تتداخل الصحة مع تفاصيل حياتنا اليومية جميعها، إذ ترتبط بعاداتنا وسلوكنا وجميع مناشط حياتنا كالتغذية والرياضة والنوم وصولاً إلى الاستجمام والسياحة والترفيه، ومع تسارع وتيرة الحياة وزحام تفاصيلها أمسى الحفاظ على نسق حياة صحية متوازنة أمراً أكثر صعوبة يتطلب مزيداً من الجهد المضني، الأمر الذي دفع دولاً عديدة إلى البحث عن حلول وإطلاق مبادرات تخدم رفاهية الإنسان وتوجد له نوعاً من التوازن، ففي السعودية جاء برنامج جودة الحياة، أحد برامج رؤية المملكة العربية السعودية 2030، لتحسين جودة حياة سكان وزوار المملكة، والذي من أهدافه الاستراتيجية تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع، وتطوير قطاع السياحة، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان، وتحسين الظروف المعيشية للوافدين. عملت المملكة على بناء منظومة متكاملة توفر العديد من الخيارات الجديدة والفعالة التي تمكن الجميع من الانخراط في الأنشطة بمختلف أنواعها والإسهام في تنميتها والاستفادة منها بالصورة الأمثل، ففي الجانب الرياضي مثلًا أطلقت العديد من المبادرات والمشروعات النوعية التي عززت ثقافة الرياضة لدى مختلف شرائح المجتمع، فبكل حي تقريباً تجد المسارات الرياضية المجهزة، وبكل مدينة ستجد محفلاً رياضياً مميزاً، أما في الجانب الصحي نجد أن من أهداف برنامج جودة الحياة تمكين حياة عامرة وصحية وتعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية، وهنا يمكن قياس مدى نجاح هذه البرامج بالنظر إلى تجربة السعودية مع جائحة كورونا منذ البداية وحتى رفع كافة القيود الاحترازية مؤخراً، إذ تعتبر التجربة السعودية من أنجع التجارب على المستوى الدولي. وجنباً إلى جنب مع ذلك يمكن العمل على تعزيز جودة الصحة العامة من خلال توفير البدائل الطبية الملائمة كمراكز الطب البديل والتكميلي التي تقدم خيارات واسعة جداً تتنوع ما بين الاستجمام والتداوي والحصول على الرعاية الصحية الضرورية والرعاية التلطيفية، إذ تستخدم ممارسات الطب البديل والتكميلي بشكل أساسي لزيادة راحة واستقرار المريض وتحسين جودة حياته في دول كثيرة من العالم، ومن ذلك تحسن النوم وعلاج التوتر والقلق وتقليل الآثار الجانبية التي تنتج عن بعض العلاجات، كما يلعب الطب البديل والتكميلي دوراً فعالاً في الوقاية من المخاطر من خلال ممارسات ووسائل كالاسترخاء والتاي تشي والوخز الإبري، إذ تشير العديد من الدراسات لذلك، حيث من الممكن أن تساعد في خفض ضغط الدم وخفض وتيرة ضربات القلب، كما تفيد الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والتداوي بهذه الأساليب يساعد على تحسين القوة البدنية كذلك. إن الضغوطات الضخمة التي يعاني منها القطاع الصحي عالمياً تحتم على الدول البحث عن خيارات أخرى أقل كلفة وأسرع انتشاراً للوقاية من الأمراض والحفاظ على الصحة العامة وهو الأمر الذي تقدمه هذه البدائل إضافة إلى ذلك وجود الرغبة لدى المجتمعات في الحصول على العلاج الطبيعي بعيداً عن الأدوية الصناعية في المستشفيات. فلك أن تتخيل منظومة صحية متكاملة تقدم فيها كافة الخيارات الطبية وكيف سيكون لها انعكاس قوي على الاقتصاد وبالتالي على جودة حياة المواطنين والمقيمين والزائرين. وقد يكون هذا هو الوقت المناسب للتركيز على ضخ ودعم الاستثمارات بشكل جزئي مبدئياً إلى الاستثمار في مراكز الطب البديل والتكميلي أو مراكز العافية التي تعمل على تقديم الخدمات الصحية المكملة كالعلاج بالوخز الإبري واستخدام الأعشاب الطبية والمكملات والعلاج بالاسترخاء والزيوت العطرية والتدليك، مما يخفف الضغط على المستشفيات ويقدم خدمات صحية أساسية تعزز الصحة العامة، محققة أهداف برنامج جودة الحياة في المجال الصحي، ومن جهة أخرى إقامة برامج وندوات وفعاليات تعزز من مفاهيم جودة الحياة لدى المواطنين والمقيمين وتكون جاذبة للزوار. *استشارية أمراض جلدية