ذكرت وزيرة الخارجية الفرنسية أنه لن يكون هناك عرض أفضل لإيران لإحياء اتفاقها النووي مع القوى العالمية، وإن الأمر متروك لطهران لاتخاذ القرار الآن، بينما قال منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات إنه لا يرى فرصة تذكر لتحقيق تقدم هذا الأسبوع. وتعثرت المحادثات غير المباشرة التي استمرت لأشهر بين إيرانوالولاياتالمتحدة بسبب عدة قضايا، منها إصرار طهران على إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقا في وجود آثار يورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة قبل إحياء الاتفاق، ومطالبة طهران بضمانات أميركية بأن واشنطن لن تنسحب من أي اتفاق نووي مرة أخرى. وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "لن يُطرح عرض أفضل على الطاولة والأمر متروك لإيران لاتخاذ القرارات الصحيحة"، مضيفة أنه لا توجد مبادرات في الطريق لإنهاء جمود الموقف. وردد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، منسق المفاوضات، تصريحاتها، حيث قال للصحفيين في نيويورك إنه لا يرى احتمالا لأي تقدم خلال اجتماع قادة العالم هذا الأسبوع. وقال "هناك اقتراح من منسق (الاتحاد الأوروبي) مطروح على الطاولة وسيبقى مطروحا. لا أرى حلا أفضل". وقال دبلوماسيون غربيون إنه لا توجد مفاوضات نشطة في الوقت الحالي، وإن من غير المرجح أن تحدث انفراجة قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي في نوفمبر. واتهموا إيران بالتراجع في المحادثات، وهو ما تنفيه طهران. وقالت كولونا إن موقف الولاياتالمتحدة وشركائها الأوروبيين متطابق بشأن مسألة حل قضية تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع في إيران. من جانبه قال مبعوث روسيا لدى المحادثات ميخائيل أوليانوف على تويتر "محاولات إلقاء اللوم بالكامل على إيران ليست عادلة، تعتمد المحادثات بشكل كبير على الجدول السياسي المحلي لطرف آخر"، في إشارة إلى الانتخابات الأميركية المقبلة. بدوره، يرى المحلل والباحث البريطاني كون كوفلن أنه، الآن وحتى بعد أن اضطرت إدارة بايدن إلى الاعتراف بمحاولاتها غير المدروسة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، يتعين على الغرب ألا يغفل عن أنشطة إيران الشريرة في أنحاء العالم. ويقول كوفلن في تحليل نشره معهد جيتستون الأميركي إنه طوال عملية المفاوضات بشأن الطموحات النووية الإيرانية، التي اعترفت إدارة بايدن الآن أنها انتهت إلى حالة من الجمود، حاولت طهران إعطاء انطباع بأنها مهتمة بالتفاوض للتوصل لاتفاق، بينما هي تصعد في الوقت نفسه أنشطتها العدوانية في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من المناطق. ويضيف كوفلن أنه رغم مزاعم القادة الأوروبيين بأنه ما زال من الممكن التوصل لاتفاق، أنهى التعنت الإيراني المفاوضات بالفعل، حيث اعترف وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن بأن مطالب إيران الأخيرة أعادت العملية "إلى الوراء". وعلى الرغم من أن فشل المحادثات يمثل انتكاسة كبرى لإدارة بايدن قبل الانتخابات النصفية المقبلة، من المهم أن تواجه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها حقيقة العمليات العسكرية الإيرانية المتوسعة في أنحاء العالم. وقال كوفلن إنه فيما يعتبر زيادة ملحوظة في النشاط الإيراني، أعلنت القوات الأوكرانية المشاركة في هجوم لاستعادة مساحات كبيرة من الأراضي شمال شرقي البلاد أنها أسقطت مسيرة إيرانية طراز شاهد – 136 تستخدمها القوات المسلحة الروسية في منطقة خاركيف. وظهرت أول تقارير بأن إيران عرضت تزويد روسيا بمسيرات ذات طابع عسكري لدعم جهودها العسكرية في أوكرانيا في يوليو الماضي عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران، حيث التقى المرشد الأعلى علي خامئني. وأعلن المسؤولون الأميركيون في وقت لاحق أن طائرات الشحن الروسية نقلت أول مجموعة من المسيرات الإيرانية. ورغم أن طهران نفت تلك التقارير، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية صورا تظهر ما بدا أنه أجزاء من مسيرة محطمة كُتب على جانبها بالروسية " جيران- 2". ويرى كوفلن أن هذا يعتبر تصعيدا خطيرا حقا في الأنشطة