على مدار أعوام مضت، ووصولاً لعصر رؤية 2030، حرصت المملكة على تعزيز قوتها الناعمة من علوم وفنون وثقافة؛ إيماناً من ولاة الأمر بأهمية هذه المجالات "مجتمعة" في صنع حاضر مزدهر، ومستقبل مشرق، يعزز من قدرتها على استقطاب المبدعين، وتفعيل الحوار والتواصل بين الأمم. ونتاج هذا الحرص، ما تعيشه المملكة اليوم من أزهى عصور الاهتمام بالعلم والثقافة والفن والأدب، يساعدها على ذلك الإرث الحضاري الضخم، والتنوع الثقافي الذي ترسخ على أرض الجزيرة العربية على مر تاريخ طويل، والذي يحفل بشتى الحضارات الإنسانية. وتعد النهضة الثقافية السعودية اليوم ترجمة حقيقية للطفرة الحضارية التي تعيشها البلاد خلال عقود ماضية، أنتجها المجتمع السعودي المثقف والواعي، الذي يتأهب لاحتلال موقعه على خريطة الثقافة العالمية، ويدعم هذه الطفرة العديد من المبادرات المهمة في قطاع الثقافة، منها الاستراتيجية الوطنية للثقافة التي أُعلن عنها في العام 2019 بهدف تطوير القطاع، وتضمنت 27 مبادرة تخدم 3 أهداف رئيسة، أولها الثقافة كنمط حياة، وثانيها الثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والأخير الثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية، وقد حققت المملكة الكثير من تلك الأهداف والتوجهات. ولم تنس المملكة ضمن مبادراتها عامل التشجيع للمثقفين والمبدعين، فخصصت مبادرة "الجوائز الثقافية الوطنية"، للاحتفاء بإنجازاتهم في القطاعات الثقافية الستة عشر الرئيسة، التي اعتمدتها في وثيقة رؤيتها، وتضمنت 14 جائزة تغطي المجالات الثقافية كافة. ومن صور التكريم والتشجيع، ذلك الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة تحت رعاية ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وكرّمت فيه الفائزين بجوائز "مبادرة الجوائز" في دورتها الثانية، في مشهد يؤكد للعالم أن المملكة أصبحت منارة ثقافية، عربية الطابع وإسلامية المنشأ، كما أنها أصبحت بوابة للثقافة في المنطقة والعالم، من خلال إرثها الثقافي العريق، ومبدعيها في الكثير من النشاطات، وجاءت مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية لتكون مصدر إلهام لهؤلاء المبدعين، وركيزةً أساسية لدفع عجلة التنمية الثقافية والمعرفية نحو مزيد من التقدم. ويبقى الجميل في الحفل نفسه، استحداث جائزة عالمية في النسخة المقبلة من المبادرة، تحت مسمى "جائزة التميز الثقافي الدولي"، ستكون مخصصة للاحتفاء بالشخصيات والمؤسسات الثقافية العالمية والإقليمية التي تثري المشهد الثقافي في شتى المجالات، وهذه الجائزة بمثابة رسالة تقدير لكل من ثابر واجتهد وأسهم في القطاعات الثقافية، وتعكس في الوقت نفسه حرص المملكة على فتح منافذ جديدة للإبداع والتعبير الثقافي، وتشجيع الحوار الثقافي مع العالم.