يبدأ الرئيس إيمانويل ماكرون الاثنين جولة إفريقية في وقت تعهدت فرنسا ب»تجديد» شراكاتها العسكرية في القارة لتتمكن من البقاء في المنافسة الاستراتيجية المتزايدة التي تجري هناك بين القوى الكبرى وبينها روسيا. ويلخص ضابط فرنسي متمركز في غرب إفريقيا الوضع بالقول «لم نعد سوى واحدة من (قوى) أخرى» في مجال عرض التعاون العسكري. وبين هذه القوى «الأخرى» تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، وكذلك خصوصا روسيا التي تسعى إلى التفوق على الفرنسيين في مناطق نفوذهم الموروثة عن عهد الاستعمار في إطار استراتيجية تمتد على نطاق عالمي. وسيأخذ الرئيس الفرنسي ذلك في الاعتبار عندما يزور الكاميرون وبنين وغينيا بيساو من 25 إلى 28 يوليو، وقد زار وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو النيجروساحل العاج في منتصف يوليو بعد إعلان رئيس الدولة رغبته في «إعادة التفكير بحلول الخريف في مجمل (الترتيبات العسكرية الفرنسية في) القارة الإفريقية». وبعد طرد فرنسا من مالي من قبل المجلس العسكري الحاكم، ستغادر القوات الفرنسية البلاد بحلول نهاية الصيف بعد تسع سنوات من هيمنتها. وسينخفض حجم وجودها في منطقة الساحل إلى النصف، أي أقل من 2500 عسكري. وستتحول التدخلات العسكرية للقوة الاستعمارية السابقة إلى «قوات أقل ظهورا وأقل انكشافا»، على حد تعبير إيمانويل ماكرون، وخصوصا لتجنب إثارة مشاعر معادية لفرنسا قابلة للانفجار. والرهان على النفوذ في إفريقيا يعد أساسياً بالنسبة لفرنسا، فباريس تريد تجنب التراجع الاستراتيجي أمام خصومها أو منافسيها في هذه القارة التي سيبلغ عدد سكانها 2,5 مليار نسمة في 2050. وقال جنرال فرنسي إن «الروس لديهم أولوية عملياتية حقيقية لاعتراض الفرنسيين في مجال المعلومات في إفريقيا»، مؤكدا أنهم «يمارسون ضغوطًا قوية لمحاولة طردنا (عبر) شبكات التواصل الاجتماعي من خلال فاغنر». وينتشر مرتزقة مجموعة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي بعرض خدمة واضح: أمن مضاد لأي انقلاب ومساعدة قانونية لإبقاء النظام في السلطة مقابل استغلال ثروات معدنية. كما تنشط «مجرة بريغوجين» التي تحمل اسم مؤسس مجموعة فاغنر الروسي. تكتم في الوقت نفسه، تريد باريس الاستمرار في استغلال الموارد الإفريقية ومكافحة انعدام الأمن الذي يغذي الهجرة إلى أوروبا، لكن بتكتم. وأوضح قائد عملية برخان الجنرال لوران ميشون لوكالة الأنباء الفرنسية مؤخرا «نتوجه نحو مزيد من عمليات التعاون الملتزمة بمزيد من الصرامة بطلبات الدول الإفريقية، ستأتي لدعم قواتها وليس كبديل». وتسير المناقشات بشكل جيد لتقييم مطالب الشركاء الذين تريد فرنسا توفير المزيد من المقاعد لضباطهم في مدارسها العسكرية. في منطقة الساحل، وافقت النيجر على الإبقاء على قاعدة جوية فرنسية في نيامي ودعم 250 جنديا لعملياتها العسكرية على الحدود المالية، وستواصل تشاد استضافة قوة فرنسية في نجامينا بينما يأمل الفرنسيون في الإبقاء على كتيبة من القوات الخاصة في واغادوغو ببوركينا فاسو. وفي خليج غينيا يمكن للقوات الفرنسية في ساحل العاج حيث تتعاون فعليا مع الجيش المحلي، أن تؤمن وسائل للمراقبة في شمال البلاد بطلب من أبيدجان. أما بالنسبة لبنين وتوغو، «فهناك طلب لدعم فرنسي في مجال الإسناد الجوي والاستخبارات والتجهيزات»، بحسب الإليزيه. وما زالت غينيا تدرس احتياجاتها لتأمين حدودها مع مالي.