بينما كان يستعد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لخوض انتخابات رئاسية ثالثة، تعرض منتجعه في فلوريدا لهجوم من ال"إف بي آي"، الأمر الذي اعتبره خبراء اميركيون تطورا تاريخيا غير مسبوقا، سيستغله الرئيس السابق في دعم ترشحه لولاية رئاسية ثانية عام 2024، أو قد يكون نهاية لحياته السياسية، خصوصا ان عملية الدهم المثيرة التي نفذها مكتب التحقيقات الفدرالي في مقر إقامة ترمب في فلوريدا ساهمت بتأجيج السجال السياسي المرير والمثير للاستقطاب بشأن عدد من التحقيقات القضائية التي تطال الرئيس السابق. وفاقمت عملية الدهم المباغتة الإثنين الماضي الضغوط القضائية التي يتعرض لها رئيس الولاياتالمتحدة ال45، وسط ترحيب من خصومه السياسيين وإدانة من أنصاره. وقال ترمب عن عملية التفتيش التي قام بها عناصر الإف بي آي لمقر إقامته في مارالاغو "لم يحصل شيء كهذا لرئيس للولايات المتحدة من قبل". وسارع ترمب إلى إضفاء طابع سياسي على العملية، مدعيا أن "منزله الجميل كان محاصرا ومحتلا"، بينما اشتكى من أنه ضحية "تسليح نظام العدالة" من قبل الديمقراطيين الذين أرادوا منعه من أن يصبح رئيسًا بعد انتخابات 2024. وتعاطف العديد من الجمهوريين مع "ترمب"، وطالبوا وزارة العدل بشرح موقفها، بدعوى أن الرئيس السابق كان ضحية لثأر سياسي. واشار عدد من خبراء القانون إن ترمب قد يمنع من الترشح لرئاسة الولاياتالمتحدة مجددا عام 2024 حال إدانته بهذا القانون. وفي حالة الإدانة، يمكن تغريم المتهمين أو الحكم عليهم بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على أنه إذا كانوا يعملون حاليا في الحكومة الفدرالية، فسوف "يفقدون" منصبهم و سيتم استبعادهم من تولي أي منصب في الولاياتالمتحدة". وشمل البحث الذي قام به مكتب التحقيقات الفدرالي، فحص مكان الاحتفاظ بالوثائق داخل مقر إقامة "ترمب"، والذي لم يكن متواجدا فيه. وفي فبراير الماضي، أبلغت إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية الأميركية، الكونغرس بأنها عثرت على نحو 15 صندوقا من وثائق البيت الأبيض في منزل ترمب في فلوريدا، يحتوي بعضها على مواد سرية. وكان من المفترض أن يسلم ترمب، في نهاية ولايته، الوثائق والمدونات التي بحوزته، ولكنه بدلا من ذلك نقلها إلى مقره، وتضمنت أيضا مراسلات خاصة بالرئيس الأسبق باراك أوباما. وأثار الحدث ردود فعل واسعة في أميركا وحول العالم. وروج البعض أن هناك "مؤامرة من الديمقراطيين" لاستبعاد ترمب من الترشح في الانتخابات المقبلة لا سيّما مع انخفاض شعبية بايدن وتراجع صحته. وتوقع فريق منهم زيادة شعبية ترمب إذا لم يظهر ما يدينه في الوثائق التي عثر عليها. واكتفى فريق بوضع تصوره لما يجري هناك. وكان رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي داهموا مقر إقامته في منتجع "مار لاجو" بفلوريدا، وارتفعت حدة التكهنات في وسائل الإعلام الأميركية وافادت شبكة "سي إن إن" إن وزارة العدل لديها تحقيقين نشطين يتعلقان بالرئيس السابق، أحدهما مرتبط بالجهود المبذولة لإلغاء الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2020، وأحداث يوم 6 يناير 2021 (اقتحام الكونغرس)، والآخر يتعلق بالتعامل مع الوثائق السرية. وشملت عملية البحث فحص مكان الاحتفاظ بالوثائق، وفقًا لشخص آخر مطلع على التحقيق. وفي فبراير الماضي، طلبت هيئة المحفوظات الوطنية، وهي الوكالة الحكومية الأميركية التي تدير حفظ السجلات الرئاسية، من وزارة العدل، التحقيق في تعامل ترمب مع الأوراق الرسمية. وحينها، قال الأرشيف الوطني إنه استعاد 15 صندوقا من مار لاجو، بعضها يحتوي على سجلات سرية. وبموجب القانون، يُطلب من الرؤوساء الاميركيون نقل جميع خطاباتهم ووثائق العمل ورسائل البريد الإلكتروني إلى الأرشيف الوطني. فيما قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إن مداهمة "إف.بي"أي" لمنزل ترمب تمثل خطوة كبيرة، مشددة على أنه حتى الرئيس السابق ليس فوق القانون. لكن المسؤولين يقولون إن الرئيس السابق مزّق بشكل غير قانوني العديد من الوثائق. وفي أوائل يونيو الماضي، وقام عدد من المحققين بزيارة نادرة للعقار نفسه، بحثا عن مزيد من المعلومات حول المواد التي يحتمل أن تكون سرية خلال عهدة ترمب في البيت الأبيض والتي تم نقلها إلى فلوريدا. وقبل ذلك بشهرين، أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلات مع مساعدي ترمب في المنتجع، كجزء من التحقيق في التعامل مع السجلات الرئاسية. وأثارت المداهمة غضبا كبيرا في صفوف النواب الجمهوريين. وقال حاكم فلوريدا الجمهوري، رون ديسانتيس: "إن المداهمة تصعيد آخر في تسليح الوكالات الفيدرالية ضد المعارضين السياسيين للنظام. ويعدّ تحقيق السجلات الرسمية ومحاولة إخفائها، الأخطر الذي يلاحق ترمب، فيما يسعى الأخير وحلفاؤه إلى وضعه في خانة الحرب المفتوحة مع الديمقراطيين، لمنعه من الترشح ويبدو الرئيس السابق في سباق مع الوقت لإعلان ترشحه أو التراجع عنه، علماً أن الانتخابات النصفية للكونغرس والمقررة في نوفمبر المقبل، قد تشكل اختباراً أولياً لمدى صمود شعبيته وسط الجمهوريين، مع مؤشرات تدل على إمكانية تغلب الحزب المحافظ على الديمقراطيين. المحصلة النهائية ان ازمة الوثائق الرسمية تتفاقم، وخيارات ترمب محدودة أما تأجيج الصراع السياسي وخلط الاوراق، او منعه من الترشح لانتخابات 2024.