الدول تضع عوائق أمام الصادرات لعدّة أسباب، أهمها حماية الصناعات الوطنية من الواردات الأجنبية، وهذا برأيي شيء جميل، ويجب أن تتخذه الأجهزة المعنية في الدول في حال كانت الواردات تلحق ضرراً بالصناعة الوطنية، إن أغلب الدول ومنذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، اتجهت إلى تدابير أخرى غير التعريفات الجمركية للحد من الصادرات وأسقفها العُليا، فقد يفرض البعض منها، رسوماً للتسجيل، أو شهادات مطابقة أو مصادقات أو أذونات استيراد، أو فرض ضرائب داخلية، أو تحديد مُدة صلاحية للمنتجات مُغايرة للمنتجات الوطنية، وذلك لرفع كُلفة المنتج المستورد، أمام المُنتج الوطني. ما أزال مؤمنا أن هذه التدابير حق لجميع الدول أن تتخذها، ولكن المشكلة العظمى، أن تفرض بشكل تمييزي، أي أن تفرض على دول دون أخرى، كما أن المشكلة الأعظم، تكمن في عدم اتخاذ أي إجراء موازٍ ومساوٍ له في القوة والأثر، فكثير من الدول عند وجود عدم مطالبة بشكل جديّ، وقوي، ومستمر، ومباشر من الدول المُتضررة، فستستمر تلك الدول في فرض هذه التدابير، والتسويف وإكثار الوعود والوفاء بالقليل منها. المنطقة المحيطة بالمملكة فيها عدد من الفرص للتصدير خصوصاً فيما يتعلق بإعادة البناء والإعمار مثل اليمن، والعراق، والسودان، ودول أخرى بحاجة إلى المنتجات الوطنية مثل المنتجات الغذائية والدوائية والطبية، لذا فإن تراكم العوائق، وعدم حلها بشكل مهني واحترافي، سيؤدي إلى كثرة إغلاقات المصانع داخل المملكة، وربما توجهها إلى دول مجاورة -بهدف التصدير- للتصنيع هناك، كذلك سيؤدي إلى تردد المستثمر الصناعي الأجنبي في إقامة مصانع داخل المملكة. إن من المُعضلات التي تواجه اتخاذ القرارات لحل مثل هذه العوائق تكمن أيضاً في صعوبة (الإجماع) لاعتماد اللوائح الفنية خليجياً، أو تعديلها أو تحديثها، إن سوق المملكة يعادل جميع أسواق دول الخليج مجتمعة، لذا فالسعودية هيّ من تقود وتؤثر في عملية الإجماع، وإذا كان -الإجماع- سيسبب معضلة وتحديا للتصدير فإن الانسحاب منه أجدى، كما أن قِلّة، إن لم يكن عدم وجود كوادر سعودية مؤهلة في الإدارات التابعة للأمانة العامة لدول مجلس التعاون، مثل مكتب الأمانة الفنية لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية، وإدارة منظمة التجارة العالمية بالأمانة، وفي منظمة التجارة العالمية والجامعة العربية، يشكل تحديا بالغ الأثر في صُنع القرار قبل اتخاذه في مثل هذه التكتلات الاقتصادية. إن الحلول لمثل هذه العوائق تكمن في حصر العوائق وتشكيل فريق من المختصين والخبراء من القطاعين العام والخاص، ليس فقط لحل العوائق، إنما أيضاً لتمكين نفاذ السلع الوطنية للأسواق المجاورة والدولية، واقترح أن يكون مرتبطاً بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، كذلك الإعلان في وسائل الإعلام عن أي عائق يتم فرضه من أي دولة كانت، والخطط والإجراءات التي سيتم اتخاذها تجاه ذلك. كما أنه من المهم جداً، التوسع في الاتفاقيات اللازمة للحد من عوائق التصدير، سواءً كانت جمركية أو غير جمركية، خاصة في الدول المُستهدفة بالتصدير، مثل الاتفاقيات الثنائية في الاعتراف المُتبادل بشهادات مطابقة المنتجات، واتفاقيات التجارة الحُرة، ومراجعة أداء الأجهزة المعنية بمنظمة التجارة العالمية واتفاقية التجارة العربية الكبرى، ودعمها بالكوادر الوطنية المؤهلة لتحقيق مصالح المملكة والدفاع عنها، ختاماً، إن حل عوائق التصدير، سيسهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في شتى المجالات، كما سيسهم بشكل مُباشر، في جعل المملكة مركزاً لوجستياً يربط القارات الثلاث. *متخصص في الأعمال الدولية والشراكات الاستراتيجية