يُعد التعليم هو حجر الأساس لتشكيل المواهب وبروزها في كافة المجالات، لذا انبثق معهد "ثقف" المنضويِّ تحت مظلة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، والذي يهتم بنشر الفنون في المملكة والارتقاء بالثقافة الفنية المتنوعة، حيث يسعى لتنمية ودعم المواهب الشابة ليصبحوا بعد ذلك كوادر وطنية موهوبة في كافة الفنون. ليحدثنا مدير عام "ثقف" الدكتور يحيى القبيسي في حواره مع "الرياض" عن أبرز التجارب والصعوبات التي واجهت المعهد وتفاصيل أخرى، فإلى الحوار الآتي: * كيف بدأت فكرة إنشاء معهد "ثقف" ليكون أول معهد فني في المملكة؟ * في البداية تم تأسيس معهد "ثقف" بدعوة من الدكتور عمر السيف، عندما كان رئيساً لمجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، حيث طُلب مني تأسيس معهد مختص بالفنون في مجالات الجمعية كافة. وتمت الانطلاقة الحقيقية للمعهد في الرياض من خلال أولى دوراته في الأول من أكتوبر للعام "2017"، وتعددت بعد ذلك فروع المعهد على مستوى مناطق المملكة، إذا أردنا اختصار القول، أينما وجدت جمعية الثقافة والفنون، وجد معهد "ثقف"، حيث يعد مشروع المعهد ابناً للجمعية. * هل واجهتم مقاومة من المجتمع في تعلم الموسيقى والفنون؟ نحن في «ثقف» الأقل من ناحية الرسوم مقارنة بباقي المعاهد على مستوى المملكة * بصراحة وجدنا في "ثقف" تعاونا مجمتعيا كبيرا وانتفاحا على تعلم الفنون كافة، وكان ذلك من أبرز الأشياء التي ساعدت في انتشار المعهد على مستوى المملكة. * هل هناك نسب مختلفة بين الآلات المطلوبة والفنون الأخرى، وعدد الملتحقين أيهما أكثر من الجنسين؟ * حقيقة، تعد البرامج الموسيقية في المعهد الأكثر إقبالاً من قبل الملتحقين ب"ثقف"، ويمثل عدد السيدات النصيب الأكبر من المتدربين بواقع "70 %"، حيث حظيت آلة البيانو الأولى بأعداد متعلميها لسهولة قراءة النوتة ومساحتها الموسيقية أعلى من باقي الآلات، ويأتي العود ثانياً والذي يحمل الثقافة العربية الموسيقية، وأخيراً آلة الكمان. *إذن هناك عدد كبير من المدربين؟ * بالضبط، لدى معهد "ثقف" عدد يتناسب مع عدد الملتحقين، حيث يتجاوز عدد المدربين الموسيقيين في المعهد "50" مدرباً، بينما "50" مدرباً في كافة المجالات الأخرى. * ما الهدف الحقيقي من إنشاء هذا المعهد والذي بات مطلبا للمواهب؟ * الهدف الأسمى والأساسي للمعهد يمثل في تأهيل وإبراز الكوادر الوطنية الموهوبة في كافة الفنون، تحت مظلة رؤية سيدي ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله- والمشاريع التي تقدمها وزارة الثقافة. * كيف تجاوز المعهد صعوبة بناء الكادر التعليمي؟ * لم يكن الأمر سهلاً في فكرته، لذلك اشترطنا منّذ بداية المشروع على كل مدرب في المعهد، أن يؤلف حقيبته الخاصة ومن ثم يتم تعميدها، ليصبح بعد ذلك متدرباً معتمداً لدى المعهد. والآن نحن نفخر في "ثقف" لوجود أكثر من سبعين حقيبة معتمدة في جميع المجالات من المسرح، والسينما، والفنون البصرية، والموسيقى. * هل يتواجد معهد "ثقف" في كل مدينة؟ * بلاشك، دعم الدولة متمثلاً في قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- لكافة القطاعات، وتحديداً القطاع الثقافي سرع من عملية توسع المعهد في المملكة وجعله يحتضن المواهب في كل مكان. * بعد ذلك.. أين مخرجات المعهد؟ * بالنسبة لمخرجات "ثقف" من المبدعين واضحة، نحرص دائمًا على تواجدهم لدى المعهد كمدربين معتمدين، حيث يمثلون احتياجا للمعهد، نظراً لكثرة أعداد الملتحقين بالبرامج التدريبية، وكذلك شكلنا نحن "ثقف" بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالرياض فرقة موسيقية، ونعمل على أن تكون هذه الفرقة مؤهلة تأهيلا عاليا لتشارك بعد ذلك في الحفلات الموسيقية المقام في المملكة. كما أن جزءا كبيرا من مخرجات "ثقف" استقطبوا من قبل الفرقة الوطنية السعودية، وهناك من بدأ مشروعة الفني الخاص. * هل هناك تعاون مع وزارة الثقافة؟ * في حقيقة الأمر، حتى الآن لا يوجد أي تعاون بيننا وبين وزارة الثقافة، بسبب أن جمعية الثقافة والفنون مرّت بمرحلة انتقالية من وزارة الإعلام إلى وزارة الثقافة، لكننا نأمل أن يكون هناك تعاون ومواءمة مع وزارة الثقافة وهيئاتها. * من المؤكد أن المعهد مرّ عليه عدد من المواهب.. أين هُم الآن؟ * لقد ساهم "ثقف" في إظهار وإبراز المواهب السعودية وتوفير البيئة المناسبة التي تساعد في تطوير القطاع الثقافي، والقيمة المضافة الذي أضافها المعهد هو الاعتناء بالموهبة والمتابعة معها، سابقاً كان الموهوب يمارس هوايته ويذهب دون تطوير أو متابعة له، أما في "ثقف" أضفنا التدريب المستمر والمكثف، وهذا يساهم بعد ذلك في تأهيل مخرجات قادرة على النهوض بالقطاع، واليوم لدينا في المعهد العديد من الموهوبين في كافة المجالات، في مجال التمثيل لدينا مخرجات، كذلك في كتابة السيناريو لدينا 50 كاتب سيناريو، بعض نصوصهم فازت بجوائز محلية. * ما أكثر المجالات التعليمية إقبالاً؟ * يمثل مجال الفنون الموسيقية في المعهد الأول من حيث عدد الملتحقين به، والذي يقدم فيه قواعد ونظريات موسيقية "صولفيج"، ويعد مجال السينما والمسرح ثانياً من عدد الملتحقين، والذي يقدم (كتابة - تمثيل - إخراج)، وتأتي مدارس الفنون البصرية ثالثاً، وأخيرا الفنون التطبيقية والتي تدمج مابين المنتج والفن على سبيل المثال، تصميم الأزياء وتنسيق الزهور وصناعة العطور. * تمثل رسوم التعليم هاجساً لدى المواهب الصغار باعتبارهم الفئة العمرية الأعلى في المعاهد، فهل هي بالمتناول في "ثقف"؟ * نحن في "ثقف" لا نهدف إلى الربحية المطلقة، حيث على صعيد أسعار التسجيل في المعهد، نكاد نقول بأن "ثقف" الأقل من ناحية الرسوم المالية للملتحقين مقارنة بباقي المعاهد على مستوى مناطق المملكة، فمثلاً على مستوى التعليم الموسيقي، يتم احتساب تكاليف المدرب وفريق العمل فقط، دون تحميل الطالب تكاليف أخرى، وأسهم ذلك في التحاق العديد من الطلاب للمعهد متجاوزين أحياناً الطاقة الاستيعابية للكورس الواحد. * كيف تعامل المعهد مع الجائحة وتداعيتها؟ * خلال فترة جائحة كورونا والتي أجبرت العديد من المؤسسات والشركات التوقف عن العمل المباشر وتحويله عن بعد، نحن في "ثقف" كذلك فعّلنا دورنا الرقمي في التعليم عن بعد عن طريق إلقاء محاظرات نظرية وورش تدريبية عن طريق برنامج "zoom" بعضها كان بشكل مجاني أو بأسعار رمزية، وكانت فترة الجائحة رهان كبير للقائمين على المعهد بالأستمرار في التعليم، ولله الحمد لم يتوقف "ثقف" عن العمل يوماً واحداً عدا الإجازات الرسمية. أثناء الاتفاقية مع عالم الموسيقى في الكويت