اتهمت روسياالولاياتالمتحدة ب"زعزعة العالم" من خلال إحداث توترات بشأن تايوان، حيث يثير احتمال زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لهذه الجزيرة غضب بكين. وكتبت الناطق باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر تلغرام "واشنطن تزعزع العالم. لم يحل أي نزاع في العقود الأخيرة بل تم التسبب بنزاعات كثيرة". وتبدو هذه التصريحات بمثابة رد موسكو على اتهامات الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة لها بزعزعة الاستقرار من خلال هجومها العسكري على أوكرانيا. وبدأت بيلوسي هذا الأسبوع جولة آسيوية ترفع منسوب التوتر بين واشنطنوبكين على خلفية زيارة غير مؤكدة إلى تايوان. وفي ذات السياق ومع توجه نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي، إلى تايبه الثلاثاء وسط تحذيرات مكثفة من الصين، تمركزت أربع سفن حربية أميركية، بينها حاملة طائرات، في المياه شرقي الجزيرة في عمليات انتشار "اعتيادية". وأكد مسؤول بالبحرية الأميركية لرويترز أن حاملة الطائرات رونالد ريجان عبرت بحر الصين الجنوبي وهي حاليا في بحر الفلبين شرقي تايوانوالفلبين وجنوبي اليابان. وتعمل حاملة الطائرات المتمركزة في اليابان مع سفينة الصواريخ الموجهة أنتيتام والمدمرة هيجينز. وقال المسؤول الذي اشترط عدم نشر اسمه "في حين أنها قادرة على التعامل مع أي احتمال، فهذه عمليات انتشار اعتيادية". وأضاف أنه لا يمكنه التعليق بشأن مواقع محددة. وأوضح المسؤول بالبحرية الأميركية أن سفينة الهجوم البرمائي تريبولي أيضا في المنطقة في إطار انتشار بدأ في أوائل مايو من مينائها الأصلي في سان دييجو. وذكر المصدر أن السفن والطائرات الحربية الصينية "ضغطت على" خط الوسط صباح اليوم الثلاثاء في خطوة غير معتادة وصفها المصدر بأنها "استفزازية للغاية". وأضاف أن المقاتلات الصينية أجرت مرارا مناورات تكتيكية "لامست" خلالها لفترة وجيزة خط الوسط وحلقت عائدة إلى الجانب الآخر من المضيق صباح اليوم الثلاثاء، في حين كانت الطائرات التايوانية في حالة تأهب على مقربة. ولا تعبر طائرات أي من الجانبين عادة خط الوسط. وفي بيان الثلاثاء قالت وزارة الدفاع التايوانية إنها على دراية تامة بالأنشطة العسكرية قرب تايوان وستنشر القوات على نحو ملائم ردا على "تهديدات العدو". وذكرت وكالة الأنباء المركزية الرسمية بالجزيرة اليوم الثلاثاء نقلا عن مصادر لم تحددها أن الوزارة "عززت" مستوى الاستعداد القتالي صباح الثلاثاء حتى ظهر الخميس. وفي مدينة شيامن بجنوب شرق الصين، والتي تقع قبالة تايوان وبها وجود عسكري كبير، أبلغ سكان عن مشاهدة تحركات مركبات مدرعة ونشروا صورا لها على الإنترنت. ولم تتحقق رويترز بعد من الصور. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تضج بالخوف من الصراع المحتمل والحماسة الوطنية بشأن احتمالية الوحدة مع تايوان. ومنذ الأسبوع الماضي، أجرى جيش التحرير الشعبي الصيني تدريبات مختلفة، بما في ذلك تدريبات بالذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي والبحر الأصفر وبحر بوهان. ويقول بعض المحللين العسكريين الإقليميين إن تعزيز الانتشار في وقت التوتر يزيد مخاطر وقوع حوادث، حتى لو لم يكن أي طرف يريد صراعا فعليا. من جهتها حذّرت الصينالولاياتالمتحدة الثلاثاء من أنها "ستدفع الثمن" في حال زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تايوان، في ظلّ احتدام التوتّرات بين بكينوواشنطن. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا تشونيينغ خلال إحاطة إعلامية دورية إن "الجانب الأميركي سيتحمّل المسؤولية وسيدفع الثمن في حال المساس بمصالح الصين الأمنية السيادية". وتعتبر بكينتايوان جزءا من أراضيها وتعلن أنها تريد أن تستردها بالقوّة إن اقتضى الأمر. وهي حذّرت واشنطن أكثر من مرّة من مغبّة قيام بيلوسي بزيارة الجزيرة والتي قالت إنها ستعتبرها استفزازًا. وصلت بيلوسي الثلاثاء إلى ماليزيا، في ثاني محطة من جولتها الآسيوية التي ترفع منسوب التوتر بين واشنطنوبكين على خلفية زيارة إلى تايوان غير مؤكدة لكن تزداد أرجحية. وحطّت نانسي بيلوسي صباح الثلاثاء في القاعدة الجوية الماليزية قبل أن تجتمع برئيس الوزراء ورئيس الغرفة الدنيا في البرلمان، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الوطنية "برناما". ورأى مراسلو وكالة فرانس برس بيلوسي تخرج من فندق في العاصمة الماليزية وتركب سيارة رباعية الدفع قبل أن تنطلق في موكب يخضع لحماية مشدّدة. وبعد سنغافورةوماليزيا، ستتوقّف بيلوسي في كوريا الجنوبيةواليابان. وما زال الغموض يكتنف إمكانية زيارتها تايوان. وجاء في بيان صادر عن بيلوسي "خضنا جملة واسعة من المناقشات حول سبل تحقيق أهدافنا المشتركة وضمان الأمن في منطقة المحيطين الهندي والأطلسي". زيارة "محتملة جدّا" تداولت عدّة وسائل إعلام تايوانية تعليقات تساي تشي-تشانغ نائب رئيس البرلمان في الجزيرة التي جاء فيها أنه "من المحتمل جدّا" أن تقوم بيلوسي بزيارة في الأيام المقبلة. وأشارت عدّة مقالات في الصحف الدولية إلى أن الزيارة خُطّط لها بالفعل وتطرّقت "فاينانشل تايمز" إلى لقاء بين بيلوسي ورئيسة تايوان الأربعاء. ونقلت صحيفة "ليبرتي تايمز" التايوانية عن مصادر لم تكشف عن هويتها أن بيلوسي ستحطّ في الجزيرة مساء الثلاثاء وتلتقي بالرئيسة تساي إنغ-وين في اليوم التالي قبل أن تغادر في فترة بعد الظهر. ويبدو البيت الأبيض منزعجا بعض الشيء من الزيارة، غير أن الناطق باسمه جون كيربي قال الاثنين إن لبيلوسي "الحقّ في زيارة تايوان". وهو صرّح "ما من سبب لتقوم بكين بتأزيم هذه الزيارة التي لا تخلّ بالعقيدة الأميركية العائدة إلى زمن طويل". ويعتبر أغلبية المحلّلين خطر نشوب نزاع مسلّح ضئيلا، غير أن مسؤولين أميركيين كشفوا أنهم يتأهّبون لاستعراض قوّة محتمل من الجيش الصيني يقوم مثلا على إطلاق صواريخ في مضيق تايوان أو خروقات جوية واسعة النطاق في محيط الجزيرة. وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية في بيان الثلاثاء أنها "مصممة" على حماية الجزيرة من تهديدات الصين. تسافر رئيسة مجلس النواب الأميركي في طائرة عسكرية، وصحيح أن واشنطن تستبعد تعرّض بيلوسي لاستهداف مباشر، غير أن خطر وقوع "خطأ في التقدير" يبقى قائما. تعتمد واشنطن إزاء تايوان دبلوماسية تُعرف ب "الغموض الاستراتيجي" تقوم بالاعتراف بحكومة صينية واحدة هي تلك الموجودة في بكين، مع الاستمرار في توفير دعم حاسم لتايبيه والعزوف في الوقت عينه عن تأكيد إذا ما كانت ستدافع عسكريا أم لا عن الجزيرة في حال اجتياحها. وشدّد جون كيربي على أن هذا النهج السياسي يبقى قائما. وامتنعت الحكومة التايوانية من جانبها عن الإدلاء بأيّ تعليق في ما يخصّ زيارة نانسي بيلوسي. ولم يؤكّد رئيس الوزراء التايواني سو تسنغ-تشنغ الثلاثاء أن الزيارة ستجرى عندما سأله الصحافيون عنها، لكنه شكر نانسي بيلوسي على دعمها. "خطرة جدّا" يعيش سكان تايوان البالغ عددهم 23 مليون نسمة في ظلّ تهديد دائم من تعرّض الجزيرة لاجتياح صيني، وقد اشتدّت هذه المخاوف مع وصول شي جينبينغ إلى الرئاسة إذ أن الأخير جعل توحيد الأراضي الصينية في قلب أولوياته. وخلال مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي مع الرئيس الأميركي، تمنّى شي على الولاياتالمتحدة "ألا تلعب بالنار". وقال لاحقا السفير الصيني لدى الأممالمتحدة جانغ جون خلال مؤتمر صحافي "وفق تصوّرنا، تبدو زيارة من هذا القبيل خطرة جدّا ومستفزّة بدرجة شديدة". وأردف "إذا ما جرت هذه الزيارة، فإنها ستضعف أيضا العلاقة بين الصينوالولاياتالمتحدة وأنا أكيد من الولاياتالمتحدة تدرك ذلك خير إدراك". مساء الاثنين، نشر الجيش الصيني مقطع فيديو على الإنترنت يُظهر جنودًا يهتفون أنهم جاهزون للقتال ومظليين يقفزون من طائرة، بالإضافة إلى صواريخ كثيرة تُدمّر عدة أهداف. وقد تسبّبت التكهّنات المتزايدة بشأن زيارة بيلوسي بتراجع الأسهم في البورصات الآسيوية الثلاثاء، في ظلّ تزايد المخاوف من خطر التصعيد. واتهمت روسيا من جانبها الولاياتالمتحدة ب"زعزعة العالم" من خلال إحداث توترات بشأن تايوان. وكتبت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر تلغرام "واشنطن تزعزع العالم، لم يحل أي نزاع في العقود الأخيرة بل تم التسبب بنزاعات كثيرة". وتبدو هذه التصريحات بمثابة رد موسكو على اتهامات الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة لها بزعزعة الاستقرار من خلال هجومها العسكري على أوكرانيا. وفي حال أقدمت بيلوسي على هذه الخطوة، فإنها ستكون أعلى مسؤولة أميركية تزور تايوان منذ زيارة سلفها نيوت غينغريتش عام 1997.