العسكرية الإيرانية، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر معدات عسكرية إيرانية على الأرض الأوروبية. ويضيف أن أحد الحجج التي يسوقها كثيرا الذين يختلقون الأعذار لإيران هو أن طهران لا تشكل تهديدا لأوروبا، وأن أنشطتها العسكرية قاصرة على تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط. ويرى كوفلن أنه إذا كانت إيران مستعدة لنشر معدات عسكرية متطورة، مثل المسيرات، على الأرض الأوروبية، حينئذ من الواضح أن حكام إيران لن يترددوا في إطلاق صواريخهم الباليستية طويلة المدى، المحتمل تزويدها بأسلحة نووية على أهداف أوروبية. ومن ناحية أخرى، ليس من الغريب أن تسعى روسياوإيران إلى زيادة تعاونهما العسكري في جهودهما لمواجهة الغرب، فالدولتان تعانيان من تداعيات العقوبات الغربية وتجدان نفسيهما في عزلة على المسرح الدولي. وعلى أية حال، يمثل استعداد إيران لأن تصبح مشاركة بصورة مباشرة في الصراع الأكثر دموية الذي يشهده الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تصعيدا ملحوظا في التهديد الذي تمثله طهران للعالم الخارجي، وتتجاهله الدول الغربية رغم ما ينطوي عليه من خطر لها. وأوضح كوفلن أنه علاوة على ذلك، ينبغي النظر إلى تورط إيران المتزايد في حرب أوكرانيا في سياق نشاطها الأخير المتزايد في مجالات عسكرية أخرى. وعلى الرغم من إصرار إيران على أنها حريصة على التفاوض للتوصل لاتفاق نووي جديد يحد من قدرتها في الحصول على مواد نووية ذات طابع عسكري، تباهى المسؤولون الإيرانيون الشهر الماضي بأنهم يمتلكون الآن القدرة الفنية لانتاج قنبلة ذرية. وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس عن خريطة تظهر أكثر من عشر منشآت أقامتها إيران في سورية خلال السنوات الأخيرة لإنتاج صواريخ عالية الدقة متوسطة وطويلة المدى يمكن استخدامها لاستهداف إسرائيل. وقال كوفلن إن هذا ليس تصرف دولة مهتمة بالسلام، كما تؤكد إيران مراراً وتكراراً، وإنه يتعين أن يكون ذلك جرس إنذار للقادة الغربيين للتصدى للعدوان الإيراني بنفس الطريقة التي واجهوا بها روسيا بالنسبة لقرارها غزو أوكرانيا. من ناحية أخرى، أعربت الأممالمتحدة عن "قلقها" حيال "ردّ قوات الأمن العنيف" على المحتجّين على وفاة الشابة مهسا أميني في إيران، إثر توقيفها من جانب السلطات الإيرانية. وجاء في بيان لمفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان أن "المفوّضة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف أعربت الثلاثاء عن قلقها حيال وفاة مهسا أميني في الحجز، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق الإيرانية، وحيال ردّ قوات الأمن العنيف على المتظاهرين احتجاجًا على الوفاة. وتصاعد الغضب الشعبي منذ أعلنت السلطات الجمعة وفاة أميني في المستشفى بعد ثلاثة أيام على دخولها في غيبوبة. وخرجت تظاهرات في طهران، بما في ذلك في عدة جامعات، وفي مشهد، بحسب وكالتي "فارس" و"تسنيم" الإخباريتين. وذكر بيان الأممالمتحدة تقارير أفادت عن تعرّض الشابة البالغة 22 عاما إلى "الضرب على رأسها بهراوة وتم ضُرب رأسها بمركبة ما تسمى بشرطة الأخلاق". وأفادت السلطات أنها توفيت لأسباب طبيعية. ودعت الناشف في بيانها إلى وجوب "تحقيق سلطة مختصة مستقلة بشكل فوري ومحايد وفاعل في وفاة مهسا أميني المأسوية وفي الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة، بشكل يضمن خصوصا حصول عائلتها على العدالة والحقيقة". بدورها، أفادت الناطقة باسم مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامدساني بأن قوات الأمن الإيرانية ردّت، وفق تقارير، على الاحتجاجات الواسعة التي أشعلتها وفاة أميني ب"الذخيرة الحية". وقالت إن معلوماتها تفيد بأن خمسة أشخاص قتلوا في الحملة الأمنية. وأعربت الناشف في بيانها عن قلقها حيال القوانين التي تلزم النساء بوضع الحجاب في إيران وإلا واجهن عقوبة السجن. وأكدت أن "على السلطات التوقف عن استهداف ومضايقة واعتقال النساء اللواتي لا يلتزمن قواعد الحجاب"، داعية إلى إلغاء جميع القوانين والقواعد المبنية على التمييز. تعاني النساء الإيرانيات من هضم حقوقهن واضطهادهن على كافة الأصعدة (أ ف ب)