هناك ثمةً اجماع أن وجود الرئيس الأمريكي، جو بايدن؛ وصناع القرار البيت الابيض ، في جدة ، في اول زيارة له للمملكة منذ تقلده منصب الرئيس الامريكي ؛ ، يشكل تطورًا محوريا استراتيجيا في سياسة الادارة الديموقراطية؛ تجاه تعزيز الشراكة مع دول الخليج العربية خصوصا مع انعقاد القمة الخليجية الامريكية اليوم السبت ؛ والذي يعكس إدراك البيت الابيض اهمية تعزيز الشراكة الخليجية الامريكية، وتعظيم المصالح المشتركة، والتعامل بواقعية سياسية مع المتغيرات الجيوستراتيجية في المنطقة .. ولعل إشارة "بايدن" إلى ثمانين عامًا من هذه العلاقة في مقاله الذي نشره "واشنطن بوست" بمناسبة زيارته للمنطقة، يعبر عن إدراكه أهمية هذه العلاقة وقيمتها الاستراتيجية للجانبين، لكن في الوقت نفسه، ينبغي النظر إلى أن هذا التوجه المستجد لدى إدارة "بايدن" إزاء دول الخليج العربي ليس بمعزل عن تطورات ومتغيرات وتحولات كثيرة شهدها العالم، وفي المقدمة منها تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية، التي تسببت في أزمة طاقة حادة في الغرب، وسط مخاوف متعاظمة من أن تؤدي هذه الأزمة إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار ونقص في المواد الغذائية، لا سيما في الدول الأوروبية، وكذلك بسبب وصول محادثات الملف النووي الإيراني . وعليه تحمل زيارة "بايدن" لجهة التوقيت طابع المراجعة والاستدارة السياسية خصوصا ان إدارة "بايدن" رفعت لواء أولوية العودة الى منطقة الشرق الاوسط ومراعاة امنها، وما تتعرض له مخاطر على إيران الطائفية واذرعتها في عدد من دولها. وكما توجهت انظار العالم الى قمة الملك سلمان والرئيس بايدن امس ؛ تتجه ايضا الأنظار للقمة الأمريكية-الخليجية العربية التي تعقد في جدة اليومً، وإلى ما ستفسر عنه من نتائج تشكل من عوامل لعودة الإدارة الأمريكية لاتباع الواقعية السياسية نحو دول الخليج العربي وعموم المنطقة. واكد خبراء خليجيون على وجود إرادة أمريكية-خليجية عربية مشتركة لتطوير العلاقات بينهما، وجعل قمة جدة محطة انتقال مهمة لرسم خارطة طريق لتعزيز هذه العلاقات حتى تكون بمستوى الشراكة الاستراتيجية بينهما الى جانب وجود رغبة خليجية-عربية في ايجاد تصور أمريكي خليجي وعربي مشترك لمواجهة التهديدات الإيرانية لدول المنطقة، والأمر نفسه ينطبق على المحادثات الهادفة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، بحيث لا يحقق هذا الاتفاق -إنْ تم التوصل إليه- أي امتيازات مالية أو أمنية أو سياسية أو عسكرية لإيران، تحفزها أكثر على التدخل في شؤون دول المنطقة وفرض أجندتها الإقليمية. واكد الخبراء الى السعي المشترك الخليجي الامريكي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وفق قرارات الشرعية وانشاء دولة فلسطسينية، و أهمية العمل المشترك لاستمرار الهدنة في اليمن، وصولا إلى الدفع نحو تحقيق الاستقرار والسلام في اليمن الامر الذي يتطلب سياسة أمريكية حازمة تجاه مليشيا "الحوثي" الإرهابية، . وتبقى قضية الطاقة بحسب الخبراء الامريكيين في صُلب اهتمامات إدارة "بايدن"، إلى درجة أن البعض يرى أنها السبب الرئيسي لزيارته إلى المنطقة، و الامال معقودة على القمة الأمريكية-الخليجية +3 ( الاردن ومصر والعراق ؛ ) لجهة تعزيز الثقة،والواقعية السياسية، انطلاقًا من القيم الاستراتيجية لهذه العلاقة للجانبين في المرحلة المقبلة. وياتي انعقاد هذه القمة المشتركة بدعوةمن خادم الحرمين الشريفين ، تأكيدًا على دور المملكة الريادي وثقلها ومكانتها العربية والإسلامية والدولية واستشعارًا لثقلها الاقتصادي العالمي، وانطلاقًا من مسؤوليتها الإقليمية والدولية المترتبة على ذلك، ودورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة.وتأتي تلبية قادة الدول الخليجيج لتؤكد على الرؤية المشتركة لمنطقة يسودها السلام والاستقرار، وأهمية الالتزام بأمن المنطقة والتعاون الدفاعي والأمني وحماية ممرات الملاحة البحرية وفقًا لمبادئ الشرعية الدولية. وتهدف القمة الخليجيةً المشتركة إلى تأكيد الشراكة التاريخية بين هذه الدول، وتعميق التعاون المشترك في مختلف المجالات وأهمية تطوير سبل التعاون والتكامل فيما بين دول القمة، وبناء مشاريع مشتركة تسهم في تحقيق تنمية مستدامة في المنطقة، والتصدي الجماعي للتحديات البيئية، ومواجهة التغير المناخي، بما في ذلك مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر اللتان أعلن عنهما سمو ولي العهد ، وتطوير مصادر متجددة للطاقة، والإشادة باتفاقيات الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون والعراق والتأكيد على أهمية التعاون الوثيق والرؤى المشتركة حيال عدد من القضايا والأوضاع في المنطقة، خصوصا القضية الفلسطينية ودعم حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والإدانة لهجمات الحوثي الإرهابية ضد المدنيين والأعيان ومنشآت الطاقة فضلا عن الترحيب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني ودعم حل تفاوضي بين الحكومة اليمنية والحوثي. والترحيب بالهدنة وتمديدها ىأهمية الالتزام باستمرار دعم الحاجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني. وفيما يتعلق بايران فانه من الاهمية التأكيد على منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ودعوة إيران إلى العودة لالتزاماتها النووية ، والتعاون الكامل مع وكالة الطاقة الذرية، واحترام قواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون الإيجابي مع دول المنطقة والمجتمع الدولي، بما يحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي الى جانب دعم العراق وأمنه واستقراره ورفاهه فضلا عن دعم الحلول السياسية لكافة أزمات المنطقة، وفقًا لقرارات ومبادئ الأممالمتحدة ذات الصلة وأهمية استقرار لبنان واستقلال قراره السياسي و دعم أمن واستقرار أفغانستان وعدم تحولها إلى ملاذ آمن للإرهابيين والمتطرفين. وضمان صول المساعدات الإنسانية، والسعي لحصول كافة أطياف الشعب الأفغاني على الحقوق الأساسية وفرص التعليم. وفيما يتعلث بالأزمة بين روسيا وأوكرانيا ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها وعدم استخدام القوة أو التهديد بهاودعم جهود الوساطة وتشجيع حل الأزمة سياسيًا من خلال المفاوضات، ودعم تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، ودعم جهود ضمان توفر إمدادات الغذاء والطاقة. وإعادة تعزيز مكانة دول مجلس التعاون الخليجي في المنطقة، باعتبارها «رمانة ميزان» منطقة الشرق الأوسط بأكملها.