على أرض المملكة.. يتجسّد تحدي الأبطال في بطولة سباق الفورمولا1    طارت في غمضة عين    الشورى يطالب التجارة بتطوير نماذج عمل جمعيات حماية المستهلك    مدير عام حرس الحدود يصدر قرارات ترقية 10112 فردًا    النور بطلا للناشئين    إنزاغي يتحدث عن مستقبله في إنترميلان    صاروخ الدون أجمل الأهداف    46 ألف دعوى بالمظالم    بخيل بين مدينتين    استقرار أسعار النفط وخام برنت عند 64.77 دولاراً للبرميل    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    فرع الإفتاء بجازان يختتم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية الجامعية بفرسان    وزير الداخلية يبحث مع السفير السوداني عددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك    السعودية للكهرباء تحصد 5 ميداليات في معرض جنيف الدولي للاختراعات    394 مليار ريال نمو الائتمان المصرفي السعودي خلال عام    الأسهم السعودية تغلق مرتفعة وسط تداولات ب6 مليارات ريال    خالد باكور: فيلم "هو اللي بدأ" خطوة لصناعة أفلام طويلة برؤية مختلفة    "زين السعودية" شريك إستراتيجي مع "جمعية لأجلهم "لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة    أمير المدينة يتسلم تقريرا عن أداء الأجهزة الأمنية    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير منطقة الرياض يكرم الفائزين بجائزة الملك فيصل لعام 2025    «سلمان للإغاثة» يدشن بالأردن برنامج "سمع السعودية" التطوعي    "تكامل الصحية " تزور الشورى وتطلع على أعماله التشريعية    وزير الطاقة الأمريكي يزور أرامكو السعودية في الظهران وحقل الشيبة    رئيس مجلس الشورى يستقبل عددًا من سفراء المملكة    الأمين : نهدف لإعداد جيل قوي لتمثيل المملكة في آسيأ 2034    برعاية أمير المدينة.. انطلاق أعمال الدورة ال 45 لندوة البركة للاقتصاد الإسلامي غدًا    بدء استقبال طلبات صرف تعويضات ملاك العقارات المستوفية للإجراءات في موقع الكدوة بمكة    السجن خمس سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    4 أيام على انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية    59 بلاغًا عن آبار مهجورة في القصيم    السبتي: جودة التعليم أولوية وطنية ومحرك رئيس للازدهار    السودان يدخل عامه الثالث من الحرب وسط أوضاع إنسانية كارثية.. مكاسب ميدانية للجيش و"الدعم" ترد بمجازر دامية في الفاشر    تطوير التعاون السعودي الأمريكي بقطاع التعدين    "واتساب" تمنع الآخر من تخزين صورك وفيديوهاتك    الشرطي الشبح    بعد قرار مفاجئ.. إلقاء مدير مستشفى في حاوية قمامة    مها الحملي تتألق في رالي الأردن وتحقق المركز الثاني عالميًا    الحقيقة التي لا نشاهدها    انعدام الرغبة    لا تخف    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين "علم الصحراء 10"    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة فيحان بن ربيعان    نادي الثقافة والفنون في جازان يحتفي بعيد الفطر في أمسية شعرية من أجمل أماسي الشعر    5 مميزات خفية في Gemini    اعتماد جمعية رعاية كبار السن بمنطقة جازان    تفوق ChatGPT يغير السباق الرقمي    10 سنوات على تأسيس ملتقى أسبار    5 مكاسب بتبني NFC في الممارسة الصيدلانية    الفلورايد تزيد التوحد %500    تأثير وضعية النوم على الصحة    دول غربية تعالج التوتر بالطيور والأشجار    (16) موهوبة تحول جازان إلى كرنفال استثنائي    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن المكانة في زمن الاستعراض
نشر في الرياض يوم 17 - 08 - 2022

معظم المؤثرين الرقميين في المملكة أصحاب شخصيات استعراضية، وما يقومون به من عرض ليومياتهم ومشترياتهم على المنصات الاجتماعية، يأتي لتعزيز مفهوم القيمة وتقدير الذات لديهم، وهم في الواقع غير مستقرين في دواخلهم، ومعتادون على اختلاق الأكاذيب والاعتراف بها، ولا يقدمون إلا سعادة زائفة ومؤقتة، وضحكات مسروقة من مسرحيات قديمة، ولا يدخل في هذا المشاهير الفعليون والفنانون، أو من يطلب منهم القيام بأعمال معينة لأغراض الدعاية والإعلان، على أن تكون ضمن السياق المقبول والاحترافي، ولا تخترق حواجز الخصوصية وقيم المجتمع السعودي والذوق العام.
كان الناس في السابق يجدون المتعة والسعادة في أشياء بسيطة، أهمها، الحياة العائلية المستقرة والأطفال والوظيفة الآمنة والدخل الجيد، إلا أن أولوياتهم تغيرت في الثلاثين عاماً الماضية، وارتفع سقف الطموحات لديهم بصورة كبيرة، وأصبحوا يفكرون في امتلاك أكثر من منزل ومجموعة من السيارات، على سبيل المباهاة والاستعراض، ويستخدمون السوشيال ميديا في توثيق مشترياتهم من الماركات العالمية، وفي إطلاع الآخرين على رحلاتهم الصيفية لأفخم المنتجعات في الشرق والغرب، ويبحثون عن وظائف برواتب عالية لا يحتاجونها، وعن رصيد محترم في البنك لن يستخدموه كاستثمار، بطبيعة الحال، وسينفقونه على الكماليات بدرجة أكبر من الأساسيات.
