نعلم جميعاً ما خلفته جائحة كورونا على العالم أجمع، لكن في الاقتصاد تكون هناك قطاعات تزدهر وسط الخسائر والأزمات، وكان قطاع المدفوعات الرقمية أكبر المستفيدين من سوء الأوضاع في جميع الدول وليس فقط في المملكة العربية السعودية. فجائحة كورونا أدت لزيادة استخدام المدفوعات الرقمية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل باستثناء الصين، فأكثر من 40 في المائة من البالغين الذين أجروا مدفوعات رقمية قاموا بذلك لأول مرة خلال فترة وباء كورونا، وفي الهند كان الوباء سبباً في أن يقوم أكثر من 80 مليون بالغ باستخدام أنظمة الدفع الرقمية لأول مرة، بينما بلغ هذا العدد أكثر من 100 مليون في الصين. الإقرار بالقوة المتزايدة للمدفوعات الرقمية لا ينفي بأن بعض اتجاهاتها المستقبلية لا تزال محل جدل بين الاقتصاديين من حيث تأثيراتها الإيجابية والسلبية على الاقتصاد الوطني والعالمي معاً؛ ففي تقرير قامت به Harvard Business بالتعاون مع McKinsey & Company أكدت فيه أن المدفوعات الرقمية تزايدت بشكل ملحوظ مؤخراً وحققت أرباحاً متزايدة بشكل ملحوظ عن السنوات التي سبقت جائحة كورونا بمعدل نمو وسطي سنوي يبلغ 4 % إلى 5 % في أوروبا. وفي المملكة العربية السعودية كان نمواً فلكياً في مدفوعات البطاقات، حيث ارتفعت بأكثر من 70 % بين فبراير 2019 ويناير 2020. ولأن المدفوعات الرقمية تعزز الكفاءة عبر القطاعين العام والخاص؛ كونها أنظمة موثوقة وآمنة وميسورة التكلفة لجميع الأشخاص على اختلاف دخلهم وملائمة للاستخدام، وهو ما يحقق الشمول المالي، فمن المتوقع أن يصل حجم المدفوعات الرقمية في المملكة العربية السعودية إلى أكثر من 43 مليار دولار أمريكي في 2022. ويعكس هذا الرقم الكبير الأهمية المتزايدة للدفع الرقمي والإلكتروني في المملكة والحاجة لتقديم بنية تحتية أفضل للمجال، الأمر الذي يؤكد أن قطاع المدفوعات الرقمية قادر على الربح والمنافسة وأن عمليات الدفع النقدي تتراجع، حيث من المتوقع أن سوق المدفوعات الرقمية سيتجاوز عشرة تريليونات دولار بحلول 2025، مما يؤكد أن النقد الرقمي سيصبح القاعدة العالمية في التداول، خاصة أن القيمة الإجمالية للاقتصاد الرقمي يتوقع لها أن تصل إلى 23 تريليون دولار بحلول 2025 أي ما يقرب من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وبذلك تكون المدفوعات الرقمية البوابة الجديدة للنقد الرقمي حاضراً ومستقبلاً، مثبتة قوتها وصلابتها أمام أكبر الأزمات (أزمة كورونا).