الإنسان جسد وروح ونفس؛ فكما أن الجسد يجوع ويعطش؛ كذلك النفس والروح تجوع وتعطش وتحتاج للغذاء، وأنا هنا للحديث عن الجوع النفسي «الفراغ العاطفي».. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا). أي أصبح خالياً من كل شيء في الدنيا إلا من ابنها الرضيع موسى عليه السلام عندما أخذته أمواج نهر النيل لقصر فرعون عدوه وعدو قومه. الحب ضروري لاستقرار النفس ولا أحد يستطيع أن يعيش من دون حب.. ولكن ليس كل حب يسبب الاستقرار بل من الممكن أن يزعزعه بدلاً من أن يشبعه؛ فتهيم النفس الجائعة لتبحث عن ضالتها وهكذا حتى تتوه في بحر لا قاع فيه. الفراغ العاطفي هو تلك الفجوة التي يشعر بها الفرد عندما لا يجد من يفيض عليه حناناً ومشاعر، تجعله يشعر بقيمته الذاتية عندما يلتفت حوله ولا يجد من يبادله هذا الحب سواء من أمومة أو أخوة أو صداقة وغير ذلك؛ يختلف الفراغ العاطفي بين الرجال عن النساء والمراهقين عن البالغين فالرجال غالباً ما يزيد لديهم الشعور بالفراغ العاطفي بعد سن الأربعين في حال كانوا عازبين أو منفصلين انفصالاً عاطفياً، وخاصة عند عدم وجود أصدقاء مخلصين، أو عندما لا يكون لديهم هواية يقضون بها أوقات فراغهم أو عندما يعملون في مهنة لا يحبونها في معظم الحالات قد يصل الأمر بهؤلاء الرجال للدخول بحالات اكتئاب وزهد بالحياة، وعليهم البحث عن شريك يملأ فجوة هذا الفراغ . أما الفراغ العاطفي لدى النساء هذا الكائن الرقيق الحساس الذي يحب التفاعل مع الغير وتبادل المشاعر والعواطف في كثير من الأحيان يكون دخوله في حالة الفراغ العاطفي بسبب الخذلان.. الخذلان مِن مَن حولهم عندما كانوا يثقون بهم، عندما تنكسر تلك الزجاجة فمن الصعب اعادتها إلى حيث كانت، عندها يجب أن تعي أن الحياة لا تقف عند أحد من البشر، فهناك الكثير من البدائل التي تملأ القلب بالحب والحياة. أما الفراغ العاطفي لدى المراهقين، تلك المرحلة التي يشعرون بها بمزيج بركاني من المشاعر المختلطة بسبب التغيرات في الجسمانية الهرمونية التي يكون لها دور كبير بالتأثير على الحالة النفسية، وتكون لديهم الرغبة في خوض المشاعر العاطفية والإحساس بها، في الغالب تكون مرحلة الطفولة لها تأثير كبير على مرحلة المراهقة، فعند احتواء الطفل وإشباع حاجته من الحب والاهتمام وتقدير الذات فإن ذلك يجعله قادرا على مواجهة هذه المشاعر في مرحلة المراهقة والتغلب عليها.