هذه الظاهرة رصدها الاقتصادي الأميركي ثورستين فيبلين، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وسماها بالاستهلاك التفاخري في كتابه: نظرية الطبقة المترفة، وقال فيه إن الناس في الغالب يشترون الأشياء الغالية جداً، من دون احتياج فعلي، وذلك بغرض التفاخر أمام الآخرين أو مجاراتهم في أنماط استهلاكهم، وأنهم يبحثون من خلالها عن القبول والمكانة الاجتماعية، وليس القيمة في مقابل السعر، والتنافس في العادة يكون بين طبقتين مختلفتين في المستوى الاجتماعي، ومن الأسفل إلى الأعلى، ويفترض في هؤلاء أن يكونوا من الأقارب أو الأصحاب أو زملاء العمل، أو من الدوائر القريبة للشخص، وفي الظروف الحالية، دخل إلى القائمة مشاهير السوشيال ميديا فيما بينهم، أو بعمل مقارنات معهم من قبل جمهور المتابعين لهم، والعملية تتداخل فيها أمور كالغطرسة والحسد وتوظيف الأقل مكانة وقيمة كموضوع للتسلية والنكات، وفي منصات التواصل الاجتماعي تستخدم العواطف كسلعة للتداول، وكوسيلة لكسب المال وتعظيم رأس المال الاجتماعي.
جامعة كورنيل الأميركية نشرت دراسة في نوفمبر 2011، وقامت فيها باختبار الاستهلاك التفاخري وفق عاملي الرؤية ومرونة الدخل، وكانت النتيجة أن الناس تنفق بشكل تفاخري أكبر على السلع التي يمكن لغيرهم رؤيتها، كالمجوهرات والسيارات والملبوسات الخارجية، وفي المقابل يقل إنفاقهم على الأشياء التي لا تظهر لعموم الناس ولا يرونها، كالملبوسات الداخلية والبيجامات وغيرهما، مع ملاحظة أن الشخص قد يشتري الكماليات مرتفعة الكلفة، لأسباب نفسية، تتعلق بتقديره لذاته أو لحماية نفسه من ضغوطات تمارس عليه.
السعادة كانت مرتبطة بالروحانيات والهدايا الإلهية في الحضارات القديمة، حتى جاء إيمانويل كانط، في القرن السادس عشر الميلادي، بفكرة صناعة السعادة بمجهودات شخصية، وفي القرن الثامن عشر الميلادي اهتم الناس بالدلالات الأخلاقية للمكانة الاجتماعية، فأصبح الأذكياء والمبدعون والفضلاء من أصحاب المكانة العليا، والكسالى والخاملون ومحدودو القدرات العقلية وقليلو الحيلة من أصحاب المكانة الدنيا، وارتبطت المكانة بالمنجز الشخصي لا الجمعي على المستوى المالي، وتحولت الثروة إلى وسيلة لكسب الاحترام والقيمة الفردية، وهو ما أكد عليه الرئيس الأميركي توماس جيفرسون في خطاب الاستقلال، الذي حبر في سطوره ركائز الحلم الأميركي.
فترة التحول إلى الحداثة الأميركية وارتباطها بالممتلكات والثروة بدأت بعد الحرب العالمية الأولى، أو تحديداً في عام 1920، وتم فيها ربط السلع في الإعلانات بالعواطف والأحاسيس لا بمواصفاتها المادية، إلا أن وصولها العربي حدث متأخراً بعد الاستعمار والحرب العالمية الثانية، وكان ذلك عن طريق لبنان ومصر بواسطة الصحافة والسينما، ومن ثم أصبحت الكويت منارة الإشعاع الاستعراضي لجيرانها من دول الخليج، والمرجعية العاطفية ساهمت في تكريس مفهوم السلوك التفاخري والسلع الفيبلنية، نسبة إلى فيبلين، والمقصود بها السلع التي كلما زاد سعرها ارتفع الطلب عليها، وتكون في الغالب فخمة وحصرية ولا يستطيع شراؤها إلا الفئة المترفة، ومن يحاولون الدخول لعوالمها.
وجدت دراسة طويلة أجرتها جامعة هارفارد الأميركية منذ 1938 ولا تزال، على 724 رجلاً، في محاولة لمعرفة ما يسعدهم، أن السعادة ليست في الطبقة الاجتماعية ولا الجينات ولا المادة ولا الممتلكات ولا الاستهلاك ولا الشهادة الجامعية، ولكنها في اجتماعية الإنسان وفي علاقاته السوية بالآخرين، ما يعني أن اللامبالاة الاجتماعية مطلوبة، وعلى طريقة أكثر من ملياردير غربي مشهور، فهؤلاء رغم ثرواتهم، لا زالوا يواظبون على تناول إفطار قيمته ثلاثة دولارات، ولم يغيروا الحذاء نفسه لأعوام، ويستخدمون مدفأة كهربائية لا تتجاوز قيمتها 40 دولاراً، ويلبسون ساعة يد بقيمة 50 دولاراً، وكل شخص استثنائي في مهمته وفي فرصه وفي قيمته كإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.