الاقتصاد الغربي، أوروبا وأمريكا، يعيش حالة ينطبق عليها المثل الشعبي: [بين الغار والنار].. فالمحشور في غار سقفه الصخري نازل، وأرضه نار، في حالة يُرثى لها: إن رفع رأسه ضربه السقف الصخري، وإن أراد الجلوس للراحة أكلته النار، تُذكرني حالته بمشهد رأيته في ساحة دولة سياحية: رأيت دجاجة في قفص ترقص، ترفع رجلًا ثم تضع الأخرى بشكلٍ مستمر.. أعطيت صاحب القفص بعض النقود ليشرح لي سبب رقص الدجاجة فأخذني في زاوية وهمس: وضعت تحت قدمي الدجاجة صفيحا شديد السخونة، فهي ترفع رجلها من شدة الحرارة، ولو رفعت الثنتين سقطت على الصفيح الناري، قلت أعوذ بالله ! وعرضت عليه بعض النقود ليعتق الدجاجة المسكينة ويخلصها من العذاب ففعل، وأظنه أعادها إلى قفصها الناري بعد انصرافي.. الاقتصاد الغربي حاليًا يكاد يعيش حالة مماثلة، إن رفع الفائدة لسعته نار الركود، وإن لم يرفعها ضربه صخر التضخم، والأسوأ هو الوقوع في مستنقع (الركود التضخمي) وهو ارتفاع البطالة والأسعار معًا، {مؤشر البؤس} الذي يرفع مؤشر الغليان الاجتماعي.. لكنني أعتقد أنه لن يصل لتلك الحالة، ولن يستمر كتلك الدجاجة، بل سوف يجير التضخم والركود معًا للدول النامية، لأن لدى الغرب مزيدا من أدوات خفض التضخم، منها تخفيض الضرائب على النفط والغاز والواردات الأخرى ذات الوزن الفاعل في قياس التضخم، الغرب في المستقبل لن يتأثر بقوة، سوف يجعل الدول النامية تدفع القسم الأكبر من تضخمه، وذلك برفع عملاته الدولية بحيث تنخفض عملات الدول النامية إلى الحضيض، وتصدر له سلعها بأبخس الأثمان للحصول على العملات الصعبة التي يحتكرها بلا مبرر.. يستثنى من ذلك الدول المصدرة للبترول بقوة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي ينمو اقتصادها بشكلٍ قوي، أما بقية الدول النامية فقد تصل لحالة الركود التضخمي الذي يفقّس غربان الشؤم من بطالة وغليان اجتماعي وبؤس. التضخم ظاهرة نقدية بالأساس، والتيسير الكمي أغرق العالم بتريليونات النقود غير المغطاة بعمل ولا سلع {نقود شبه مزورة} وهي، النقود، تمثل جانب الطلب الذي تضاعف مرارًا بسيول التيسير الكمي، بينما السلع والخدمات لايمكن عمل تيسير كمي لها بالطبع، نموها محدود مقارنة بالنمو الهائل للنقود غي المغطاة، والسلع والخدمات هي العرض، زاد الطلب وقل العرض [نقود كثيرة تطارد سلعًا قليلة] هذا التضخم، وقد يصطلي بناره الغرب فترة إلى أن يتمكن بمكره من تجييره للدول النامية.