيرة. وأبلغ بودولياك رويترز "دعوة متوقعة تماما وتبدو أشبه بمحاولة لتبرير فشلهم... الحرب لا تسير وفق السيناريو الروسي بشكل واضح". وقبل خطاب بوتين، ندد زعماء العالم المجتمعون في الأممالمتحدة في نيويورك بالغزو الروسي لأوكرانيا وعزم أربع مناطق محتلة إجراء استفتاءات في الأيام المقبلة على الانضمام إلى روسيا. وقال بوتين إن التعبئة الجزئية لقوات الاحتياط البالغ قوامها مليوني جندي هدفها الدفاع عن روسيا وأراضيها. وقال إن الغرب لا يريد السلام في أوكرانيا. واتهم واشنطنولندن وبروكسل بالضغط على كييف "لنقل العمليات العسكرية إلى أراضينا". وقصفت أوكرانيا بشكل متقطع أهدافا داخل روسيا خلال الصراع باستخدام أسلحة بعيدة المدى زودها بها الغرب. وأضاف بوتين "تم استخدام الابتزاز النووي أيضا"، مستشهدا بمحطة زابوريجيا الأوكرانية للطاقة النووية. وتتبادل روسياوأوكرانيا الاتهامات بتعريض المحطة للخطر خلال القتال. وقالت روسيا اليوم الأربعاء إن قذيفة من عيار كبير ألحقت أضرارا بأنبوب مياه في المحطة التي تحتلها القوات الروسية. كما اتهم بوتين مسؤولين من دول حلف شمال الأطلسي بالإدلاء بتصريحات حول "إمكانية وجواز استخدام أسلحة دمار شامل ضد روسيا". وقال "أود تذكيرهم بأن بلادنا كذلك تملك أسلحة دمار شامل وفي بعض أجزائها أكثر تطورا من نظيراتها لدى دول حلف شمال الأطلسي". * استفتاءات أكد بوتين من جديد أن هدفه كان "تحرير" منطقة دونباس، معقل الصناعة في أوكرانيا. وقال إن معظم الناس هناك لا يريدون العودة إلى ما وصفه باستعباد أوكرانيا. وفي خطوة منسقة على ما يبدو، أعلن القادة الإقليميون المؤيدون لروسيا أمس الثلاثاء عن إجراء استفتاءات في الفترة من 23 إلى 27سبتمبر أيلول في أقاليم لوجانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، التي تمثل 15 بالمئة تقريبا من الأراضي الأوكرانية. وتعتبر روسيا بالفعل لوجانسك ودونيتسك، اللتين تشكلان معا منطقة دونباس التي احتلت موسكو جزءا منها في عام 2014، دولتين مستقلتين. وتعتبر أوكرانيا والغرب جميع أجزاء أوكرانيا، التي تحتلها القوات الروسية، مناطق محتلة بشكل غير قانوني. وتسيطر روسيا الآن على حوالي 60 بالمئة من دونيتسك وكانت قد استولت على لوجانسك بالكامل تقريبا بحلول يوليو تموز بعد أشهر من القتال العنيف. وهذه المكاسب مهددة الآن بعد طرد القوات الروسية من إقليم خاركيف المجاور هذا الشهر، وفقدانها السيطرة على خطوط الإمداد الرئيسية لمعظم جبهات القتال في دونيتسك ولوجانسك. * احتجاجات دعت المعارضة الروسية إلى الاحتجاج على أمر التعبئة الذي أصدره بوتين. وقال أليكسي نافالني، أبرز زعماء المعارضة في روسيا والمسجون حاليا، إن بوتين يدفع بالمزيد من الروس إلى الموت بسبب حرب فاشلة. وقال تحالف فيسنا المناهض للحرب "هذا يعني الإلقاء بآلاف الرجال الروس - آبائنا وإخوتنا وأزواجنا - في مفرمة الحرب... الآن، حلت الحرب في كل بيت وكل أسرة". وذكر وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو اليوم الأربعاء أن 5937 جنديا روسيا لقوا حتفهم منذ بدء الصراع. وقدرت الولاياتالمتحدة في يوليو تموز عدد القتلى في روسيا بنحو 15 ألفا. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن بوتين لن يتخلى عن "طموحاته الاستعمارية" إلا إذا أدرك أنه لا يستطيع الانتصار في الحرب. وصرحت بولندا المجاورة لأوكرانيا بأن روسيا ستحاول تدمير جارتها وتغيير حدودها. وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيسكي "سنفعل كل ما في وسعنا مع حلفائنا، حتى يدعم حلف شمال الأطلسي أوكرانيا بشكل أكبر لتتمكن من الدفاع عن نفسها". وذكرت السفيرة الأمريكية في أوكرانيا بريدجت برينك أن روسيا أظهرت ضعفا بإعلانها التعبئة وإجراء استفتاءات في الأراضي التي تحتلها. وعصفت تصريحات بوتين أيضا بالأسواق العالمية التي ظلت تتأرجح منذ الغزو. وانخفض اليورو 0.7 بالمئة مقابل الدولار، وبدأت أسواق الأسهم الأوروبية التداول على انخفاض حاد، وتدفق المستثمرون على سندات الملاذ الآمن، مما أدى إلى انخفاض عائدات سندات الدين الحكومية الألمانية والأمريكية. كما ارتفعت أسعار النفط والغاز في أسواق الطاقة العالمية. وأوقفت روسيا تصدير الوقود ردا على العقوبات التي يفرضها الغرب عليها بسبب غزوها أوكرانيا. ووضعت بريطانيا وشركة يونيبر الألمانية لاستيراد الغاز حدا أقصى لأسعار بيع الكهرباء والغاز للشركات، وهي أحدث تحركات تتخذها أوروبا لضمان استمرار الإضاءة والتدفئة في الشتاء. ويصف بوتين تصرفات روسيا في أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية خاصة" لتخليصها من القوميين الخطرين و"تطهيرها من النازيين". ويصف الغرب هذه التصرفات بأنها استيلاء على الأرض ومحاولة لإعادة احتلال دولة تحررت من حكم موسكو مع انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.