في ظل انتشار الرقمنة بكافة المجالات، وزيادة الارتباط بالإنترنت، والحاجة الملحة لتكنولوجيا المعلومات لإنجاز العمل، أصبح الأمن السيبراني عنصراً رئيسياً في أي سياسة أمنية وطنية لصناع القرار كأولوية في سياساتهم الدفاعية الوطنية، بهدف حماية الفضاء السيبراني الوطني، وتأمين أصولهم الرقمية، بعد أن أصبحت الجرائم الإلكترونية أكبر تهديد للدول والشركات في العالم. وتزامن التحول الرقمي الكبير، مع ارتفاع قياسي في الهجمات السيبرانية التي تلزم اقتصادات العالم خسائر فادحة، مما أدى إلى ازدهار صناعة الأمن السيبراني العالمية والتي من المتوقع أن تتجاوز قيمتها 366 مليار دولار بحلول العام 2028، كما زاد التوجه نحو الاندماج السيبراني، الذي يمثل الجيل التالي للأمن السيبراني، لمواجهة تلك التهديدات. ويتميز الاندماج السيبراني، بأنه يوحد جميع وظائف الأمن في وحدة واحدة متصلة، حيث يجمع استخبارات التهديدات، والأتمتة الأمنية، والاستجابة للتهديدات، وتنظيم الأمن، والاستجابة للحوادث، وغيرها، مما يفعّل التعاون الأمني بين الأشخاص والفرق والأجهزة، ويقلل المخاطر، من خلال الكشف عن التهديدات وإدارتها والاستجابة لها بشكل متكامل. هذا التغير المتسارع في المشهد السيبراني، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، زاد من أهمية وجود منصات تقنية تناقش كل ما هو جديد في الأمن السيبراني، وتكنولوجيا المعلومات، مما يجعل لتلك المنصات فرصاً مهمة لاستكشاف أحدث اتجاهات الأمن السيبراني وتقنياته، مثل الاندماج السيبراني، وتبادل الخبرات والمعلومات والأبحاث الحديثة، والخروج بنتائج تساعد على حماية القطاع التقني ليظل آمناً وفعالاً. وهناك الكثير من المؤتمرات التقنية العالمية المهمة التي تعقد سنوياً، ومنها مؤتمر فيرتشوبورت (VirtuPort) لأمن المعلومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي تستضيفه مدينة الرياض يومي 6 و7 سبتمبر المقبل، ويجمع نخبة من الخبراء والمهتمين بالتقنية الحديثة، ويناقش الاندماج السيبراني وحماية البُنى التحتية الحيوية. ويعد هذا المؤتمر منصة عالمية كبرى للتقنية والابتكار، وحلقة وصل بين مبتكري التقنية من جهة، والشركات والجهات الحكومية والخاصة من جهة أخرى، بهدف الوقوف على آخر ما تم التوصل إليه من التقنيات الحديثة لحماية الفضاء السيبراني. ومثل هذه المؤتمرات تعود بفائدة كبيرة على المملكة العربية السعودية، وخاصة أنها تمتلك أكبر سوق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالشرق الأوسط، وقفزت أكثر من 40 مرتبة منذ عام 2018 في تقرير التنافسية الرقمية، منذ إطلاق رؤية 2030، كما احتلت المرتبة الثانية عالميًا بين قائمة الدول الصاعدة الرقمية لمجموعة العشرين في تقرير التنافسية الرقمية لعام 2021، الصادر عن المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية. وعلى الرغم من هذا التطور الكبير للقطاع التقني السعودي، ليجعلها هدفاً دائماً للهجمات السيبرانية، إلا أن لديها إمكانات تؤهلها لحماية قطاعها التقني من التهديدات الإلكترونية، حيث تطورت صناعة الأمن السيبراني فيها، ووفرت قيادة المملكة بيئة تشريعية قوية، وضخت استثمارات ضخمة، كما تمتلك كوادر بشرية ومواهب شابة قادرة على قيادة القطاع.